الثقافي
الباحثة فضيلة يحياوي تسلط الضوء على الكتاب الجزائريون إبان ثورة التحرير
في كتابها الصادر حديثا
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 16 أوت 2017
يكشف كتاب "الرواية والمجتمع الكولونيالي في جزائر ما بين الحربين" الذي ألّفته بالفرنسية الناقدة فضيلة يحياوي، ملامح ومظاهر المجتمع الكولونيالي من خلال كتابات المؤلفين الكولونياليين، مع تسجيل ملاحظاتهم ومواقفهم وتحليلاتهم عن هذا المجتمع، وقد صدرت مؤخرا ترجمته العربية بترجمة عبدالحميد سرحان عن المجلس الأعلى للُّغة العربية بالجزائر.
وتؤكد المؤلفة في كتابها أنّ اهتمام الكتّاب الكولونياليين كان منصبّا على المستعمرين الأوروبيين دون سواهم، حيث لم يكن الجزائريون وثقافتهم يستحقُّون الاهتمام إلا بالقدر الذي يحطُّ من قيمتهم، ويزيد من تهميشهم، كما لم تكن الثقافة الفرنسية متمّمة ومساعدة للثقافة الجزائرية على التطور، بل كانت تعمل على طمس هوية البلد تمهيدا لإلحاقه بما يسمى "الوطن الأم"، من جهة، وخلق جدار متين وهوة عميقة بين الجماعة الأوروبية والجماعة العربية في جميع الميادين، من جهة أخرى.
كما لم يكن الكتّاب الكولونياليون يتمسّكون بالإنسانية ولا بالموضوعية تجاه الأهالي، إلا بالقدر الذي يخدمون به مصالح فرنسا. ومن أجل توضيح هذه الجوانب، تلجأ يحياوي إلى الآداب الكولونيالية كشاهد وكوثيقة، وتحاول الغوص في الكثير من المعطيات التاريخية لتلك الفترة لتضع القارئ أمام حقيقة وجود طائفتين اجتماعيتين تتجاوران وتنفصلان عن بعضهما البعض من حيث الماضي والأصل والثقافة، والقاسم المشترك الوحيد بينهما هو علاقة السيطرة كما كان يريدها العقد الكولونيالي الذي عمل على الإبقاء على أساليب العبودية والهيمنة والقهر من خلال قواعد اقتصادية وبنيات ثقافية ودينية جائرة، الأمر الذي أفرز طبقة من المثقفين الجزائريين الذين عملوا على استرجاع تاريخهم وماضيهم من خلال مواجهة أطروحات الكتّاب الكولونياليين ونظرياتهم، لا سيما نظرية "إفريقيا اللاتينية" لبيرتراند.
وكان على رأس قائمة المثقفين الجزائريين عبدالحميد بن باديس، ومبارك الميلي، وتوفيق المدني، وغيرهم كثير ممّن عملوا على إبراز أصالة الجزائر وترسيخها لدى الشباب الجزائري، وهذا ما أدّى إلى الصحوة الكبيرة التي أنهت حقبة الاستعمار الفرنسي، وحققت الاستقلال بعد حرب التحرير الوطنية.
مريم. ع