الثقافي

مختصون يؤكدون على ضرورة اقتباس الرواية الجزائرية للمسرح

ضمن ندوة أدبية حول موضوع "الرواية الجزائرية والركح" نظمت بالمسرح الوطني

 

 

ناقش مسرحيون جزائريون، أمس أول بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي، الاقتباس وغياب الرواية الجزائرية في المسرح الجزائري، ضمن ندوة حول "الرواية الجزائرية والركح" استضافها نادي أمحمد بن قطاف واتفقوا على "ضرورة اقتباس الرواية الجزائرية دون التوقف عن الكتابة للمسرح"، واتفق اغلب المتدخلين أن الاقتباس "عملية مفتوحة على الأجناس الأدبية والفنية كلها"، لكن "باكتساب المقتبس لأدوات المسرح وفهمه لخصوصية الركح وما تتطلبه".

واعتبر المخرج زياني شريف عياد أن "المسرح الجزائري رهينة الرداءة في الفترة  الحالية" وهو ما يجعل "النقاشات كلها تصب في نفس الاتجاه" مضيفا بخصوص  الكتابة أنه "لا يوجد طريقة لكتابة المسرح أو اقتباسه" واعترف أن "أغلب نصوصه  اقتبست من نصوص سردية سواء قصص أو روايات بل وحتى من مقالات صحفية".

واضاف عياد أن "اقتباس نصوص للمسرح لم يكن خيارا" حيث وصف الكتابات الروائية  بأنها "عبرت عن هموم الجزائر في مرحلة مهمة بينما كان المسرح يعيش على الهامش"  وأكد صاحب "الشهداء يعودون هذا الأسبوع" أن "بعض النصوص تكتشف عيوبها على  الركح".

وأضاف المتحدث، أنه حاول من خلال الأعمال التي اقتبسها و أخرجها، معالجة وتناول ما يحدث على مستوى الواقع الاجتماعي الجزائري، في خطوة للوصول إلى الجمهور وجلب اهتمامه بما ينتجه الفن الرابع.

وقد سرد زياني، تجاربا اشتغل خلالها على النصوص الأدبية وبشكل خاص جنس الرواية، والتي أنتجت مسرحيات "قالوا لعرب قالوا" المقتبسة من "المهرج" لمحمد الماغوط، و"حافلة تسير" المأخوذة عن رواية لإحسان عبد القدوس، والتي مكّنه الاشتغال عليها من التعرض للمشاكل الاجتماعية السائدة في بداية الثمانينيات، والتي حولها زياني وفريق العمل المرافق له، من مجرد أحداث تجري على مستوى حافلة، إلى توصيف لحال وطن ومجتمع بأكمله.

كما تعرض إلى تجربته مع الراحل، الطاهر وطار، الذي منحه الاذن لاقتباس مسرحية "الشهداء يعودون هذا الاسبوع" من روايته، وقال المتحدث أنهما عقدا اتفاقا مفاده عدم اطلاع وطار على أي من تفاصيل العمل لحين عرضه على الجمهور، وفي حال عدم رضاه على النتيجة له الحق في اتخاذ أي إجراء يراه مناسبا.

أما عمله الجديد "بهيجة"، المقتبس عن رواية "بدون حجاب وبدون ندم" لليلى عسلاوي، والمنتظر أن يقدم المسرح الوطني، عرضه الشرفي يوم 21 من شهر ماي المقبل، فقد اختار زياني المشاهد التي يحتاج إليها في مسرحيته، وقام بتنظيم جلسات قراءة علنية لها، بقصر الثقافة، أشرك الجمهور في نقاشاتها، ليعمل مع الكاتب، أرزقي ملال، على خلق نص مسرحي متكامل، من خلال بحث وعمل مخبري يشمل التعبير الجسماني، السينوغرافيا، الموسيقى، الإضاءة.

ومن جهته توقف مراد سنوسي عند تجاربه في اقتباس الرواية للمسرح على غرار  رواية "أنثى السراب" لواسيني الأعرج التي حولها الى عمل بعنوان "امرأة من ورق"  وعمله "الصدمة" المقتبس عن رواية ياسمينة خضرا "الاعتداء"  واثناء شرحه  لتجربته أكد أن الرواية "تخضع لشروط الركح وليس العكس, وهو الأمر الذي قام به  خلال تجاربه.

وأشار سنوسي إلى أن أزمة المسرح "ليست في النصوص فقط بل في تقدير الأعمال وتصنيفها" فهي تكاد تكون "على قدم المساواة رغم التفاوت في المستوى "حسبه، مضيفا أن "بعض الاقتباسات أهم من بعض الكتابات والعكس أيضا وارد" وبرر لجوئه إلى الأعمال الروائية بأنه "خيار ذوقي بحت".

وخاض مراد التجربة التي اعتبرها تحديا إبداعيا، لأنه يبحث عن الموضوع الذي يستهويه ويشده، أينما كان، سواء في الاعمال المسرحية أو الأجناس الأدبية المختلفة أو ...وفي هذا السياق قال: "لا يهم المصدر، المهم أن يكون العمل جادا وجميلا، فالمسرح مثلما يحتاج إلى الممارسة، يحتاج إلى التفكير والتنظير".

ورافع الكاتب المسرحي والروائي محمد بورحلة لصالح الاقتباس الحر" دون الالتزام بالنص الأصلي" معتبرا ان "المقتبس ينتج نصا جديدا وأن المخرج يمكنه ايضا وفق رؤيته أن ينتج نصا ثالثا", ودعا في مداخلته إلى "التعرف على الاقتباس  وما يرتبط به من مؤلف وأدوات", مشيرا إلى أن "الاقتباس ليس غريبا على المسرح  الجزائري منذ اقتبس شباح المكي الوعد الحق لطه حسين".

ورفض بورحلة التهم التي توجه للمقتبس كونه "خائن" معتبرا أن "الاقتباس هو استقلالية تتيح للمقتبس التصرف في النص الأصلي وفق ما يراه فلسفيا وجماليا"ـ كما أكد محمد بورحلة، على وجوب حب المقتبس للنص الذي يشتغل عليه، "لابد أن يحب المقتبس النص، ويتوجه إليه تلقائيا وعفويا، وعليه أن يضع في الاعتبار القضية التقنية التي تمكنه من المرور من عالم السرد إلى عالم الفعل".

فالاقتباس -حسبه-إبداع وعمل معقد، لأن المسرح لم يكن يوما جنسا فرعيا تابعا للرواية، بل فن لديه خصوصياته، واتهام المقتبس بالخيانة، ليس أمرا سلبيا، بل يفسر استقلالية المقتبس ومحاولته إضفاء صبغته وخصوصيته على العمل.

وأضاف المتحدث أن الاقتباس الحقيقي، يحرر من واجب الالتزام بالنص الأصلي، وإلا لن يكون اقتباسا.

  

 

مريم. ع

من نفس القسم الثقافي