الثقافي

صدر قديماً: "ظلام السجن" لـ محمد علي الطاهر

على الرفّ

حين وضع الكاتب والصحافي والسياسي الفلسطيني، محمد علي الطاهر (1892-1972)، عبارة "ظلام السجن" عنواناً لكتابه، وألحقها بالعنوان الفرعي "مذكرات ومفكرات سجين هارب، تنكّر واختفى"، لم يكن يؤلف رواية خيالية، بل كان ينشر ما يمكن أن نطلق عليه بتعبير الأميركي، ترومان كابوتي، رواية غير متخيّلة.

سيرة هذا الكاتب والصحافي الفلسطيني غير المتخيّلة، بلقب "العربي التائه" الذي حمله واتخذه توقيعاً له، ستظل سلسلةً من الرموز والألغاز، إن لم يعرف القارئ أنه كان صاحب جريدة "الشورى"، التي قارعت المستعمرين البريطانيين وأتباعهم طويلاً منذ صدور عددها الأول في مصر في 22 تشرين الأول/أكتوبر 1924، وانتصرت للثورات العربية في فلسطين وسورية وليبيا على السطوة البريطانية والفرنسية والإيطالية، وساندت حركات المقاومة في تونس والجزائر والمغرب.

لفتت خطورة هذه الجريدة انتباه المستعمرين وصنائعهم من العرب، فحاربوها في السرّ والعلن، ومنعوا دخولها إلى البلدان العربية الواقعة تحت نفوذهم. وتغلباً على المنع والمصادرة، عمد إلى إصدار "الشورى" تحت أسماء مختلفة، مثل "الرقيب" و"المنهاج" و"الناس" و"الجديد" وغيرها. وتميزّ هذا الجهد الفكري والسياسي بما كانت تفتقر إليه صحافة تلك الأيام. فبالإضافة إلى دفاعه عن قضية فلسطين وقضايا العالمين العربي والإسلامي دون تمييز، وعلاقاته مع الوطنيين الأحرار في هذين العالمين، امتاز بموقف نقدي حاد، أسقط الأقنعة عن وجوه الكثير من الشخصيات السياسية والفكرية والدينية في زمنه.

يضمّ كتاب "ظلام السجن"، كما أورد صاحبه، جذاذاتٍ وقصاصات من الورق سطّر عليها؛ خلال حياة الهرب، مذكرات وملحوظات بعبارات ورموز وإشارات، لا يفهمها غيره إن هي وقعت في يد أحد. وشرع بعد خروجه من سجن "الأجانب" سنة 1941 في حل مَعميّاتها واستخراج ما فيها، وتدوين حوادثها وصياغتها بشكل متسلسلِ المشاهد، يصف حياة السجن والهرب والتنكر والاختفاء. فسجّل ما كان يتخلل كل هذا من أحداث مرت به، ووقائع ومباغتات صادفته، ومشاهدات وقع عليها نظره.

أما لماذا تأخر نشر هذا الكتاب ولم يظهر إلا في عام 1951، فلأن ما يسميه "كابوس الرقابة" على المطبوعات ظل جاثماً على الصدور حسب تعبيره، حتى أوائل الخمسينيات، أضف إلى ذلك اعتقاله للمرة الثالثة.

الوكالات

 

من نفس القسم الثقافي