محلي
طبقة المياه الجوفية بمعسكر تعاود الانتعاش
معسكر
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 26 أفريل 2014
عادت طبقة المياه الجوفية بولاية معسكر للانتعاش بعد ثلاثة عقود من التراجع الناتج عن الجفاف وفق مؤشرات الوكالة الوطنية للموارد المائية ومديرية الموارد المائية للولاية.
ويأتي هذه الانتعاش بفضل تساقطات الأمطار المعتبرة والمنتظمة التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة والإجراءات التي اتخذتها المصالح المعنية لترشيد استهلاك الماء وكذا المشاريع المنجزة لتجنيد المزيد من الموارد المائية وتنويع مصادرها.
وقد أدى ذلك إلى استقرار مستوى طبقة المياه الجوفية كما تظهره الآبار التي تتخذها الوكالة الوطنية للموارد المائية ومديرية الموارد المائية للولاية كمؤشرات حسب مسؤولي المديرية المذكورة.
وفي هذا الإطار ذكر السيد الحبيب مكاوي رئيس مصلحة بمديرية الموارد المائية أنه تم تسجيل على مستوى بئر ارتوازي ببلدية مطمور صعود مستوى الماء بـ 13 مترا عن مستواه السابق. كما ارتفع مستوى الماء ببئرين آخرين ببلدية تيزي إلى 6 أمتار و5 أمتار.
وكان الجفاف وشح الأمطار قد تسببا في تراجع حجم المياه التي تستقبلها هذه الطبقة الجوفية من 73 مليون متر مكعب سنويا خلال الستينيات إلى 30 مليون متر مكعب خلال العقد الماضي.
وأوضح ذات المسؤول أن احتياطي طبقة المياه الجوفية وخاصة المنطقة الجوفية لحوض غريس كان في السابق يتدعم من سنة لأخرى بفضل الأمطار المتساقطة نظرا لكون استهلاك المياه للأعراض المنزلية والفلاحية والصناعية بالولاية لم يكن يتجاوز آنذاك 50 مليون متر مكعب في السنة ويبقى الفائض لتغذية مخزون الطبقة الجوفية.
غير أنه منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي بدأ حجم المياه التي تستقبلها الطبقة الجوفية يتقلص وبالمقابل ازداد الاستهلاك بشكل كبير ما أثر على مستوى المياه المخزنة، إلى درجة أنه تم استهلاك المستوى الأول من المستويات الثلاثة بشكل كامل وشرع في استهلاك مياه المستوى الثاني.
إجراءات صارمة لترشيد استهلاك الماء
وأمام هذا الوضع قامت السلطات الولائية بداية العقد الماضي بإتخاذ إجراءات صارمة لترشيد استهلاك الماء منها منع حفر الآبار على مستوى حوض سهل غريس ومناطق أخرى وتكثيف حملات المراقبة وتشديد العقوبات على الذين يقدمون على الحفر غير القانوني ودون رخصة.
كما لجأت السلطات إلى تشجيع استعمال التقنيات الحديثة في الري بقطاع الفلاحة باعتبار القطاع من أكبر المستهلكين للماء وتحسيس الفلاحين بالامتناع عن زراعة بعض الخضروات والفواكه غير الضرورية والمستهلكة كثيرا للماء واللجوء إلى استعمال تقنيات الري بالتقطير والرش المحوري وغيرها من التقنيات المقتصدة للماء.
واستنادا لمنسق شرطة المياه لولاية معسكر السيد قادة زقير فقد تم بذل "مجهودات كبيرة" بالتنسيق مع الدرك الوطن لمحاربة ظاهرة الحفر غير القانوني للآبار إضافة إلى محاربة الضخ غير القانوني للماء من الوديان والمسطحات المائية خاصة في فترات الصيف حيث تم تحرير عشرات المحاضر ضد المخالفين الذين حولت ملفاتهم إلى العدالة لمنع تلك التجاوزات.
القضاء على التسربات بشبكة توزيع الماء الشروب
وشملت عملية المحافظة على الموارد المائية وعقلنة استغلالها إنجاز العديد من المشاريع بهدف القضاء على التسربات بشبكة المياه الصالحة للشرب التي وصلت في سنوات التسعينات إلى 45 من المائة من حجم المياه الموزعة.
وذكر عمر غزلاوي رئيس مصلحة الماء الصالح للشرب بمديرية الموارد المائية بأن هذه المشاريع مكنت من إصلاح الأعطاب وتجديد البعض من قنوات شبكة التوزيع حيث تم فقط ببلدية عاصمة الولاية تجديد 120 كلم من الشبكة ما سمح بتقليص بشكل كبير حجم المياه المتسربة ورفع الكمية الموجهة للمواطنين.
وإلى جانب هذه الإجراءات شهدت المنطقة خلال السنوات الثلاث الماضية تساقطات مطرية معتبرة تجاوزت أحيانا 500 ملم في السنة علاوة على انتظام تساقطها لعدة أشهر من السنة -يضيف السيد الحبيب مكاوي- حيث أدى ذلك إلى استقرار مستوى طبقة المياه الجوفية.
مشاريع هامة لتنويع مصادر المياه
استفادت ولاية معسكر من العديد من المشاريع بغرض تنويع مصادر المياه وتقليل الاعتماد على المياه الجوفية. ومعلوم أن الولاية تعتمد في مجال الماء على مناطق المياه الجوفية أهمها منطقة حوض غريس التي تمتد على مساحة 1185 كلم مربع ومنطقة الغمري المشتركة مع ولاية مستغانم ومنطقة المناور المشتركة مع ولاية غليزان إضافة إلى منطقتي عين منصور ببلدية هاشم ومنطقة عقاز بشمال الولاية.
ومن أهم هذه المشاريع تموين 26 بلدية بالولاية بواسطة مياه البحر المحلاة 11 منها تقع بشمال ووسط الولاية والتي تجرى حاليا أشغال إمدادها بالماء انطلاقا من محطة تحلية البحر بالمقطع (وهران) عبر رواق (مستغانم أرزيو وهران) و15 بلدية من شرق الولاية سيشرع لاحقا في ربطها بمحطة التحلية بولاية مستغانم.
وسيسمح المشروعان للولاية بتوجيه مياه الآبار والمسطحات المائية للري الفلاحي وفق مديرية الري التي أشارت في ذات السياق إلى انه تم تجديد شبكة الري الفلاحي لسهل سيق ويجرى حاليا تجديد شبكة المحيط المسقي لسهل هبرة بالمحمدية.
ويرتقب أيضا الانطلاق قريبا في مشروعي المحيط المسقي لسهل غريس ومحيط سهل كشوط الأصغر ببلدية وادي الأبطال.
دراسة للتغذية الاصطناعية لطبقة المياه الجوفية
وبغرض تدعيم المياه الجوفية شرع مكتبان دراسيان محليان مؤخرا في انجاز الدراسات الأولية لمشروع هو الأول من نوعه على المستوى الوطني يخص إعادة تغذية لطبقة المياه الجوفية عبر مياه الوديان والأمطار من خلال إنشاء أحواض تجميعية للماء في بعض المناطق للسماح بتسربها في الأرض دون ذهابها نحو البحر يضيف المصدر السالف الذكر.
للإشارة فقد كان لانتعاش طبقة المياه الجوفية اثر ايجابي على القطاع الفلاحي، حيث قامت مصالح الولاية بمراجعة قرارها بمنع الفلاحين من حفر الآبار وتنظيم العملية من جديد عبر السماح لمجموعة من الفلاحين بحفر بئر مشترك حسب المساحة التي يستغلونها، ما لاقى ارتياحا لدى الفلاحين الذين تراجع نشاطهم بشكل كبير بالمنطقة خلال السنوات الأخيرة حسب خلية الإعلام بالولاية.