الثقافي

الجزائر حاضرة في مهرجان بخريبكة للسينما الإفريقية بالمغرب

من خلال الفيلم الروائي الطويل "غود لاك ألجيريا"

ينافس الفيلم الروائي الطويل "غود لاك ألجيريا "  )حظ سعيد الجزائر) للمخرج فريد ين تومي في المسابقة الرسمية للدورة الـ 20 لمهرجان خريبقة للسينما  الإفريقية بالمغرب التي تعقد فعالياتها من 9 إلى 16 سبتمبر المقبل وفقا للمنظمين.

ويحكي فيلم بن تومي -الذي خرج للصالات في 2016- في قالب فكاهي ساخر قصة  حقيقية لفرنسي من أصول جزائرية ترشح بأعجوبة للألعاب الأولمبية الشتوية ممثلا للجزائر رغم  أنه لا يمتلك لا المهارة ولا التأطير ولا جواز السفر الجزائري هذا بالإضافة إلى كبره في السن.

وكان هذا العمل قد حاز في 2016 جائزة لجنة التحكيم الخاصة في الطبعة ال32  لمهرجان سينما بلدان البحر المتوسط بالإسكندرية بمصر بالإضافة إلى جائزة الجمهور في الدورة ال27 لمهرجان  فاماك للفيلم العربي بفرنسا.

ويتنافس هذا الفيلم مع أعمال أخرى من عدة بلدان بينها تونس ومصر وغانا  وبوركينافاسو وجنوب إفريقيا.

وسيعقد على هامش المهرجان ملتقى تحت عنوان "الهوية في السينما الإفريقية"  بحضور نقاد وجامعيين وخبراء سينمائيين من القارة الإفريقية، ويهدف مهرجان خريبقة للسينما الإفريقية -الذي تأسس في 1977 من طرف مؤسسة بنفس  الإسم- إلى ترقية وإبراز الإنتاجات السينمائية الإفريقية كما أنه فضاء للتبادل والنقاش حول الفن  السابع في القارة الإفريقية.

ويروي المخرج فريد بن تومي في فيلمه "حظ سعيد الجزائر" قصة شقيقه نور الدين بن تومي، الذي مثّل الجزائر في الألعاب الأولمبية الشتوية 2006 في رياضة التزلج للمسافات الطويلة، حيث تدور أحداث الفيلم في قالب كوميدي ودرامي وكذلك رياضي، وقد واجه المخرج هذه التحديات وتعقيدات كثيرة في هذا الفيلم، وبحسب تصريحاته فقد كتب النص عن قصة واقعية والعمل جمع بين الكوميدي والدرامي والرياضي، وبذل طاقة ومجهودات كثيرة ليصل لهذه النهاية.

هذا الفيلم يحوي الكثير من الأفكار والعناصر والقضايا ويحسب للمخرج فعلا الخروج بهذه النتائج وبالتأكيد كانت هناك قضايا بحاجة للضغط عليها أكثر، فمثلا الأب المغترب في فرنسا كان يأمل أن يتم دفنه في مسقط رأسه بعد موته ولمسنا معارضة ابنته لهذا الحلم الأخير بدعوى أنه مكلف ولذلك أخذت موعد مع الجهة المختصة بالمدينة لتحجز له قبرا، حلم الأب تم التعامل معه بطريقة حسابات مادية بالرغم أنه أمنية ليس كضرورة دينية ولكن القضية أكبر من الديني، فعودة المرء إلى حضن الوطن حيا أو ميتا هذا الحلم طبيعي وروحاني تراود أي مغترب وهو ليس ترفا ولا تخاريف العجزة.

يضحي الأب بكل ما يملك وخاصة أرضه في الجزائر كي يتحقق حلم ولده ويتمكن من الوصول إلى الألعاب الأولمبية الشتوية ورفع العلم الجزائري في هذا المحفل الدولي وكذا عدم خسارة ورشته التي تنتج مستلزمات التزلج على الجليد.

شخصية والد البطل، مهمة وتحضر بقوة وجذبتنا إليها، فالرجل متزوج روسية ويقيم في فرنسا ولم ينس أو يتنكر لأصله وأهله وأشجاره في الجزائر، وهذا يعطينا الكثير من الاحاسيس وأن له قلبا كبيرا ويضعنا ببساطة مع ثنائية القومية فهي ليست نقصا أو خطيئة ولا خيانة.

شخصية الأم كذلك مدهشة فرغم وجودها في فرنسا وجذورها الروسية إلا أنها تتحدث الدارجة الجزائرية، وتندمج مع نساء تلك القرية الجزائرية ورغم أنها ظهرت كشخصية ثانوية لكنها تنطبع في ذهننا وكانت تستحق مساحة أكبر في الفيلم.

المسار الأول، يتقدم لنا هذا النوع من المهاجرين الذين يجهلون لغتهم وأصولهم ويجدون صعوبة في مجرد التفكير في وطنهم الأم، هذا النوع يظن أن جنسية أخرى ولغة أخرى حصل عليها تكفيه وتغنيه لذلك يندمج في حياته ويظنها نموذجية ودائمة ولكن مع أول صدمة عنيفة يجد نفسه غريبا وعاريا وليس له وطن.

سمير أو سام له حياته وعمله ولم يشعر يوما بحاجته للجواز أو الجنسية الأصلية أي الجزائرية، وعندما يتوقف عمله ويشعر بالصدمة يقترح عليه صديقه تمثيل الجزائر في الألعاب الأولمبية يستبعد الفكرة ويراها ضربا من الجنون كونه يجهل ذلك الوطن ولم يشعر به، لكن الظروف تدفعه للمجازفة ويبدأ رحلة شاقة من التدريبات والمعاملات ويصطدم بعوائق وفساد الهيئات الرياضية والرسمية في بلده، كما أنه يجد نفسه عاجزا عن فهم أهله في القرية ويشعر بالغربة فهو لا يعرف نطق كلمة عربية واحدة بشكل صحيج.

يرفض وصية والده بالحفاظ على الأرض وأشجار الزيتون ويعتبر أن هذا بعيد كل البعد عن عمله وأن لا فائدة منها ولكن يدافع عن الأرض كونها ملكا لوالده ولا يحق لعائلة والده أخذها، قانون العرف في القرية يعطي ملكية الأرض لمن يزرعها ويهتم بها ويحرم الملكية لمن يهملها، هو لا يفهم ماذا يعني أرض وشجر؟

سامي بن عجيلة، اختصر علينا المسافات بتقديمه شخصية سامي، جذبنا وربطنا بالبطل فهو لم يقدم شخصية خارقة، البطل إنسان عادي يحلم ويصاب بالإحباط أحيانا ويكاد يترك مغامرة الوصول إلى البطولة، لكن حديثه مع أمه التي أفهمته أن حلم الوصول ورفع العلم الجزائري أصبح واجبا عليه فوالده ينتظر هذه اللحظة وكذلك أهله وكل جزائري كونه عرض هذا الحلم عليهم جميعا ولا يحق له سحبه، سمير لم يكن يفهم أو يحس معني الانتماء والفخر والاعتزاز بالأرض والوطن، هذه الرحلة علمته الكثير، ورغم فساد الهيئة الرياضية وسرقة الدعم الذي حصل عليه من الاتحاد الدولي لتسهيل مشاركته، قرر سمير قهر المستحيل فهو ليس رياضيا محترفا لكن عليه تحقيق حلم والده ورفع علم بلد يحسُّ أنه منه وإليه.

مريم. ع

 

من نفس القسم الثقافي