الثقافي

"ضجيج الزمن": موسيقى شوستاكوفيتش وصناديقه الثلاثة

على الرفّ

في رواية بعنوان "ضجيج الزمن" (2016)، صدرت ترجمتها الإيطالية مؤخراً عن دار "إيناودي"، يتطرّق الكاتب الإنكليزي جوليان بارنز (1946) إلى قضية الاستبداد.

المشهد الذي يُشكّل خلفية رواية بارنز قاتمٌ، فيما تجري الأحداث في أحد أيام أيار/ مايو في موسكو أثناء الحقبة التي بدأ فيها ستالين إجراء عمليات تطهير شاملة للبيت السوفييتي حديث التأسيس. حكاية رجل (الموسيقي ديمتري شوستاكوفيتش) قلبُه مُثقل بالقلق والتوجّس، يقضي الليل أمام باب شقّته بجانب المصعد. ومثل كل الموسكوفيين المهدّدين بمصائب تلك الحقبة، يملك بحوزته حقيبة صغيرة تضمّ بعض الألبسة والمستلزمات، ويدخّن لفافة تبغ تلو الأخرى بانتظار وصول جلاديه.

كانت الشرطة السرّية آنذاك، تحضر أثناء الليل، والناس كانوا يردّدون حكاية مفادها أن من يقبض عليه في سريره لا يعود أبداً، بينما من يستقبلهم جاهزاً لكي يُساق كالحَمل، كان يملك حظاً أوفر للعودة إلى البيت ولو بعد سنوات طويلة.

يقول الكاتب الإنكليزي في مقابلة مع صحيفة "كورييري ديللا سيرا" الإيطالية: "إنه منظر استثنائي ذلك الذي يتعلق بشوستاكوفيتش حيث بقي ينتظر وصول الشرطة السرّية لعشر ليال متواصلة بجانب المصعد، بينما زوجته الحبلى تنام في سريره. عندما أخبرتُ سيمون راتل، وهو قائد أوركسترا معروف، أنني بصدد كتابة رواية عن ديمتري شوستاكوفيتش، كان أول شيء قاله لي: منظره وهو ينتظر بجانب المصعد، أليس كذلك؟".

تذكّر الرواية الجديدة برواية بارنز "ببغاء فلوبير"، التي صدرت عام 1984 وحقّق معها نجاحاً في المبيعات، حيث يتميّز العملان بالبرودة وبسخرية يسبر من خلالها الكاتب الجوانب المظلمة في الطبيعة الإنسانية، كالمشاعر التي لا يمكن البوح بها: الأفعال الدنيئة، الغيرة، جنون العظمة، التفاهة، الخوف من الموت، خيانة الصداقة والحبّ. بهذا الصدد، يمكن القول إن بارنز هو الكاتب المناسب لترجمة مأساة شوستاكوفيتش، عبقري الموسيقى الذي تحطّم على يد ستالين ووافق على تسويات مهينة مع السلطة.

الوكالات

 

من نفس القسم الثقافي