الثقافي
مسرحية "محاكمة" تطرح أسئلة ذوي الاحتياجات الخاصة وهمومهم
أخرجها للركح جمال قرمي
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 16 مارس 2018
قدم نهاية الأسبوع الماضي المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي العرض الشرفي لمسرحية "محاكمة" التي تقترب من عالم المعاقين في يومهم العالمي، مستخدمة أدوات عرض احتفالية وصاخبة أحيانا بممثلين أغلبهم من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة.
استطاعت مسرحية "محاكمة" أن تدمج أفرادا من ذوي الاحتياجات الخاصة ليكونوا جزءا من خطاب نقدي ساخر للنظرة القاصرة نحوهم، وعملوا بجد بشهادة المخرج ليتكونوا ويفهموا أدوارهم ويتجاوبوا معها على الركح، وهي مليئة بالأسئلة الوجودية التي يطرحها المجتمع كلّ مرة، وبالمفارقات التي تسود حياتهم ويومياتهم، وبالسخرية من الواقع.
وراهن المخرج جمال قرمي على جماليات الملاءمة، حيث أخضع العرض لقدرات وفهم الممثلين الذين يقدّمون المسرح كحالة جديدة في حياتهم، في مسعى لتقديم همومهم الحياتية والوجودية على الركح، ونجح قرمي ومساعده عباس محمد إسلام في تقديم خيارات مسرحية تقترب قدر الإمكان من عرض احترافيّ رغم التعامل مع ممثلين من غير المهمومين والمهتمين بالمسرح، ولدى بعضهم تجربة في مسرحية "معاق ولكن" في مناسبة مماثلة سنة 2015 يسعى العرض الذي كتب نصه رزاق محمد نبيل إلى بناء حكاية بسيطة درامية تتأسس على علاقة حب بين شاب مقعد وفتاة سليمة، بينما يعترض والداها على زواج مشابه، رغم أنّ الشاب ناجح وذكي وصادق في حبّه للفتاة.
يختار والد الفتاة زوجا لابنته في جوّ من السخرية المعتمدة، هذا الزوج المأمول يظهر في شكل شاب طائش منعدم الرجولة، إلا أن والده غني، في مفارقة يبيع من خلالها الأب ابنته من أجل المال، بينما يرفض الشاب على الكرسي المتحرك، وليحقق العاشق حلم الارتباط بفتاته يختار أن يجري عملية جراحية بنسبة نجاح ضئيلة يجرب من خلالها الأطباء في أوربا تقنية جديدة، على أمل أن يعود معافى، لكن حبيبته تختار الفرار فتتعرض لحادث سير تفقد من خلاله قدرتها على المشي.
اعتمد العرض على سينوغرافيا واقعية قليلة الرموزي فكانت المناظر مشكلة من صور خلفيات تحاكي الأمكنة، بينما تحيل ألبسة الممثلين على الواقع باستثناء الألبسة التي اختيرت للشخوص الرمزية التي تمثلت في حارسة السجن أو حملة الشموع وهم شخصيات تدور في ذهن البطل المحب، وبنى المخرج العرض على الموسيقى التي ترافق الكثير من اللوحات، من المحكمة إلى الملهى إلى المنزل وحتى الختام، وهو صخب بدلائل التشويش الفكري أحيانا والبهجة أحيانا أخرى، ولكنه الهرب أو الخوف في مواقف أخرى، وقد أنجز موسيقى المسرحية نور شركيت الذي سبق له التعامل مع المخرج قرمي في عرض موجه لذات الفئة.
وفي التفاتة لذوي الاحتياجات الخاصة وعلى وجه الخصوص "الصم البكم" اختار قرمي أن يقحم خبيرا بلغة الحركات موجها لهذه الفئة، ليكون العرض احتفاليا ومختلفا ومتنصلا من التزامات المسرح الكلاسيكية.
فريدة. س