الثقافي

زينة عازار.. غيمة في سماء خاوية

في مجموعتها الشعرية الأولى

في مجموعتها الشعرية الأولى "غمية للتّوازن" (دار "مخطوطات" 2014)، تقصد اللبنانية زينة عازار ذلك المكان الذي يُمكن للقارئ فيه مشاهدتها بوضوح، بلغتها الشعرية الناضجة بشكلٍ مبكر، وبصورها التي تبدو معلّقة على جدار واحد، أو على جدران غرفة واحدة، غرفة عزلتها المثمرة.

ولعل هذا ما يفسر عدد صفحات مجموعتها القليل، 66 صفحة، الذي يعكس عملاً دؤوباً في تكثيف النص ومحو ما لا يُعوّل عليه في الشعر، كالشرح والشكوى والخاص. وهو عمل تفتقده عادةً المجموعات الشعرية الأولى التي يكون الشاعر فيها منساقاً بإفراط نحو عاطفته وقلبه، وليس نحو الإبداع الصرف.شعر عازار منزلي، إذا جاز التعبير. شعر تتم تربيته مثلما نطعم قطة صغيرة، قطة ترافق وحدتنا داخل الزمن السائل؛ حيث الحياة التي تجري في الخارج تتقلّص على الدوام و"ببطء تجعلك تضيق في اتساع بلا جدوى"؛ حيث "الخريف يتسلّل في الممشى بين القفص والسماء"؛ وحيث الحياة ثقيلة على خفّة وهشاشة الكائن الذي كتب عليه عيشها: "تفتحُ بابك على أرض ثقيلة (...) وتترك كل شيء".تتداخل أوصاف المرأة والرجل في قصائد عازار لدرجة اختلاط الأمور علينا. هناك لعب على الضمائر بخفّة، كما لو أن شيئاً لا يتغيّر، مهما تغيّر الأشخاص، أو مهما تبدّلت المصائر والأماكن.

لا توجد عناوين للنصوص المنشورة في المجموعة، بل أرقام تصل إلى 53. لا داعي للعناوين، مادام النص نفسه، تتم كتابته عشرات المرات، لكن في كلّ مرة بشكل مختلف. ويذكّرنا هذا بتجربة الشاعر اللبناني الراحل بسام حجّار. "اليد التي تعود دائماً فارغة". إنها يد مشابهة لتلك التي تكتب هذه النصوص المرقّمة فحسب. نصوص يأتي جميعها تحت عنوان واحد، هو حاجتها: غيمة للتّوازن؛ طالما أنّها "تتحسّس سماء عديمة المعنى".

 

من نفس القسم الثقافي