الثقافي
"تلويحة لأحلام ناجية".. تسعة شعراء من العراق
على الرفّ
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 23 جولية 2018
خلال سنوات الاحتلال الأميركي للعراق التي سبقها سنوات أخرى من الحصار، ظهرت أصوات شعرية شابة بدأت تتبلور تجربتها وتتشكل وتتضح ملامحها بعد 2003، ولكن هذه الأصوات لم تصل إلى القارئ العربي، وبدا الأمر كما لو أن الاحتلال بنى حاجزاً بين هذا القارئ والكاتب العراقي، أو أن الحصار كان قد ضرب على الثقافة أيضاً.
في محاولة لتقديم صورة واضحة عن هذه التجارب التي أسست لموجة شعرية خاصة بعد هذا التاريخ، صدرت مؤخراً أنطولوجيا جديدة تحت عنوان "تلويحة لأحلام ناجية" عن دار "الرافدين" أعدها وقدم لها الشاعر العراقي حسام السراي.
يصف السراي الكتاب بأنه "وثيقة تخلو من التصنّع والفذلكات، نتركها للتاريخ، قبل أن تضيع الحقائق ويعتّم وهج مواقع التواصل وما فيه من افتعال وادعاء على الشغل التأسيسي في مرحلة ما بعد نيسان 2003، أعني الأسماء التي تقدّمت إلى المشهد بقصائدها وتطلعها المُعبر عنه في أكثر من شكل، من الذين حلقوا من فوق خرائب كلّ هذه المراحل والمعالم الكارثيّة، الاجتياح الأميركي، والعنف الطائفي، وأصوات الانفجارات، والمدن المسوّرة بالكونكريت الخانق، وأحزاب الفتن والحصص".
ضمّت الأنطولوجيا شهادات شخصية لكل شاعر مشارك، إلى جانب مختارات من قصائده، وحضر فيها كل من: زاهر موسى، وصادق مجبل، وصفاء خلف، وعلي محمود خضيّر، وعمر الجفال، ومؤيد الخفاجي، ميثم الحربي، إلى جانب السراي، وقد حضر الفنان العراقي ضياء العزاوي من خلال لوحة الغلاف إلى جانب مجموعة من الأعمال داخل الكتاب.
ظهرت هذه الأسماء في مرحلة معقدة من النواحي السياسية والثقافية والاجتماعية، عرفت سنوات الاجتياج الأميركي والعنف الأهلي في 2006 و2007 وتشكلت تجربتها في هذه الظروف، واجتمعت أكثر من مرة في ملفات شعرية في صحف عراقية وعربية، مثل ملحق ورق في صحيفة "المدى"، وصحيفتي "السفير" و"النهار" اللبنانيتين.
يحتوي الكتاب على شهادة لكلّ شاعر فيها رؤيته لمعنى أنْ يكون الفرد شاعراً في بلد مثل العراق، وفي فترة محتدمة بعد نيسان 2003، ومن ثمّ قصائد مختارة لكلّ اسم من الشعراء التسعة، فيما سعت مقدمة الكتاب لتوثيق شغل هذه الجماعة استناداً لظهورها ونشرها للقصائد بين 2003 و2006، وتناولت المقدمة جوانب فنيّة بإبراز ميزات هذا الشغل عن غيره حتّى بين شعراء الأنطولوجيا أنفسهم، من خلال نماذج من نصوصهم التي نشرت ما بين 2003 و2018.
وحول غياب وجود أي شاعرة بين هذه الأصوات، يبين السراي في مقدمة الكتاب "نحن نتحدّث عن رؤية التقى عند مدارها جمع من الشعراء، لم يكن بينهم شاعرة، هذا جوابنا ببساطة، ولو كانت هناك من تتفق والشغل الذي ظهر لهؤلاء، منشوراً في الصحافة أو في كتب، لكانت قد أخذت محلها في هذه الصفحات".
وعن خيار الأنطولوجيا في أن تضم تسعة شعراء فقط، يوضح السراي إنها أسماء "قدّمت وتقدّم قصيدتها خالصة من دون تأثيرات أخرى، والتي نعني -أي التأثيرات- استثمار ما هو اجتماعي من دبج مديح مجاني وكسب ودّ عدد من النقّاد والأسماء المعروفة للبقاء في الساحة وتصدير الذات في كلّ حدث، وفق منطق تخادمي نوّهنا عنه أعلاه، وهذا ما وقع في فخّه بعض الشعراء وسيلة منهم لاثبات الاسم الذي تقدّم في الغالب على النصّ وقيمته.
يلفت معد الأنطولوجيا إلى أن "هذه الأسماء لا تكتب "قصيدة إعلامية"، صيغت لتراعي أذواق الجمهور أولاً، من الذين تلهمهم القفشة أو المفارقة المفرّغة من البناء في مساحة نفعية صرف ميدانها الفيسبوك تحديداً".