الثقافي

"صمود العقل".. حين سرقت النيوليبرالية التاريخ

على الرفّ

يذكرنا الفصل الأول من كتاب سوزان نايمن، "صمود العقل"، الصادر مؤخراً عن دار إيكوين، ببعض ما كتبته الفيلسوفة الألمانية حنة آرندت في كتابها "الحقيقة والكذب في السياسة"، والذي تتعرّض فيه لدور الكذب في نظام ديمقراطي مثل النظام الأميركي، وخصوصاً ما يتعلق بكل تلك الأكاذيب التي روّجتها الإدارات الأميركية خلال حرب فيتنام، مؤكدة أن الحقيقة لا تحظى بمكانة جيدة في السياسة، وهي تقول: "يبدو أن الكذب ليس فقط من أدوات الديماغوجي، بل السياسي أيضاً ورجل الدولة".

من يقرأ كتاب سوزان نايمن (1955)، لن يستطيع سوى أن يقف على أوجه التشابه الكبيرة بين الأمس والبارحة، بين من خاضوا حرب فيتنام ومن خاضوا حرب العراق، ومن يهددون اليوم بخوض حروب جديدة. فلن تعدمهم كذبة جديدة. تذكرنا نايمن ببعض الأكاذيب التي رافقت الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، ومنها تلك التي عبر عنها بنفسه، باعتباره زعيماً لحركة Birther حول باراك أوباما ومن أنه لم يولد في الولايات المتحدة الأميركية.

وتذكرنا المفكرة الأميركية ـ الألمانية أيضاً بالدمار الذي خلفته تلك الأكاذيب التي راجت حول صدام حسين وامتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، والتي تم ترويجها في الصحافة الأميركية من دون التأكد من صحتها. متسائلة: هل كان يمكن لداعش أن يظهر إلى الوجود لولا الغزو الأميركي للعراق؟

تعود سوزان نايمن في "صمود العقل"، لتضرب مثلاً من التاريخ الحديث، يتمثل في صعود الحزب النازي إلى سدة الحكم في ألمانيا. فهناك من يعتقد بأن النازية شكّلت انتقام الدهماء من نخبة فايمار، لكن العارفين بالتاريخ يدركون أن العديد من الأكاديميين الألمان انضموا إلى الحزب النازي، وبعضهم فعل ذلك لأنه اعتقد أن ألمانيا النازية ستكون حصناً منيعاً أمام البلشفية الروسية من جهة والنفعية الأنغلوساكسونية من جهة ثانية، ولربما يذكرنا "خطاب الجامعة" لهايدغر بهذا الأمر أكثر من غيره، وهو يعيد كتابة "كفاحي" برطانته الفلسفية، كما أوضح جاك دريدا في "سياسات الصداقة".

الوكالات

 

من نفس القسم الثقافي