الثقافي

جلال أمين.. رحيل صاحب "ماذا حدث للمصريين"

يجمع بين العمق في التحليل والسخرية من الواقع

بأعمال بارزة مثل "ماذا حدث للمصريين" و"قصة الاقتصاد المصري" و"عولمة القهر" و"ماذا حدث للثورة المصرية"، حاز الكاتب الكاتب والأكاديمي المصري، جلال أمين (1935-2018) الذي رحل عن عالمنا اليوم شعبية قلما حظي بها المتخصّصون في الاقتصاد.

ربما يعود ذلك بالأساس إلى أسلوب مبسّط، يجمع بين العمق في التحليل والسخرية من الواقع، فلا تتحوّل الأفكار والنظريات إلى هدف في حدّ ذاتها بل مجرّد معابر لفهم الواقع وعرضه للناس ببساطة.

ربما استفاد أمين كثيراً في مؤلفاته من كتابة المقالة، بما تتيحه من صقل للقدرة التواصلية لدى الكتّاب. كثيراً ما اهتمّ بمواضيع تمسّ القرّاء بشكل مباشر مثل استقلال الإرادة الوطنية، ورفض التبعية الأجنبية، وإعادة بناء الاقتصاد انتصاراً للطبقات المستضعفة، ورفض الرجعية.

ورغم انتماء أمين لليسار إذ كان معارضاً لفترة طويلة من عمره، إلا أنه بدا وقد غيّر وجهته فجأة ما بعد 2011، خصوصاً حين دعم الانقلاب في 2013، معلناً دعمه لعبد الفتاح السيسي، وهو ما يتناقض إلى حد كبير مع مواقفه الداعية للديمقراطية كنظام حكم منذ زمن أنور السادات، وقد كان أحد أبرز وجوه المعارضة المصرية في عصر حسني مبارك، وضمن ذلك الإطار وضع كتابه الأبرز "ماذا حدث للمصريين"، ثم كان داعماً لـ"ثورة 25 يناير" على عكس الكثير من المثقفين والأكاديميين.

ولد أمين في أسرة ذات مكانة ثقافية في النصف الأول من القرن العشرين، إذ كان والده المؤرّخ والكاتب أحمد أمين (1886-1954). درس الحقوق في مصر وفي بريطانيا وانفتح تدريجياً على علم الاقتصاد الذي تخصّص فيه لاحقاً، وتقلّد ضمنه مناصب أكاديمية وإدراية عدة وهو منذ 1979 أستاذ اقتصاد في الجامعة الأميركية بالقاهرة.

لعل أبرز ما ميّز أمين هو قدرته على الجمع بين روافد عدة في مؤلفاته، ففي كتابه "وصف مصر في نهاية القرن العشرين"، يقدّم تصويراً لما آل إليه المجتمع في مجالات عدة مثل الاقتصاد والسياسة والثقافة والإعلام، وهو عمل يمكن يبدو تواصلاً لكتابه "ماذا حدث للمصريين؟" والذي يتعمّق به في شرح ميكانزمات التغيّر الاجتماعي والثقافي في الفترة الممتدة من 1945 إلى 1995.

على المستوى السياسي، بدا العمل مثل شهادة ضد السياسات المصرية منذ عصر الملكية إلى زمن حسني مبارك، وكثيراً ما اعتبره مثقفون من بين أكثر الأعمال تأثيراً في الوعي الجمعي المصري ومن التمهيدات النظرية لـ "ثورة 25 يناير".

 

من نفس القسم الثقافي