الثقافي

إصدار جديد حول حماية البيئة في الجزائر

يوصي بإرساء قيم الديمقراطية التشاركية

صدر حديثا عن دار مجدلاوي للنشر والتوزيع بالأردن، كتاب "حماية البيئة في الجزائر– دور الجماعات المحلية والمجتمع المدني" لمؤلفه الدكتور عبد المجيد رمضان، أستاذ باحث بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة ورقلة.

يقع الكتاب في 300 صفحة ويتضمن ثلاثة فصول. يتناول الأول مفاهيم حول البيئة والتلوث، والمنطلق التشريعي للوقاية والتدخل في إطار الحماية الإدارية للبيئة، ووسائل الإدارة العمومية في حماية البيئة. ويتطرق الفصل الثاني إلى صلاحيات هياكل الإدارة البيئية في الجزائر، وتتمثل في الإدارة المركزية، والمصالح غير الممركزة، إلى جانب الإدارة المحلية التي تتجسد في الجماعات المحلية من ولاية وبلدية، التي تعمد إلى توسيع السلطة إلى المجتمع المدني للسماح له بالمشاركة في النقاش العام وفي اتخاذ القرارات المتعلقة بالشأن البيئي، وإرساء قيم الديمقراطية التشاركية.

ويتناول الفصل الثالث من الكتاب دراسة حالة حماية البيئة بمنطقة وادي مزاب بغرداية جنوب الجزائر كنموذج، باعتبارها مصنفة ضمن التراث العالمي وتشهد مشكلات بيئية عميقة تستدعي التوقف عندها لتشخيصها ومعرفة أسباب حدوثها من النواحي التاريخية والجغرافية، وكيفية معالجتها من الجوانب الاجتماعية والإدارية وأيضا السياسية. 

هذا الكتاب- الذي قدمه البروفيسور بوحنية قوي الباحث في قضايا المجتمع المدني- يسهم في التعرف على واقع البيئة بالمدن الجزائرية وأريافها، وفي تحديد مدى وعي الجماعات المحلية والسلطات المحلية بدورها وبمسؤولياتها في معالجة مشكلات البيئة، ومعرفة مهام الجمعيات المحلية ومدى مساهمتها وسعيها إلى البحث عن حلول عملية ميدانية لمشاكل البيئة المتفاقمة بالعديد من المناطق في الجزائر.

ويكتسي موضوع هذا الإصدار أهميته، باعتبار أن البيئة كمفهوم عبر حضاري يتجاوز الأطر الفيزيقية الملموسة ليلامس الخصوصيات الثقافية والحضارية للمنطقة والساكنة والمتساكنين. كما أن البيئة ليست منظورا جامدا، ولكنها بنية متكاملة تشمل الإطار المعماري والهندسي والمناخي والقيمي والثقافي والحضاري، إنها كل متكامل.

كما يتخذ الموضوع مكانته بالنظر إلى اعتبارات سياسية، بعد أن أصبح موضوع حماية البيئة خلال السنوات الأخيرة محورا لاستراتيجية السياسة العالمية والسياسة العامة للجزائر، إلى جانب الاعتبارات الاقتصادية لما أصبحت دول العالم بما فيها الجزائر تنظر إلى مواردها الطبيعية على أنها سلعة اقتصادية قابلة للنضوب، الأمر الذي يدفعها حتما إلى التفكير في استخدام موارد جديدة ومتجددة غير ملوثة للبيئة. كما صارت البيئة قضية تهم البشرية بأسرها، لأن سلامة أفراد المجتمع تتوقف على حماية البيئة، وأن استمرار الحياة على أي بقعة من هذه الأرض رهين بالبيئة السليمة المتوازنة. 

يوصي الكتاب بتوجيه السياسة البيئية في الجزائر نحو حكامة التسيير البيئي المحلي، واستباق التحولات من خلال التخطيط واستشراف المستقبل، وإسناد دور محوري إلى البلدية في حماية البيئة، وتدعيمها بهياكل إدارية وتقنية متخصصة لتفعيل دورها، وتثمين عمليات إنجاز مراكز الطمر التقني وتعميمها على كافة المناطق الحضرية، وتطوير برامج التوعية والتربية البيئية في مؤسسات التنشئة الاجتماعية، ومنح دور أكبر للجمعيات في حماية البيئة. 

ويعتبر مؤلف الكتاب في الختام، أن حماية البيئة وترقيتها هو عمل حضاري، يتعين على الإدارة المحلية ترتيبه ضمن أولويات خططها وبرامجها، مع ضرورة وضع رؤية مستقبلية شاملة نحو الأخذ بعين الاعتبار البعد البيئي في جميع النشاطات المحلية، وتعبئة جميع الفاعلين المحليين المعنيين، متبعة في ذلك أساليب الديمقراطية التشاركية التي تكفل المساواة الاجتماعية وتضمن تطورا اقتصاديا مستداما.

ف. س

 

من نفس القسم الثقافي