الثقافي

ثلاثة أعوام سورية في ثلاثة إصدارات

يتناول أصحابها، كل واحد من زاوية مختلفة، وضع سوريا الراهن وتاريخها الحديث

أصدرت دار "أكت سود" الباريسية حديثاً ثلاثة كتب بمناسبة مرور ثلاث سنوات على انطلاق الثورة السورية، يتناول أصحابها، كل واحد من زاوية مختلفة، وضع سوريا الراهن وتاريخها الحديث.الكتاب الأول يحمل عنوان "سورية الموعودة" وخطّته الصحافية السورية المقيمة في باريس، هالة قضماني، على شكل رسائل متخيلة تبادلتها عبر الإنترنت مع والدها المتوفى حديثاً، الدبلوماسي السوري ناظم قضماني.

وفي البداية، يتطرق الوالد وابنته في رسائلهما إلى علاقتهما ببلدهما بالتبنّي، فرنسا، في الوقت الذي كان فيه الجدل المسموم حول "الهوية الوطنية" طاغياً. قبل أن تنطلق شرارة الثورات والانتفاضات العربية وتبلغ وطنهما الأم، فتنحرف مراسلتهما في اتجاهين: اتجاه الأحداث الراهنة التي ستضطلع هالة بعملية سردها لوالدها، واتجاه التاريخ الحديث لسورية الذي سيرويه الوالد لابنته من منطلق معايشته، كقومي عروبي، لجميع مراحل هذا التاريخ وتقلّباته.

الكتاب الثاني وضعه الباحث في العلوم السياسية، اللبناني زياد ماجد، تحت عنوان "سوريا، الثورة اليتيمة" (ترجمة فيفي أبو ديب)، ويقدّم فيه قراءة تحليلية عميقة للوضع السوري الراهن في ظروفه المحلية والإقليمية والدولية. وفي هذا السياق، يتوقف عند الأسباب التي تقف خلف تحوّل التظاهرات الشعبية السلمية ضد نظام الأسد إلى مقاومة مسلحة، وعند دور التنظيمات الجهادية القادمة من الخارج في الصراع الدائر، وموقف "الأقليات" الإثنية والدينية من هذا الصراع.

وفي السياق ذاته، يفسّر الباحث لماذا هبّت روسيا وإيران لنجدة نظام الأسد وكيف تمكنتا من تدعيم مواقعه العسكرية والدبلوماسية، في الوقت الذي ما برحت فيه الدول التي قدمّت نفسها تحت اسم "أصدقاء الشعب السوري"، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تراوغ، حتى بعد استخدام السلاح الكيميائي في المناطق التي لا تقع تحت سيطرة الجيش النظامي.

أما الكتاب الثالث فهو رواية وضعتها السورية روزا ياسين حسن تحت عنوان "حرّاس الهواء" (ترجمة إيمانويل فارليه)، وتسرد فيها قصة امرأة تدعى أنات اسماعيل وتعمل في السفارة الكندية في دمشق كمترجمة لممثّل المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، جوناثان غرين. عمل يخفّف من معاناتها الناتجة عن رمي زوجها في السجن لانتمائه إلى منظمة شيوعية محظورة.وبسرعة، يتبيّن لنا أن وضع أنات الصعب ليس فريداً داخل محيطها. فصديقتاها ميّاسة وضحى تعيشان كل واحدة مأساة رهيبة: الأولى لرفضها الارتباط بعلاقة عاطفية بعد اختبارها السجن وافتراقها بسبب ذلك عن حبيبها، والأخرى لعدم ترددها في طلب الطلاق من زوجها بعدما انتظرت سنوات طويلة خبر الإفراج عنه، الذي لم يأت.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الرواية التي صدرت باللغة العربية قبل عامين من اندلاع الحرب في سوريا، هي أحد النصوص الممثلة للأدب السوري الجديد الذي يسعى، بخرقه المحظورات، إلى إحياء ذاكرة عقود ثلاثة من البطش والقمع.

 

من نفس القسم الثقافي