الثقافي

صافية كتّو.. استعادة قيثارة مفقودة

تركت أيضا مجموعةً قصصية للأطفال ونصّاً مسرحياً بعنوان "أسما" وآخر روائياً لم تُكمله

لم تترك الشاعرة الجزائرية، صافية كتّو (1944 -1989)، سوى مجموعةٍ شعرية يتيمة بعنوان "صديقتي القيثارة"، كتبَتها باللغة الفرنسية وصدرت عن "دار نعمان" في كندا عام 1979. ورغم أن العمل استُقبل بحفاوة، ورأى كثيرون أنه يُبشّر بصوتٍ شعري قويٍّ ومختلف، لم يُعَد طبعه في الجزائر، ولم تُترجَم منه غير قصائد متفرّقة نُشرت في بعض الصحف والمجلّات الجزائرية.

هكذا، لم تتبقّ من المجموعة سوى نسخ قليلة ونادرة، وهو ما ينطبقُ، أيضاً، على مجموعتها القصصية "الكوكب البنفسجي"، التي صدرت عن الدار نفسها عام 1983.

لعلّ ذلك يعكس مدى اللا اهتمام بواحدةٍ ممّن أسّسن للكتابة النسوية في البلاد، رغم تجربتها الكتابية القصيرة؛ هي التي أنهت حياتها، بشكل تراجيدي، في شتاء العام 1989، في خضمّ تحوّلات اجتماعيةٍ وسياسية عميقة كانت تعيشها الجزائر، أفضت إلى أزمةٍ أعمق سُمّيت "العشرية السوداء".

سيكون علينا انتظار قرابة أربعين سنةً لنرى المجموعة وقد نُقلت كاملةً إلى العربية وطُبعت في بلد الشاعرة الأم، لأوّل مرة؛ حيث صدرت أخيراً عن "دار الوطن اليوم"، بترجمة أنجزها الكاتب بوداود عميّر.

يعتقد عميّر أن ابنة مدينة العين الصفراء، في الجنوب الغربي الجزائري، تعرّضت إلى إقصاء وتهميش، كما لم تتعرّض لهما أيّةُ شخصيةٍ ثقافية جزائرية أُخرى. يقول: "في حالتها، لم يكُن مصدرُ الإقصاء هو المؤسّسة الثقافية فحسب، بل أسرة الشاعرة وقبيلتها ومسقط رأسها، والشعراء أيضاً".

يُضيف، في حديثه إلى "العربي الجديد": "في مقابل ذلك، كانت ثمّة بعض المبادرات الفردية المحتشمة التي سعى فيها شبابٌ من الجيل الجديد إلى نفض الغبار عن ذاكرة كتّو وإعادة الاعتبار لها؛ حيثُ أسسوا جمعيةً ثقافية تحمل اسمها، وكتبوا عنها مقالات صحافية. كما حاول بعضهم إطلاق اسمها على مؤسّسةٍ ثقافية في مدينتها، لكن محاولتهم باءت بالفشل، فاكتفوا بإطلاقه على مكتبتَين صغيرتَين أُسّستا في مقهى ومحطّةٍ للحافلات".

قبل انتقالها إلى الجزائر العاصمة، مطلع السبعينيات من القرن الماضي، اشتغلت كتّو في التعليم بين سنتَي 1962 و1969، وكانت أوّل معلّمةٍ في مسقط رأسها بعد استقلال الجزائر. في العاصمة، عملت صحافية في "وكالة الأنباء الجزائرية" الرسمية، ونشرت نصوصها، بالموازاة، في صحفٍ ومجلّاتٍ تصدر باللغة الفرنسية.

إلى جانب مجموعتَيها الشعرية والقصصية، كتبت زهرة رابحي، وهو اسمُها الحقيقي، مجموعةً قصصية للأطفال بعنوان "زهرة الرمال"، ونصّاً مسرحياً بعنوان "أسما"، وآخر روائياً لم تُكمله، ويبدو أن أُسرتها تتحفّظ عليه وترفض الكشف عنه، إضافةً إلى نصوصٍ متفرّقة نشرتها في الصحف والمجلّات، لا تزال تنتظرُ من يجمعُها بين دفّتَي كتاب.

الوكالات

 

من نفس القسم الثقافي