الثقافي
نحاتو الجزائر يبحثون عن مكان في سوق الفن
عرض المنحوتات في الفضاء العام لترقية الذوق
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 11 ماي 2018
يتفق أغلب الفنانين النحاتين في الجزائر أن المنحوتات "غريبة على المتلقي والجمهور الجزائري", وأن "فن النحت بلا سوق وجامعين" فهو برأيهم "غائب عن الفضاء العمومي" من الساحات والحدائق إلى الجامعات والمدارس وحتى البيوت, ولا يعزى الأمر "لوازع ديني" بقدر ما يعود إلى "غياب تقليد اقتناء وجمع المنحوتات لدى جامعي المقتنيات الفنية" حسب بعض النحاتين المشاركين في معرض ربيع الفنون المقام حاليا بقصر الثقافة مفدي زكريا.
يسجل النحاتون حضورا ضئيلا في الفعالية الأولى من نوعها, حيث لا يتجاوز عددهم عشرة نحاتين يشتغلون على مختلف المواد من حديد وبرونز ونحاس وخشب, ليعرضوا أعمالهم أمام الجمهور والمهتمين بعد أن ظلت حبيسة ورشاتهم أو بيوتهم.
تتعدد تقنيات وأساليب النحت التي يمارسها هؤلاء, بين تطويع للمعادن وتشكيلها, وميولاتهم الفنية التي لا تعتمد التماثيل والمجسمات الواقعية بقدر الاتكاء على الرمزية التي تحتمل التأويلات والقراءات ما يجعل أغلبها تنتمي للفن المعاصر.
يعتقد النحات عبد الغني شبوش أن "النخت الجزائري يعيش وضعا خاصا" فهو برايه "معزول مقارنة بباقي الفنون التي لا تعيش وضعا جيدا لكنه افضل من وضع النحت" ويعترف بأن منحوتاته "تشد اليها البعض وتلفت انتباه الجمهور, لكنها لا تباع بسهولة" ويرجع السبب إلى "عدم تعود المقتني الجزائري على المنحوتات".
من جهته النحات رشيد موفق يعتقد ان "جمهور النحت اضيق بكثير من أي جمهور آخر" مضيفا أن "مكانة النحت لا تقاس بالجغرافيا بل بقيمة وبعد الفن" كما أن الجهات الرسمية ما تزال تعتقد بأن النحت فن غربي لا علاقة للمجتمع (الجزائري) به".
ويرى محمد ماسان أن "الجمهور ليس وحده الذي يستهجن النحت أو يجهله, فالقائمين على المتاحف ايضا يجهلونه بل انهم يقتنون أعمال +ساذجة+ على حساب قطع نادرة" ويصرّ أن المشكل الأكبر "ليس فقط عجز النحات على تسويق عمله محليا, بل استحالة بيعه لأعماله في الخارج بسبب النصوص القانونية التي تقف عائقا".
وبخصوص سوق للمنحوتات يعتقد شبوش أنه "ظهر مؤخرا بعض الوعي بالمنحوتات, لكنه لا يصل للحديث عن سوق مكتملة" حيث أن "جل المهتمين ينطلقون من مبدأ التضامن مع الفنان أو الانبهار صدفة بالمنحوتة".
ويشير موفق بكثير من الحسرة إلى بروز "بعض المقاولين الذي ينجزون اعمال فنية يوظفون فيها الفنان الحقيقي ولا ينسبونها إليه" ويضيف "نحن لا نعيش من فننا لأسف, النحت يحتاج فتح الأفق, يجب أن نصدر أعمالنا وهذا الأمر مستحيل حاليا" ويعتقد موفق أنه لو سمح لهم عرض أعمالهم بالخارج فسوف يساهمون في الاقتصاد الوطني "ولو بنسبة يسيرة" لشيوع فن النحت بأوروبا وامريكا.
يصرّ النحاتون أنّ أعمالهم تأخذ أهميتها من كونها "قابلة للعرض في أي مكان", بل هي "تحف لتجميل الفضاء العمومي", فبراي رشيد موفق صاحب عشرات المنحوتات فان "النحت فن للظهور وليس للإخفاء" ويؤيده عبد الغني شبوش الذي يقول أن: "المنحوتات يمكنها أن تغير من جماليات الفضاء العمومي من حدائق وساحات" مذكرا بأن "أغلب الساحات العمومية والحدائق الجزائرية خالية من المنحوتات بينما يجتهد النحات الجزائري ليطور تقنياته ورؤاه".
يتوقف محمد ماسان عند البعد التربوي والتثقيفي للنحت فهو برأيه "سبيل مهم لتلقين التاريخ والحاضر والحلم بمستقبل أفضل", ويعتقد أن العرض العلني للمنحوتات في الشوارع "يمكن أن يساهم في ترقية الذوق العام وتقديم دروس يومية للنشء في مختلف المجالات" مذكرا بأن "الأطفال بصريون أكثر من الكبار والمنحوتات يمكنها أن تستقر في أذهانهم وتثبت رسائلها".
ويضيف ماسان أن القائمين على المنجزات "بوسعهم الاعتناء بالفن والنحت والتخفيف من سطوة الرخام والبلاط والاسمنت" لكنه يتوقف عند "المحيط الفني" الذي يحتاج في رأيه "إلى ترتيب واعتناء ليمنح الفنون كلها مكانتها اللازمة".
هذا ويختتم اليوم معرض ربيع الفنون حيث عرض أزيد من 180 فنانا ما يقارب 500 عملا فنيا أمام الجمهور والمهتمين.
مريم. ع