محلي
بني تامو بالبليدة: "مملكة" التداوي بالأعشاب
أصبحت ملجأ للهروب من المواد الكيماوية والآثار الجانبية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 25 مارس 2016
تحولت بلدية بني تامو الواقعة على بعد 6 كلم شمال ولاية البليدة التي لا طالما اشتهرت بمحلات البيع بالجملة للمواد الغذائية في الآونة الأخيرة إلى "مملكة" للتداوي بالأعشاب، و تحولت العديد من الفيلات إلى "عيادات" للتداوي بالأعشاب مشهورة لدى المواطنين الذين يقصدونها من مختلف ربوع الوطن و هي الصورة التي تعكسها لوحات الترقيم الخاصة بالسيارات المتراصة عند مدخل هذه المنطقة ما جعلها و بحق مملكة "التداوي بالأعشاب".
و تعرف ظاهرة استخدام النباتات الطبية لمعالجة مختلف الأمراض أو التهدئة من أوجاعها رواجا كثيرا و جزء لا يتجزأ من عادات السكان و استدعى الطلب المتزايد على هذا النوع من التداوي نظام عمل يعتمد على أخذ مواعيد مسبقة بعدما أضحى عدد المعالجين في تزايد مستمر، و يلاحظ الزائر إلى هذه العيادات كيف أنه تم تكييف هذه الفيلات وفق الطابع الذي حولت من أجل قاعات انتظار مهيأة و سكرتيرات تتولى مهام أخذ مواعيد الزوار كما هو الشأن بالضبط مع المؤسسات الصحية العمومية أو الخاصة.
وأوضحت إحدى السكرتيرات العاملة بهذه العيادات أن هناك مرضى أخذوا مواعيد لهم منذ أسابيع من الآن و هم لا يزالون ينتظرون دورهم إلى غاية اليوم مشيرة إلى أن المعدل اليومي للأشخاص الذين يقومون بالفحص في اليوم الواحد يقدر ب40 مريضا، ولم يتوقف هاتف السكرتيرة عن الرنين و هي بمكتبها. المرضى يتصارعون لأخذ موعد للعلاج وسط جو مشحون يميزه النزاعات اللفظية و أحيانا حتى عن طريق اليدين حسبما أكدته هذه الموظفة التي كانت جد مرهقة.
• المنافسة كلمة لا وجود لها بالمكان
لا يعاني أصحاب هذه المحلات المخصصة للتداوي بالأعشاب بالبتة من ظاهرة البطالة بحيث يعملون ما بوسعهم لجعل نشاطهم ذات مردودية جيدة و ذلك بالرغم من محاذاتهم لعيادات تنشط في نفس المجال. غير أن الملاحظ أن حسن الجوار يخيم على هذا النشاط و أن كلمة المنافسة لا وجود لها بالمكان. "نحن نعمل جيدا و في كثير من الأحيان لا نستطيع استيعاب الأعداد الهائلة التي تقصد المكان من أجل التداوي بالأعشاب نحن زملاء كما أننا مستعدون لرؤية عيادات أخرى تفتح و تنشط في نفس المجال" يقول عدد من أصحاب هذه العيادات.
وذكر أحد القاصدين لهذه العيادات حميد و هو قادم من مدينة حجوط ولاية تيبازة أنه شخصيا وجه إلى عيادة أخرى بعدما قصد العيادة الأولى للتداوي بالأعشاب و ذلك بعدما دله عليها صاحبها (العيادة الأولى) نتيجة العدد الهام للمرضى الجالسين في قاعات الانتظار و باعتبار أن حالته لا تستدعي التأجيل لمعاناته من ألم في الظهر، يمكن القول أن ببلدية يني تامو الاستثمار في التداوي بالأعشاب الطبية جد ناجح بالنسبة للعارفين و الخبراء في المجال و أن الأمر لا يشكل أي خطر على الاستثمار.
• الهروب من المواد الكيماوية و الآثار الجانبية
وعبر العديد من المرضى ممن التقتهم وأج بعين المكان من الجنسين و من مختلف الفئات العمرية عن تفضيلهم التداوي بالأعشاب لرغبتهم الملحة في الاستفادة من علاج طبيعي خال من الآثار الجانبية التي تخلفها المواد الكيماوية على صحة الإنسان مجمعين في ذات الوقت أن هذه الأدوية غالبا ما تكون سببا مع مرور الوقت في ظهور مرض آخر عكس النباتات الطبية، وذكر محمد في الستينات من عمره و هو متحمس كثيرا لحديثه عن مزايا العلاج بالأعشاب الطبية أنه كان يتابع علاجا لدى مختص لمعاناته من مشكل في المثانة و أنه ليس باستطاعته أخذه حبوب كمياوية لمعاناته كذلك من مشكل على مستوى المعدة غير أنه يضيف "و منذ الشروع في العلاج بالنباتات الطبية تحسنت حالتي الصحية و لم أعد أعاني من مشاكل صحية" معتبرا نفسه "زبونا وفيا لبلدية بني تامو".
و يقدم المعالجون -العديد منهم يعلقون شهادات تخرج في التخصص على جدران قاعات الانتظار - وصفات علاجية ذات خصوصية و متمثلة في نباتات و أنواع مختلطة من الأعشاب.
• المراقبة الدورية ضرورية...
تعد الرقابة الدورية في نشاط التداوي بالأعشاب جد ضرورية لمواجهة أي طارئ قد يحدث على صحة المواطن حسبما ذكره رئيس المجلس الجهوي لأخلاقيات الطب بالبليدة الدكتور ياسين تركمان، وأضاف المتحدث أن "مبدأ التداوي بالأعشاب الطبية مقبول و معروف غير أن تنظيم هذا المجال و تقنينه هو اليوم أكثر من ضروري و ذلك لأننا نلاحظ أن الأمر يتعلق بنشاط تجاري حيث يضف هؤلاء المعالجون أعشاب طبية دون أي تردد"، ويلاحظ اليوم أن العشرات بل المئات من العيادات المختصة في نشاط التداوي بالأعشاب تنشط هنا و هناك دون أية رقابة و في ظل غياب تام للمصالح المعنية.
"نحنا أمام وضعية جد خطيرة و حان الوقت لمراقبة هذا النشاط و ذلك لأن هذه الأخيرة تمس بصورة مباشرة صحة المواطنين" يضيف تركمان، وقال أن وعي المواطن جد ضروري في هذه الحالات داعيا إياهم إلى أخذ الحيطة و الحذر خاصة و أن العديد من العلاج المقدم منجز بطريقة صناعية بالنظر لتعليبه و تشكله من خليط لمختلف المنتجات ما يشكل خطرا حقيقيا على الصحة العمومية.