الثقافي

"المُخلِص دوماً، فنسنت": عودة الهولندي الأحمر

على الرفّ

مع الذكرى الثامنة والعشرين بعد المئة على وفاة فنسنت فان غوخ في 29 تمّوز/ يوليو 1890، تكون قد مرّت قرابة ستّة أشهر على صدور كتاب "المُخلِص دوماً، فنسنت… الجواهر من رسائل فان غوخ" من تحرير ياسر عبد اللطيف.

وقد تزامن العمل، الذي صدر عن "دار الكتب خان"، مع العرض القاهري الأول، في "سينما زاوية"، للفيلم الإنكليزي/ البولندي "المحبّ فنسنت" (2017)، الذي أخرجه كلّ من دوروتا كوبيلا وهيو ويلتشمان. ربما لذلك يملأ اسم فان غوخ وصورُه الصحف المصرية على نحوٍ غير مسبوق هذه الأيام، الأمر الذي يُشعِر بعضَنا بما يشبه انفضاح السر، وكأن شيئاً خاصّاً وخفيّاً ينكشّف فجأة للعيان.

أتذكّر الكتاب الصغير ذا الغلاف الورقي الأبيض يتوسّطه "بورتريه ساعي البريد جوزيف رولان" (1888). أتذكّر وجه محرّره الإنكليزي مارك روسكيل يشغل صفحة كاملة بالأبيض والأسود. قبل أن أُتمّ العشرين، بدت لي ملامح روسكيل البارزة دليلاً إضافياً على مأزق الوجود.الآن هناك نسخة عربية لـ"الرسائل الضرورية" (متحف فان غوخ، 2014) وهي الإصدار المختصر للرسائل الكاملة، تتضمّن 265 من أصل 903 رسائل. أعدّها محرّرو الرسائل ليو يانسن وهانز لويتن ونيينكه باكر، ثم ترجمها عن الإنكليزية ياسر عبد اللطيف ومحمد مجدي (هيرمس)، لتنشره كرم يوسف صاحبة مكتبة ودار "الكتب خان". حين رأيت المجلّد للمرة الأولى أعجبتني جودة الطباعة وفصل الألوان بالفعل. لكن ما لفتني هو أن العمل مهدى إلى روح اثنَين أحدهما علاء الديب.

وعلى النقيض منذ ذلك، ثمّة في الرسائل شحنة قوية من دراما حياة "الهولندي الأحمر" كما سماه ياسر عبد اللطيف ذات شطحة قبل سنين من ترجمة الرسائل. وهي قوّة أدبية يشهد الفيلم، رغم جماله البصري، على لا جدوى "مسرحتها" عبر اللوحات.ربما لذلك، حضر فان غوخ بالأكثر لقوّة كتابته، بالذات في نص شاعرَين أحدهما محرّر له شعبية كبيرة في الأوساط الثقافية. لكن قد يكون هناك سبب بسيط لكثرة الكلام عن الكتاب في مقابل الكلام عن الفيلم، وإن عكس اهتمام المتكلّمين برسائل فان غوخ الأصلية في مقابل لوحاته المحرّكة.لقد عُرض الكتاب للبيع بـ 1200 جنيه مصري (ما يعادل 67 دولاراً أميركياً، في حين أن سعر النسخة الإنكليزية 45 دولاراً). ولم يكف السجال حول خرافية هذا المبلغ بالنسبة إلى الغالبية العظمى من قرّائه المرجّحين.

والواقع أن هؤلاء القرّاء نادراً ما يشترون كتباً على أي حال، حيث يلجأون إلى نسخ "بي دي إف" مقرصنة عادة ما تتوفّر على الإنترنت. والواقع أن "المخلص دوماً" متوفّر للتحميل مجّاناً عملياً منذ صدوره، الأمر الذي ما كان فان غوخ نفسه ليعترض عليه على الإطلاق.

 

من نفس القسم الثقافي