محلي

سكان قرية تبودة بسبدو يعانون التهميش والإقصاء

تلمسان

 

يعاني سكان قرية تبودة بسبدو من جملة المشاكل تتعلق بالجانب الاجتماعي والخدمات في طابعها الشامل والمتعدد الجوانب وحسب الأولوية ومنها قضية اهتراء شبكة الطرقات داخل التجمع السكاني المتكوّن من عدد محدود من الأحياء وبنايات هنا وهناك، حيث لم تعرف هذه المسالك أي عملية تعبيد ولا تزفيت ولا حتى تهيئة بسيطة منذ فترة طويلة وهو المشكل الذي يؤرق المواطنين ويتجدد الموعد مع معاناتهم حسب خصوصية كل فصل مثل ما هو الحال مع موسم. مشكلة اهتراء الطرقات امتدت إلى غاية الطريق الرئيسي الذي يربط تبودة بباقي التجمعات السكانية المجاورة، لا سيما عاصمة البلدية سبدو وهو الخط الأكثر أهمية بالنسبة للمواطنين، كما أن المعاناة تتضاعف في فصل الصيف حيث تنتشر الأتربة والغبار بمجرد هبوب رياح صيفية حارة وهي كثيرة لا سيما أن تبودة منطقة سهبية تمتد على مئات الهكتارات المسطحة عارية من محيط جبلي، ما يزيد الأمر سوءا أيضا أن الأرصفة غير مهيأة وتلامس جدران المنازل المحاذية لهذه الطرق والتي لم تتخذ من هذا الاسم سوى لأنها عبارة عن خطوط ليس إلا.

أزمة نقل خانقة و"الكلونديستان" هو الحل

رغم أن تبودة لا تبعد عن مقر الدائرة سبدو سوى بنحو خمسة كيلومترات، إلى درجة أنه يمكن رؤيتها بالعين المجردة على هذه المسافة، إلا أنها تعاني أزمة نقل خانقة لا سيما تلك المتعلقة بالنقل الجماعي وحتى بأصحاب سيارات الأجرة، وعلى الرغم من وجود عدد منها يعمل إلا أن عددها المحدود ساهم في تشكل خلل بين العرض والطلب.. وفي الوقت الذي تتباين فيه أسباب عزوف الناقلين الخواص على ممارسة هذه المهنة بالجهة، إلا أنه من بين الأسباب في مقاطعة العمل على الخط الذي يؤدي إلى القرية باتجاه سبدو يتعلق الامر باهتراء الطرق، ما جعل العديد من المركبات تتعرض لأعطاب، كما ان الخط غير مربح لهؤلاء بالنظر لغياب الزبائن وعادة ما يبقى الناقل في نقطة التوقف في انتظارهم لعدة ساعات دون أي نتيجة وكان لذلك أيضا وقعا سلبيا في عدم تطور النقل بالجهة، وهو ما أدى إلى مشكلة نقل حادة في قرية تضم فقط بضعة المئات من السكان.. يحدث ذلك على الرغم من أن الذين يحتاجون إلى النقل يوميا لأغراض العمل أو الدراسة عدد قليل ويظهر ترددهم على المحطة فقط في الساعات الأولى من الصباح ولا يعودون للظهور إلا في المساء، إلا أن الأزمة تتضاعف لا سيما في هذه الفترات إلى حد مشادات وصراع بين الزبائن للظفر بمقعد في المركبة. أما في الأوقات المتأخرة من المساء لا سيما عند توقف نشاط هذه الحافلات مساء، فإن السكان يضطرون إلى الاستنجاد بسيارات الكلونديستان للتنقل والعودة إلى منازلهم، وهنا يطرح إشكال آخر يتعلق بالأسعار التي تعتبر مرتفعة مقارنة بالمسافة رغم أن سكان تبودة معظمهم من الطبقة البسيطة والمتواضعة اجتماعيا وفي بعض المناسبات يضطر عدد منهم لا سيما التلاميذ والشباب إلى قطع كل هذه المسافات سيرا على الأقدام.

تردي التغطية الصحية

ومع ذلك تطرح عدة حالات استعجالية تتكرر باستمرار خاصة أثناء المرض الطارئ أو إصابات خطيرة مفاجئة وأيضا الولادات وهي ظروف غالبا ما تحدث في فترات متأخرة من الليل، ما يكبد السكان واقعا مرا مضاعفا، فيجد المريض يبحث عن الحلول التي أصبحت موصدة أمامه، كما يطرح سكان تبودة أيضا مشكلة أخرى تتعلق بالجانب الصحي من خلال تجدد قضية قاعة العلاج الوحيدة بالقرية وعلى الرغم من الخدمات التي تقدمها للمواطنين لا سيما الأمور البسيطة، إلا أنها لا تلبي جميع الطلبات والاحتياجات خاصة في غياب المستلزمات الطبية والأدوية الضرورية مقارنة بحجم القرية وأيضا لحجم الحالات الاستعجالية المسجلة يوميا. وما يزيد الأمر سوءا أن هذه القاعة تعمل بشكل الإدارة ولا تفتح إلا أياما معدودات خلال الأسبوع، كما أنها لا تقوم بذلك إلا خلال ثماني ساعات فقط وتغلق أبوابها ليلا ولا يشرف عليها سوى ممرض. وليس هذا فحسب بل إن تبودة تفتقد أيضا لسيارة إسعاف وحضورها استعجالا يتطلب الاتصال بالمؤسسة الاستشفائية لسبدو وهنا يبقى أمرا آخر في القضية وفي مقدمتها أن حضور السيارة لنقل المرضى يبقى غير مضمون فتارة يلقى المريض ردا بأن السيارات كلها في مهمة وتارة أنها معطلة وأحيانا لا يتم الرد عليه إطلاقا.. وفي حالات أفضل وعند تلبية النداء لا تحضر سيارة الإسعاف إلا في وقت متأخر يكون حينها المريض قد استعان بسيارة كلونديستان لنقل المريض في حالة صعبة وظروف غير صحية على أمل مصارعة ومقارعة الموت أو تضاعف الآلام إلى حين الوصول إلى أقرب مستشفى من تبودة والموجود بسبدو.

غياب الإنارة العمومية ساهم في الجريمة

كما يطرح سكان القرية إشكالية غياب الإنارة العمومية عبر مختلف أزقتها، اللهم إلا تواجد بعض الأعمدة فمنها ما تشتغل وهي محدودة العدد وأخرى معطلة ومكسرة وأخرى لم يتم تأهيلها ولم يتم صيانتها، أما الأعمدة التي تشتغل فهي تضيء بشكل ضعيف جدا بالنظر لقدم وتآكل قوة مصابيحها التي نصبت منذ سنوات ومع ذلك ما زالت تشتغل وهي معرضة للعطب المفاجئ بين الحين والآخر ولا تعود للعمل إلا كما تشاء، وتسببت هذه الوضعية في تسجيل عدة حوادث لا سيما أنها مناخا وجوا مناسبا لعصابات اللصوص والسراق لتنفيذ عمليات السطو على المنازل والممتلكات وهو ما انعكس سلبا على السكان الذي يتعرضون بشكل مستمر إلى عمليات سطو منظمة ومستهدفة خاصة مع تزايد عدد المنحرفين بهذا التجمع السكاني والذي لا يعكس طابع الحياة الاجتماعية لقاطنيه وطال الأمر أيضا سرقة المواشي مثلما حدث في عدة مناسبات خلال الفترة الأخيرة حيث كانت تبودة أكثر المناطق تعرضا لمثل هذه العمليات الإجرامية.

غياب قنوات الصرف الصحي ينذر بتفشي أمراض خطيرة

وما يؤكد فعلا أن تبودة نموذجا للعزلة والحرمان فإنها تفتقد أيضا إلى قنوات الصرف الصحي وهو ما يهدد المواطنين بمشاكل صحية وانتشار الأمراض المتنقلة عن المياه لا سيما في هذا فصل الصيف نتيجة ركود المياه القدرة والمستعملة في حفر نشأت نتيجة مرور هذه المياه العكرة التي تساهم في انتشار الحشرات الضارة كالناموس المحمل بالميكروبات والجراثيم وأيضا الذباب ويكاد الأمر يتكرر وبشكل آخر في فصل الشتاء أين تختلط مياه الشرب بالمياه القدرة ما يهدد السكان بمرض التيفؤييد. وما يثير الانتباه في القضية أن السكان ما زالوا يعتمدون على المطامير والتي تضاف إلى كل هذه الظروف الصعبة في قرية تمثل نموذجا من المفترض أن يحظى باهتمام بالغ لتفادي النزوح الريفي طبقا لإستراتيجية الدولة في هذا الشأن، إلا أن هذا التجمع السكاني لا يزال بعيدا عن المشاريع التنموية لا سيما تلك التي تصنف في قائمة الأولويات أو القاعدية منها، كما أنها تعاني اهتراء في قنوات المياه الصالحة للشرب في وقت توجد عدد سكنات بعيدة عن هذه الخدمة ويضطر السكان إلى جلب المياه عن طريق الصهاريج منها البلاستيكية وأخرى المعدنية في ظروف غير سليمة انطلاقا من آبار مجاورة وأخرى من عيون تفتقد للمتابعة الطبية ولا لمعالجة المياه وتستهلك مباشرة من مصدرها.

مرافق شبانية وترفيهية مطلب الشبان

ويطرح غياب الهياكل الشبانية والترفيهية وتواضع أداء تلك الموجودة مشكلا آخر، حيث تفتقد القرية إلى فضاءات وقاعات مخصصة لذلك خاصة أن تبودة تضم تعدادا معتبرا من الشباب ومن المواهب التي تجد نفسها أمام ساعات من الفراغ يوميا ويشكل ذلك صدمة لهم، كما يسهل لهم أيضا طريق الانحراف وسلوك تصرفات مشينة، فلم يجد البعض منهم إلا تناول المخدرات كسبيل للهروب من البطالة وآخرون يحترفون مختلف الجرائم، ومع ذلك دفعت الوضعية هذه عددا من السكان إلى هجرة تبودة. أما البعض الآخر ومن الذين ليس لهم من ملاذ آخر فدعوا إلى ضرورة النظر الجاد في مختلف المشاكل والانشغالات التي يطرحها السكان من خلال تخصيص مشاريع إنمائية هادفة تليق بكرامتهم كسكان وبإمكانها رفع الضغط والغبن عليهم وتحسين وضعية المواطن من خلال تجديد العهد مع زيارات ميدانية للمسؤولين إلى القرية والتي يتذكرونها إلا خلال الانتخابات المحلية من أجل الظفر ببضع العشرات من الأصوات لسكانها ومن حينها لا يظهر لهم أثر إلا بعد خمس سنوات من ذلك ومع موعد جديد للاستحقاقات من هذا النوع.

ومع كل هذه الظروف القاسية والصعبة ناشد سكان قرية تبودة السهبية والتي تعتبر إحدى أهم التجمعات السكانية الريفية المعزولة بإقليم دائرة سبدو جنوب ولاية تلمسان السلطات المحلية وعلى أعلى المستويات وفي شتى القطاعات ضرورة التدخل الفعال والجدي من أجل إيجاد حل حول مختلف المشاكل والانشغالات التي يعانيها السكان بشكل يومي. وجاء نداء الاستغاثة هذا للسكان نتيجة تأخر التنمية بالقرية، في وقت دفعت فيه هذه الوضعية القاسية غالبية السكان إلى الهجرة والتوجه نحو المناطق المجاورة لا سيما الحضرية منها أو حتى الشبه حضرية، بحثا عن ضروريات الحياة الكريمة أو القريبة من ذلك إلى حد ما رغم أن ذلك له انعكاسات سلبية على التوازن السكاني بين الحضر والريف ولا ينسجم كما لا يتطابق مع استراتيجية الدولة الرامية إلى الحد من ظاهرة النزوح الريفي والحد أيضا من ترييف المدن الحضرية، ولكن أيضا مع التقليص من فوارق التنمية في هذه المناطق ولن يكون ذلك إلا من خلال توفير ضروريات الحياة الكريمة.

 

من نفس القسم محلي