الثقافي

ميهوبي يفتح النار على النخب العربية

شدد على ضرورة أن يواكب الخطاب الثقافي الحراك القائم في المشهد الدولي

يرى وزير الثقافة عز الدين ميهوبي أنّ المشهد الثقافي العربي يتأثر بالأوضاع التي تعيشها الأمة، والدليل على ذلك التحولات السياسية والاجتماعية التي عرفتها الكثير من البلدان العربية في السنوات الأخيرة، ومن هنا فمن الطبيعي أن يواكب الخطاب الثقافي ما يحدث، وأن يجدد أدواته ومفاهيمه، ويطور أداءه، وهذا لا يتأتى إلا بمراجعة جذرية للأسس التي بني عليها.

عز الدين ميهوبي قال في مقابلة مطولة مع اليوم السابع المصري: "ويجدر بالخطاب الثقافي أن يرصد مكامن الداء وأسباب الفشل ويبدأ المثقف بالنقد الذاتي أولا، ذلك أن النخب في أغلب البلدان العربية لم تنجح في تحويل الأفكار والنظريات والخطابات إلى ممارسات تتجسد في الواقع، وتحقق التحول المرغوب، إذ كانت هناك دائما قطيعة بين النظرية والممارسة وهذا ربما بفعل تراكمات تاريخية، ما جعل طروحات الحداثة والعصرنة تفشل أمام جيوش التخلف المنادية بالتقوقع في ماض مقطوع عن سياقه ومحصور فى تصورات بالية لا يمكن أن تشكل أسسا لانطلاقة حقيقية، ربما نختزلها في عجز أجيال متتالية، منذ سقوط غرناطة وما بعدها، عن فك شفرة المستقبل فانكفأت في الماضي تبحث عن حلول مستحيلة في عالم متغير. وما تعيشه الأمة العربية الإسلامية من مخاضات مجهضة، وتقلبات مفاجئة، وتمزقات إيديولوجية وطائفية ودينية، يعكس خيبتنا في تأسيس دولة مدينة، تكفل الحقوق الكاملة للمواطن، وتنبني على أساس المواطنة لا انطلاقا من تصورات بالية انتهت في عرف كل الدول".

وأضاف موضحا: "العودة إلى تأجيج الحساسيات المرتبطة بالقبيلة في بعدها الضيق وسطوة الأحزاب الشمولية التي لا تختلف عن المنطق القبلي، يظهر عدم نجاحنا في بناء خطاب يؤسس لانخراط كامل في موكب التقدم والحضارة، إذ كلما تم التضييق على الحريات والتقوقع في الانتماءات الضيقة كلما اندفعنا إلى التقاتل بشراسة واستخدام سيء لمفاهيم مثل الهوية والدين والانتماء، رغم إدراكنا لخصوصية كثير من المجتمعات التي أخذت مسارات مختلفة في التنمية والتطور".

ولا ريب أن هذه الوضعية الملتبسة أثرت كثيرا في المثقف وأدائه، بل حتى لدى المثقف نجد هذه الحالة الملتبسة التي أوقعت الكثير من النخبة في تسويق خطاب عدائي، أحيانا متواطئ، لكل ما هو جديد أو تحميل خطاباتهم بسموم الهوية والانغلاق، وخدمة أجندات ليست في صالح الشعوب، أو الانمحاء السلبي دون التعبير عن موقف والتزام.

ولفت الوزير إلى ما يجب أن نركز عليه هو ضرورة أن ينتصر المثقف للقيم الإنسانية، ويناضل من أجل تحقيق هذه القيم بعيدًا عن التضييق والإكراه، وهو مُطالب ربما أكثر من الآخرين أن يزرع مفاهيم الحرية والمواطنة والعدالة والاختلاف، والانفتاح على الآخر والتسامح والعيش المشترك، والانتصار للمبادئ التي أجمعت عليها الأمم، والمحاربة من أجل الحق في التقدّم الذي تصادره بعض القوى ذات الفكر الإقصائي المغلق، أو التي تقع تحت وطأة الفكر الظلامي الرافض للحوار.

لكنه عاد ليؤكد أن المثقف العربي قام بهذا الدور لفترات طويلة، لكن كان دائما مواجَها بعراقيل ومتاريس تؤكد صعوبة مهمته، في عالم عربي إسلامي ما زال محكوما بسياجات دوغمائية كثيرة، تبقيه أسير تصورات بالية عن العالم لا تسمح له أن يتقدم، وربّما هذا ما يفسّر هجرة كثير من العقول والنخب إلى الغرب خاصة.

من جهة أخرى، شدد وزير الثقافة على أنه شرف كبير للجزائر أن تكون ضيف شرف معرض القاهرة الدولي للكتاب وهذا يتجاوز كونه رد للجميل من الأشقاء في مصر بعد أن كانت مصر ضيف شرف معرض الجزائر الدولي للكتاب سنة 2016.

وتابع: "لا شك أن هذا النوع من المبادرات هو الكفيل بتقوية الأواصر بين البلدان العربية، والتعريف الأحسن بما تزخر به ثقافة كل بلد، وكما تعلم فإن مكانة مصر متينة في قلوب الجزائريين، إذ تكفي الإشارة إلى التكريم الذي خصّ به السيد رئيس الجمهوريّة عبد العزيز بوتفليقة منذ أيّام الفنان المصري الكبير محمّد فوزي ملحّن النشيد الوطني الجزائرى "قسمًا" بمنحه وسام الاستحقاق الوطني وإطلاق اسمه على المعهد الوطني العالي للموسيقى عرفانا من الشعب الجزائري تجاه هذا الفنان العبقري الذي منح الجزائر ثورة ودولة أجمل وأقوى لحن لنشيد وطني في العالم. كما أن مصر كانت مركز إشعاع ثقافي وأدبي وحضاري طيلة قرون ولا زالت ولا أحد ينكر فضلها على الثقافة العربية.

وأضاف:"ونحن حضّرنا ما يتناسب مع هذه الضيافة الكريمة، إذ ستحضر الجزائر بكتابها المهمّين ومثقّفيها الكبار في هذا المعرض، من خلال المعارض التي تشارك فيها دور النشر الجزائرية المختلفة، والنشاطات التي سنحاول من خلالها أن ننقل بعض ما يميّز الثقافة الجزائرية من غنى وتنوع كي يتعرف أشقاؤنا في مصر على الكثير من الإنجازات والتحولات في حقول الثقافة والتي نعرف أنه بحكم نقص التواصل، وغياب الترويج فإنّ الكثير من المصريين والعرب لا يعرفونه عن الجزائر، كما سنسعى إلى تكريم المثقفين والمفكرين والفنانين المصريين الذين أعطوا للجزائر مكانة خاصة في إبداعاتهم وفي مواقفهم، خاصة من أولئك الروّاد الذين ساندوا الثورة الجزائرية، وساهموا معنا في بناء جزائر ما بعد الاستقلال، والكثير منهم أقام وعمل بالجزائر، كما سنركّز في نشاطاتنا على إضاءة الكثير من الجوانب التي عرفتها العلاقات السياسية والثقافية بين الجزائر ومصر وتجليات هذه العلاقات في كل ما له ارتباط بالإبداع والفن والفكر.

مريم. ع

 

من نفس القسم الثقافي