محلي

أولاد التومي ببلدية الجزار

باتنة

 

معانات طال أمدها وحياة قاسية عنوانها التهميش والإقصاء

يعاني سكان مشتة أولاد التومي التابعة لبلدية الجزار بولاية باتنة، عديد المشاكل والنقائص التي حولت حياتهم إلى معاناة حقيقية أمام عدم توفر أدنى شروط الحياة والعيش الكريم، الذي جعلها بمعزل عن العالم الخارجي، لا سيما المشاريع التنموية التي يبدو أن المنطقة غير معنية بها، في ظل عديد المشاريع المجسدة والتي من المرتقب أن تستفيد منها بلدية الجزار دون أن تستفيد منها مشتة أولاد التومي التي بات اليوم سكانها يعانون في صمت، في حياة بدائية لا يمكن لأحد تصورها في ظل أزيد من نصف قرن من نعيم الاستقلال، فهل يعقل أن تكون هناك منطقة ما لا يزال سكانها يعتمدون على مواد ووسائل تعود إلى عصور ماضية في عيشهم اليومي؟

فسكان مشتة أولاد التومي لا يزالون يعيشون ذلك، هو تهميش وإقصاء عن الحياة الكريمة التي يتمتع بها اليوم كل جزائري أو كل عائلة تنتمي إلى هذا الوطن، على غرار الإنارة الريفية، التي تنعدم بالمنطقة، يستعمل كبديل لها سكان المنطقة وسائل جد بدائية كالشموع والمصابيح التقليدية التي سرعان ما تنطفئ، تستعملها العائلات لتناول وجبات العشاء أو الضرورة القصوى لاقتصاد استعمالها. السكان تعوّدوا على هذه الحياة التي تنقصها عديد الأمور لتصبح حياة عادية ومنها الكهرباء الريفية، التي يحتاجها فلاحو المنطقة لا سيما أنهم يعتمدون بشكل كبير على منتوجات

 أراضيهم، إذ أصبحوا يلجأون إلى استعمال مادة المازوت لتشغيل محركات جلب المياه من الآبار الارتوازية لسقي أراضيهم، وأملهم معلق بالتفات السلطات المعنية وتوفير الكهرباء الريفية للتمكن من سقي أراضيهم دون اللجوء إلى المازوت وغيرها من الطرق الأخرى المستعملة في السقي، معاناة سكان أولاد التومي ببلدية الجزار لم تتوقف عند هذا الحد بل إن عدم ربط مساكنهم بمادة الغاز الطبيعي جعل معاناتهم تزيد مع قارورات غاز البوتان التي يتم جلبها بطرق مختلفة في بعض الحالات وعندما يكون الطلب عليها كبيرا لا تصل إلى سكناتهم خصوصا وأيام الشتاء باعتبارها.

 المصدر الوحيد الذي يعتمد عليه سكان المنطقة في عمليات الطهي والتدفئة، بل إن البعض منهم وفي أسوأ الحالات يلجأ إلى الاحتطاب واستعمال النار للتدفئة. وبانعدام الماء الشروب فإن حياة سكان أولاد التومي بدائية بمعنى الكلمة، حيث من يقصد سكناتهم يعرف حقا مدى المعانات التي يتخبطون فيها، فحنفيات جافة لا تسمع منها سوى ريحا يخرج منها جفت ولا أثر للمياه بها، سوى الصهاريج التي تتوافد على المنطقة يقوم مواطنو المنطقة باقتنائها لسد عطشهم وماشية من يملكونها من السكان، وسط تضارب في أسعار إيصال تلك الصهاريج التي يغتنم أصحابها فرصة الحاجة الملحة لهذه المادة الضرورية، المجبر أهلها على اقتنائها بأغلى الأثمان.

تلاميذ في عمر الزهور يعتمدون على أقدامهم للالتحاق بمقاعد الدراسة

معاناة سكان مشتة أولاد التومي لم تقتصر على العائلات أو أرباب الأسر فحسب بل تمتد إلى تلاميذ في عمر الزهور، الذين يتنقلون يوميا وعبر مسافات تعد بالكيلومترات نحو مدارس بعيدة تقع بمنطقة القرايش وبلدية بلعايبة التابعة لولاية المسيلة لتلقي تعليمهم وذلك بعد أن تم غلق المدرسة التي تتوفر عليها المشتة والتي كانت تضم ثلاثة أقسام، هذا في ظل انعدام النقل المدرسي، لهؤلاء التلاميذ الذين نضجت أقدامهم من المسافات الطويلة التي يقطعونها يوميا، في وقت يأمل فيه السكان فتح المدرسة أو المجمع المدرسي موصد الأبواب من جديد وتقليص حجم معاناة

 التلاميذ لا سيما أنهم في سن لا تسمح لهم بالمشي تلك المسافات أمام الأخطار التي يحتمل وقوعها في طريقهم إلى مقاعد الدراسة أو العودة إلى مساكنهم أمام مظاهر الاختطاف والاعتداء على الطفولة والبراءة، سوى الدعاء لهم من طرف ذويهم بالوصول في أمان، هذا في الوقت الذي لا تتطلب فيه المدرسة المغلقة إمكانات كبيرة لإعادة فتحها كونها مهيأة وتستعمل في العادة كمكاتب للاقتراع.

أمراض وتسممات اللسع العقربي تزيد في ظل انعدام هياكل صحية

هو خطر كبير يحدق بسكان مشتة أولاد التومي خاصة في فصل الصيف أين تظهر به العقارب السامة، حيث سجلت المنطقة عديد حالات اللسع العقربي في السنوات الماضية، هذا في ظل انعدام مرافق صحية أو مراكز يلتجئ إليها المرضى ومواطنو المنطقة، وهو الأمر الذي يضطرهم في كل مرة إلى التنقل إلى المناطق المجاورة بين بلعايبة التابعة لولاية المسيلة وبلدية الجزار لتلقي العلاج والإسعافات اللازمة، والتي وجب من خلالها توفير قاعة للعلاج للتكفل بالمرضى لا سيما حالات اللسع العقربي التي تتطلب السرعة في الإسعاف ونقل المصاب إلى المراكز المجاورة من شأنه الفتك بحياته قبل الوصول، ويبقى سكان أولاد التومي يتخبطون في عديد النقائص في انتظار تجسيد الوعود المقدمة من طرف المسؤولين المتعاقبين على تسيير شؤون البلدية.

من نفس القسم محلي