محلي

طرقات العاصمة تختنق

الظاهرة فاقت كل الحدود

 

  تعرف طرقات الجزائر العاصمة منذ مدة حالة من الاختناق المروري، الذي أصبح لا يطاق وفاق كل الأوصاف، إذ أن السير على طرقات العاصمة أضحى معاناة حقيقية، وأصبح التنقل عبرها صعبا جدًا ويستغرق الوصول من مكان إلى آخر ساعات طويلة، رغم قصر المسافة.

 

  هذه الوضعية أصبحت حديث العامة وأضحت من أهم انشغالات المواطنين، فقد جعلت من الالتحاق بمقرات العمل ومراكز الدراسة أو قضاء الحاجات اليومية أمرا صعبا للغاية.

في طابور لا ينتهي استوقفنا السيدة سهيلة، حيث تقول بتذمر "كل يوم نجد هذه الحالة صباحا، مساءً، ليلا، أصادف هذه الحالة في أي وقت خرجت فيه".

أمّا بوعلام القاطن بحي باب الوادي، فيعتبر هذه الحالة كالشبح الذي يلاحق المواطن أينما ذهب. فيما يجد م. أمين صاحب سيارة أجرة هذه الحالة مشكلا كبيرا يعاني منه المواطن، كما لاحظ تأزم الحالة مؤخرا.

دائما على الطريق المزدحمة، صادفنا أحد السائقين في حالة عصبية، وبكل تلك العصبية أخبرنا أنه قد تأخر عن عمله، وأطفاله عن مدارسهم.

بينما يفضل الكثير من الموظفين والطلبة الخروج في وقت مبكر للالتحاق بمؤسساتهم قبل الثامنة، ومجابهة معظم المصاعب التي تتربص بهم، لا سيما بالنساء، حيث يجبرن على الخروج فجرا وأحيانا قبل ذلك من أجل اللحاق بمناصب عملهن في الوقت المحدد، والمشكل وما فيه هو انغلاق كافة الطرقات بعد الثامنة صباحا، هذا ما روته لنا بعض من صادفناهن، فليلى التي تعمل بإحدى الشركات العمومية لا يقبل مديرها التأخر الذي صار عادة لديها، كما يقول، لذا تلجأ للخروج المبكر من بيتها لتجنب ذلك.

حال فريدة التي تعمل في مؤسسة خاصة ليس أحسن من حال ليلى، فظروف العمل تجعل من التأخر ولو لربع ساعة أمرا ممنوعا، فرأت في الخروج المبكر الحل المناسب، الذي وإن أبعدها عن مشاكل العمل، إلا أنه أوقعها في مشاكل أخطر؛ كالتعرض للسرقة، الذي تعرضت له ولم تجد المساعدة لان الوقت كان مبكرا.

أما الطالب عادل فقد تسبب له الازدحام في الوصول متأخرا إلى الجامعة مرات عديدة، خاصة أنه في فترة امتحانات إذ يقول: "أفضل الخروج على الخامسة صباحا على أن أفوت الامتحان؛ فأن أصل نشيطا ولو قبل الوقت أحسن من الوصول متأخرا في حالة يرثى لها من التعب والعصبية.

  في وقت لا يزال مستعملو الطريق يطرحون العديد من التساؤلات عن السبب الحقيقي للاختناق المروري وانغلاق العديد من الطرقات والمسالك التي باتت نقاطا سوداء لعابريها، يُرجع عدد من المختصين سبب ظاهرة الاختناق المروري للعدد الهائل من المركبات التي تجوب شوارع العاصمة، باعتبار هذه الأخيرة تُعتبر محور استقطاب العديد من القادمين إليها من الجهات الداخلية للوطن والمجاورة؛ كون أغلب المصالح الإدارية والوزارات موجودة بها، ناهيك عن الحواجز الأمنية المكثفة التي تزيد من بطء حركة السير.

هذه الحالة أثّرت سلبا على صحة الأشخاص، حيث تشير أرقام المصالح الاستشفائية إلى ارتفاع ملحوظ في عدد المصابين كمرض الضغط والشرايين، إلى جانب ارتفاع مرضى السكري والقلب من جراء الاختناق المروري، والتي تنتج في بعض الأحيان عن المناوشات والشجارات التي تحدث بين السائقين بسبب التوتر والغضب الذي يلحق بهؤلاء جراء الانتظار الطويل، فحسب ما أفادتنا به الدكتور ل.حدة من مستشفى مصطفى باشا، فإن الإنسان عندما يكون منزعجا فذلك يؤثر على أعصابه وبالتالي على صحته، خاصة بعد قضائه ساعة أو ساعتين أو أكثر في بعض الأحيان على الطريق، في سيارته أو في النقل العمومي أين أن يكون في بعض الأحيان واقفا.

 بالرغم من المشاريع التي تحدثت عنها السلطات العمومية للتخفيف من حركة السير، إلا أنها لم تفلح في التقليل من حدة المشكل.

  وفي انتظار إيجاد الحل لهذه المعضلة التي تبحث عن حل مستعجل، تبقى الطرقات ترسم خارطة المعاناة اليومية للمواطن، التي أصبحت الحقيقة المرة التي يصبح ويمسي عليها كل يوم.


من نفس القسم محلي