الثقافي

تتويج فيلم "معركة الجزائر" بالمهرجان الدولي للسينما بالمغرب

للمخرج مالك بن سماعيل

توج الفيلم الوثائقي الطويل "معركة الجزائر، فيلم في التاريخ" للمخرج الجزائري مالك بن سماعيل بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي الأول للسينما والتاريخ بتارودانت (جنوب غرب المغرب) الذي اختتمت فعالياته السبت الماضي وفقا للصحافة المحلية، ويعود بن سماعيل في عمله هذا إلى ظروف إنجاز الفيلم التاريخي "معركة الجزائر" (1966) لمخرجه الإيطالي جيلو بونتيكورفو والذي يعتبر من روائع السينما العالمية.

وسبق لفيلم "معركة الجزائر، فيلم في التاريخ" وأن نافس في 2017 في المسابقة الرسمية للطبعة ال28 لأيام قرطاج السينمائية بتونس، ويهدف المهرجان الدولي للسينما والتاريخ لتارودانت إلى تقديم عروض أفلام تتناول أحداثا وقضايا تاريخية من منظور سينمائي وفقا للصحافة.

وانطلق المخرج مالك بن اسماعيل، في تصوير أحداث فيلمه الوثائقي من لحظة لقاء ياسف سعدي بالمخرج "جيلو بونتيكورفو" في روما سنة 1965، بعد أن طاف عبر عدد من العواصم الأوروبية بحثا عن مخرج لفيلم كان يجول في خاطره منذ أن ألقي عليه القبض في سبتمبر/أيلول سنة 1957، فسُجن، وصدر في حقه حكم بالإعدام، كاد ينفذ لولا مساعي الباحثة الأنتروبولوجية الشهيرة "جيرمين تيلليون". وعبر شهادته في الفيلم، يكشف ياسف سعدي أنه التقى بعدد من السينمائيين الإيطاليين المشهورين حينها على غرار "روبرتو روسيليني"(مخرج الفيلم الشهير "روما مدينة مفتوحة" سنة 1945)، لكنه أبدى رفضا قاطعا للعمل معه.

وتوقف بن اسماعيل، عند الظروف التي أحاطت "بونتيكورفو"، حينما التقى به ياسف سعدي. وكشف أن المخرج الإيطالي كان يستعد للشروع في تصوير فيلم حول مظليي الجنرال "ماسو"، وهم الجنود الفرنسيون المدججون بالسلاح الذين أرسلوا إلى الجزائر لقمع انتفاضة المدينة التي انطلقت في أواخر يناير/كانون الثاني 1957، بعد أن كانت حرب التحرير منتشرة في الأرياف والجبال منذ نوفمبر/تشرين الثاني 1954. وكان "بونتيكورفو"، قد وضع عنوانا لفيلمه، وهو "بارا" (مظلي) بعد الرواج الكبير التي حققته صورة المظلي الفرنسي في أوساط الشباب الإيطالي. ووصل به الأمر إلى التفكير في إسناد دور البطولة للممثل الأميركي الشهير "بول نيومان"، بيد أن لقاءه مع ياسف سعدي، جعله يتخلى عن "بارا".

واستطاع سعدي، أن يقنع "بونتيكورفو" بإخراج الفيلم، وتحويل كتابه الصادر عن منشورات "جوليار" سنة 1962 بعنوان "ذكريات من معركة الجزائر"، لعمل سينمائي. وضمن هذا المنحى كشفت "ريتشي بونتسكورفو" زوجة المخرج الايطالي، أن زوجها الذي ساهم في مقاومة الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية، كان يبدي ميولا للثورة الجزائرية بحكم انتمائه لليسار الإيطالي، وهو ما جعله يبدي رغبة في إخراج الفيلم، بالخصوص بعد أن تلقى ضمانات من قبل ياسف سعدي، الذي وقع له على شيك يتضمن ثمانين في المائة من المبلغ المطلوب لإخراج الفيلم.

وبخصوص تمويل الفيلم الذي بلغ أربعمائة مليون سنتيم، ذكر المناضل حسين زهوان، والمؤرخ محمد حربي، أن الرئيس بن بلة، هو من اتخذ قرار تمويل العمل، فأعطى ياسف سعدي، عبر الخزينة العمومية المبلغ اللازم. وفي هذا السياق، أوضح حربي، أن الظروف السياسية المحيطة بنظام الحكم آنذاك هي التي دفعت بن بلة إلى اتخاذ القرار. فبعد أن عجز عن تعيين ياسف سعدي في منصب سامٍ، بسبب معارضة العقيد بومدين، وجد صيغة أخرى لتقريبه منه، فكان تمويل فيلم "معركة الجزائر".

وبعد حدوث الاتفاق بين ياسف سعدي، باسم شركة "قصبة فيلم"، والمخرج "جيلو بونتيكورفو"، انتقل هذا الأخير إلى الجزائر العاصمة رفقة كاتب السيناريو "فرونكو سوليناس"، وقضيا ثمانية أشهر بين سكان القصبة يحاوران أهلها عن ظروف المعركة التي عرفت مواجهة بين مظليي الجنرال ماسو، وفدائيي المجاهد ياسف سعدي، ضمن ما أصبح يسمى بـ"معركة الجزائر"، سعيا منهما لنقل الوقائع بكثير من الواقعية، من منطلق انتمائهما وتأثرهما بتيار الواقعية، والواقعية الجديدة التي كانت رائجة في السينما الإيطالية منذ الأربعينيات.

مريم. ع

 

من نفس القسم الثقافي