الثقافي
بوكبة يعود بـ "يدان لثلاث بنات"
صدر مؤخّراً عن دار "الجزائر تقرأ"
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 02 جولية 2017
يعود الشاعر والروائي الجزائري عبد الرزاق بوكبة في كتابه "يدان لثلاث بنات.. وبوصلة التيه" الصادر مؤخّراً عن دار "الجزائر تقرأ"، إلى بدايات تشكّل وعيه في قريته "أولاد جحيش" التي تتمازج فيها الثقافة الأمازيغية بالعربية، منذ أن تملّكه إحساس الغربة أوّل مرّة وهو يستمع إلى الأهازيج والزغاريد أثناء رعيه الأغنام، وهي اللحظة الأولى التي أسّست علاقته بالكتابة.
يسجّل صاحب "عطش الساقية" (2010) فصول سيرته التي تحضر في نصّين متوازيين؛ الأول يتضمّن يومياته مع طفلاته الثلاث، والثاني يستعيد خلاله خروجه/ تمردّه/ تأمّلاته في محطّات مختلفة من حياته، ليصوغ اعترافاته على نفسه وعلى المجتمع وعلى مستقبل يذهب إليه بروح المغامرة والبحث عن المجهول.
في حديثه لـ"العربي الجديد"، يقول بوكبة "قبل ثلاث سنوات، في رمضان 2015 نويت التفرّغ لكتابة رواية جديدة أزعجني تأجيلها، فاختليت لذلك في مكتبتي. غير أنني لم أستطع ذلك بسبب تشويشات بناتي الثلاث. لقد وجدت نفسي أمام خيارين لا ثالث لهما. إما أن أهجر بناتي وإما شخوص روايتي، فاخترت الثانية وشرعت في كتابة يومياتي مع بناتي خلال رمضان ونشرها في صفحتي على فيسبوك".
يوضّح صاحب "كفن للموت" أن "القسم الأول من الكتاب الذي يتضمّن هذه اليوميات، حمل عنوان "يدان لثلاث بنات"، وتلاه قسم ثانٍ بعنوان "بوصلة التّيه" وفيه رصدت السياقات التي أدّت إلى تطوّر الوعي السردي لدي بعد فترة لم يكن لي من هاجس سوى الشعر. وذلك من خلال تجارب إنسانية عشتها في الجزائر العاصمة ما بين صيفي 2002 و2010".
ويضيف "أن "لم أجئ إلى كتابة السيرة من باب تضخّم الذات أو بحثاً عن ريادة أو شهرة أو لفت انتباه، بل لأتطّهر من تجربة تشرّد وتيه قاسية بالكتابة عنها، والقول إن تجربتي السردية ليست ثمرة انبهار بالسرد والرواية باعتبارها أكثر الأجناس الأدبية هيمنة في سوق القراءة والتقد بل هي ثمرة مكابدات وتحوّلات في الوعي والنظرة والممارسة".
قرار الشروع بهذا العمل أتى بعد صراع داخلي عميق في أن يكتب لحظاته الإنسانية خلال هذه الفترة بعيداً عن التحفّظ والتملّص والمواربة، لأنها تجربة أنضجته، ولكن بعيداً عن الابتذال أيضاً والتوغّل في الأحقاد والخصومات، بحسب بوكبة الذي يلفت إلى أنه لم يذكر الأطراف والوجوه التي آذته وساهمت في عرقلته وقطع لقمة عيشه، مؤكّداً إيمانه بأنه تجاوزها بإرادته وجهده وهي لا ترقى إلى أن تدخل السيرة.
ويختم صاحب "وحم أعلى المجاز" بقوله إن "معظم الكتاب الجزائريين والعرب يرحلون من غير أن يكتبوا سيرهم ومن فعل منهم ما زاد على أن ضخّم ذاته. ما عدا تجارب قليلة تستحق التحية والاقتداء مثل محمد شكري في المغرب".