الثقافي
"عبدالله": منسيُّ في فيلق الرّماة التونسيين
لم تكن تونس طرفاً فيها، ولكن وقوعها تحت استعمار فرنسا
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 11 نوفمبر 2018
غطت نهايات الحروب ونتائجها على يوميات المعارك وتفاصيل الحياة اليومية. مثلاً، حين نذكر الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918) لن نتذكّر سوى أسماء الدول المتحاربة كألمانيا وروسيا وفرنسا وبريطانيا، وهو ما يخفي البعد الدولي للحرب، ومن جرى الإلقاء بهم في خطوط النار."فيلق الرماة التونسيين" كان أحد المشاركين في هذه الحرب. طبعاً، لم تكن تونس طرفاً فيها، ولكن وقوعها تحت استعمار فرنسا، جعل قيادات هذه الأخيرة تأخذ تونسيين لدعم قدراتها الحربية.
غالباً ما جرى اختطاف هؤلاء من قراهم، ومن ثمّ تدريبهم وضمهم للجيش الفرنسي في حروب الحرب العالمية، في جبهات أوروبا. قلما جرت إضاءة هذا التاريخ؛ حيث أنه من الجانب الفرنسي يفتح على خدش في الضمير وعلى اعتراف بفضل هؤلاء، ومن الجانب التونسي طالما التبس الأمر مع الخيانة الوطنية.
يميل العمل إلى السرد الروائي، حيث يجري إبراز شخصية عبدالله من زاوية إنسانية، بداية من خروجه من وطنه إلى التدريب القاسي الذي خاضه، قبل الدخول في مواجهات كان جنرالات الحرب الفرنسيون يفضّلون عدم إلقاء الجنود الفرنسيين فيها. يروي الكتاب أن هذه الفيالق (التونسية والجزائرية والمغربية والإيفوارية والسنغالية وغيرها) جرى إقحامها في معارك مستحيلة، وحقق بعضها انتصارات لم يتوقعها حتى واضعو الخطة الحربية.
هذه التضحية بالمقاتلين التونسيين التي يضيئها الكتاب، نجد معها إضاءة على الشجاعة التي تحلى بها هؤلاء في ميادين الحرب من خلال تفاصيل المعارك والصعوبات اليومية في مواجهة "العدو" والمناخ.
يعدّد الكتاب الانتصارات التي حقّقها المحاربون التونسيون، كما يشير إلى التكريمات التي منحتها لهم الدولة الفرنسية من أوسمة. ولعل الكتاب بقدر ما يعترف ببطولة الرماة التونسيين، فهو لا يقول أن فيهم من قتل وأصيب في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.