الثقافي

رواية "زمن الغربان" لجيلالي خلاص.. عندما ينضب النفط في 2070

جرأة في الاستشراف

وقع الكاتب جيلالي خلاص، على روايته الأخيرة “زمن الغربان” الصادرة عن دار القصبة 2018، وتدور أحداثه في سنة 2070، حيث يشهد العالم العربي في هذه الفترة أزمة نهاية البترول ما يسفر عن حرب أهلية في عالم تجاهل التطور والصناعة، من خليجه إلى محيطه، هي ثورة جياع من أناس كانوا في السابق يطلبون الأكل فقط، وحين تشح اللقمة تحدث الحرب الأهلية.

الكاتب جيلالي خلاص قال أن الرواية سياسية خيالية، تدور أحداثها في بلد اسمه بركاسة، عاصمتها بركوسة بين شعب اسمهم البراكسة في دولة بركوكس فكل معالم المكان والزمان هي من وحي الخيال، أما الشخصيات فأوضح الكاتب أن بطلها اسمه “الطيب عامر ويدعو إلى السلم وتغير الأوضاع دون عنف فهو استاذ جامعي، مثقف وكاتب في المقابل هناك جماعة الخبزة التي تتخذ من العنف وسيلة لها ما يخلق صداما، تتأتى بسببه المصائب، حيث تقوم حرب أهلية بين الدكتاتور عبد السلام بولكروش ومتمردي “حركة الخبزة”، بالإضافة نجد شخصية فوسطو ابن الطيب، ذلك العالم الكبير من أم إيطالية، وكذلك القائد اشبوني التاجر الغني الذي سيتولى قيادة أركان جيش “حركة الخبزة“.

شارك الروائي والأديب جيلالي خلاص بآخر أعماله الروائية "زمن الغربان" في الدورة الأخيرة لمعرض الجزائر الدولي للكتاب الأخير وشهد حفل التوقيع حضورا جماهيريا لافتا من قبل عشاق الرواية في الجزائر.

وتدور الرواية حول أحداث سياسية واجتماعية في القارة السمراء، برؤية تخيلية واستشرافية وصفها بعض النقاد "بالجريئة"، لما تضمنته من تكهنات وفرضيات عن حال دول أفريقية من بينها الجزائر بعد نفاد النفط في 2070.

وبرؤية نقدية أيضا، يحاول الأديب نقد واقعه المحلي والإقليمي السياسي والاقتصادي، وكشف "نهايات حتمية ومرعبة" لتجاهل التطور والصناعة والاتكاء على نعمة عائدات النفط، وما ينجر عن ذلك من "ثورة جياع" يقودها المتضررون من وجود النفط ونضوبه.

واعتمد خلاص على شخصيات رسم بها نظرته الاستشرافية في روايته، التي كان بطلها شخص يسمى "الطيب عامر"، وهو أستاذ جامعي ومثقف وكاتب وناشط سياسي يعرف عنه الدعوة إلى تغيير الأوضاع في بلده لكن دون عنف، إضافة إلى شخصيات أخرى سماها "جماعة الخبزة"، وهي جماعة تتخذ من العنف وسيلة للتعبير عن مطالبها.

تدخل أحداث الرواية في حرب أهلية بين دكتاتور اسمه "عبد السلام بولكروش" وبين جماعة متمردة تسمى "حركة الخبزة"، الذين لا فرق بينهم وبين الدكتاتور، إذ تعتبرهم الرواية "انتهازيين مثل الغربان".

وهو ما يقصده الأديب في عنوان روايته "زمن الغربان"، وهو ذلك الزمن الذي لا يوجد فيه أي شيء منطقي، حتى المتمردون على وضعهم الاجتماعي أصبحوا انتهازيين ويبحثون عن مصالحهم الخاصة وليس عن المصلحة العامة، رغم اعتماد الرواية على شخصيات "صالحة" أو "منطقية" أخرى مثل الشجاع والمغامر.

ويتضح من الاسم الذي اختاره الروائي للدكتاتور "بولكروش" أنه اسم مستمد من اللهجة الجزائرية، ويقصد به صاحب البطن الكبيرة، في إشارة إلى أكله مال رعيته وتركهم يموتون جوعا.

الرواية في أحداثها أيضا، مرت على أخطر الأزمات التي يمكن لأي مجتمع أن يعيشها بعد نضوب النفط، وهي الحرب الأهلية التي اندلعت بعدما عرف بـ"مجزرة الكبش" التي قُتل فيها الدكتاتور "عبدالسلام بولكروش" مئات المتظاهرين الذي خرجوا يهتفون بـ"الخبزة" أمام تمثال لكبش.

ومنه قرر المتظاهرون تأسيس "حركة خبزة" التي قررت الدخول في عصيان مدني والتمرد على الدكتاتور "بولكروش"، إلى أن تحولت الحركة إلى تنظيم مسلح تولى القائد "إشبوني" قيادة أركان جيشه في خريف 2072، الذي كان تاجرا غنيا، ويدخل في حرب مع جيش "بولكروش"، ويهزمه في عدة معارك.

رواية "زمن الغربان" لم تكن إلا نظرة صادمة وتشاؤمية لمستقبل فك الأديب جيلالي خلاص غموضه، وكشف خباياه بأسلوب هزلي ها وُلد جيلالي خلاص في الجزائر عام 1952، وهو أحد أشهر الكُتاب والروائيين في موطنه الأصلي، ومن أبرز أسماء الجيل الثاني في القصة القصيرة بالجزائر، كما تقلد مناصب عدة، أهمها مدير مؤسسة النشر الجزائرية، ومن منطلق اطلاعه الواسع على الحركة الثقافية والإبداعية في الجزائر، وإسهاماته الكثيرة التي قدمها خاصة في القصة القصيرة، تم ترجمة عدد من أعماله إلى الإيطالية، والألمانية، والروسية والفرنسية.

وللأديب الجزائري عدد من المجموعات القصصية والروايات وكتب الأطفال، نذكر من بينها "رائحة الكلب"، و"زهور الأزمنة المتوحشة"، و"حمائم الشفق"، و"نهاية المطاف بيدك"، و"قرة العين"، و"خريف رجل المدينة" وغيرها.

مريم. ع

 

من نفس القسم الثقافي