محلي

سرقة بالوعات الصرف الصحي تكلف الخزينة العمومية أموالا طائلة

تلمسان

 

شهدت عدة جهات من ولاية تلمسان خلال الفترة الأخيرة تناميا غير مسبوق في عمليات سرقة بالوعات المياه، في ظاهرة وصفت بالغريبة وغير المسبوقة والتي تختار شبكات السرقة موسم الصيف لتنفيذ عملياتها الإجرامية.

أكثر من 300 غطاء حديدي تم نهبه

وبلغة الأرقام، فإن الكميات المسروقة بعدد من هذه البلديات وصلت إلى أكثر من 300 غطاء حديدي وبدرجات متفاوتة من بلدية لأخرى حسب التعداد السكاني وعدد الأحياء بكل ناحية والتي كلف انجازها الخزينة العمومية مبالغا ضخمة. وأمام هذا الوضع تضطر مصالح البلديات لشراء أغطية أخرى تركب مكان القديمة المسروقة لتتضاعف قيمة وكلفة الأغطية، ما يزيد على خزينتها أعباء إضافية التي ارتفعت أسعارها وهي المصالح التي تجد نفسها مضطرة للقيام بالإجراء بشكل استعجالي ودون انتظار تجنبا لوقوع لأي حوادث سير خاصة أن قطر حفر البالوعات كافي لسقوط شخص ما، وقد يؤدي به إلى الموت أيضا، خاصة إذا تعلق الأمر بطفل وحفرة بعمق أمتار أو حتى انحراف مركبة، لا سيما أن عددا معتبرا منها متواجد على مستوى الطرقات الرئيسية والثانوية بالمدينة والتي تعج بحركة سير هامة وأخرى قريبة من مؤسسات تربوية مثلما هو الحال مع الدخول المدرسي الحالي وأخرى عمومية وإدارات تعرف حركة معتبرة، وليس هذا فحسب بل إن ذات المصالح التقنية، تجد نفسها مضطرة أحيانا إلى تركيب غطاءين أو ثلاثة لكل فتحة واحدة بعد سرقة الأول والثاني، وذلك في عمل احتياطي واستباقي لضمان غلق الفتحة في حالة سرقة البالوعات العلوية، لترتفع تكلفة الغطاء الواحد إلى ثلاثة أضعاف الثمن وربما أكثر ما يزيد كاهل ميزانيتها عبئا وضغطا.

وتفاديا لمثل هذه الإكراهات التي تشوه المشهد الجمالي للمدينة بيئيا وأمنيا، اقترح العديد من الفاعلين استبدال أغطية البالوعات الحديدية بأخرى مصنوعة من الألياف الزجاجية المقساة تتحمل ضغوطا عالية وغير قابلة للسرقة لأن السارق لن يستفيد منها ولن يتمكن من بيعها لأنها غير مطلوبة مقارنة بالبالوعات الحديدية، لأنه وببساطة مصنوعة من مواد غير قابلة للرسكلة وبمجرد أن يتم تكسيرها تفقد الصلاحية ولا يمكن إعادة استعمالها، وبذلك يتم المحافظة على الغطاء فوق الفوهة ويبدو أن هذا الحل أصبح قريبا من الواقع وبات لزاما أخذه بعين الاعتبار، خاصة أن كل المؤشرات تؤكد أنه ليست الأغطية الحديدية التي تغطي فوهات المجاري هي الوحيدة التي تتعرض للسرقة فحسب، فهناك أغطية شبكات تصريف الأمطار الموضوعة على جوانب الشوارع وتلك المثبتة بين حافتي الطريق والرصيف، ويبدو أن تلك الأغطية الحديدية أصبحت تستقطب اللصوص في ظل ارتفاع أسعار الحديد وطال الأمر حتى تلك الممهلات المثبتة بالبراغي في مستوى عدة طرق والتي تكلف هي الأخرى مبالغ معتبرة من المال العام، ومع ذلك يزيد مخاطر نزعها في الفترة الحالية تزامنا وفصل الشتاء أين تكثر التهاطلات المطرية والتي تنجر عنها سيول تملأ هذه الحفر الخاصة بالبالوعات وقد تؤدي إلى غرق أشخاص لا سيما الأطفال.

سعر البالوعة قد يتجاوز 10 ملايين سنتيم في السوق السوداء

 

 ولأن تكلفتها مرتبطة بسعر الحديد في الأسواق العالمية ومن ثم محليا، فقد قفز سعر الطن خلال الأشهر القليلة الماضية من 2500 إلى 3500 دينار وهو يقترب من 4 آلاف دينار، مع توقعات باستمرار الارتفاع في ظل تراجع العرض وكثرة الطلب، وبهذا تصبح السوق السوداء لبيع الحديد نشطة حيث يمكن استخدام الأغطية الحديدية للمجاري وتوصيلات الاتصالات وشبكات المجاري وغيرها من الخدمات في الصهر لإعادة التصنيع ومن ثم استغلالها في انجاز أمور أخرى من طرف هؤلاء اللصوص، وعادة ما تكون هذه الأشياء ذات منفعة شخصية أو دون فائدة حتى، وتختلف أوزان تلك الأغطية من حيث النوعية، فبعضها يتراوح بين 30 و50 كيلوغرام وهو ما يعني بلغة الأرقام أن سعر الغطاء الواحد لن يقل عن 70 ألف دينار ويتجاوز 10 ملايين سنتيم للغطاء الواحد وبعضها الآخر يزيد وزنه على القنطار ومن ثمّ سعره يكون أكبر بكثير، وهي أثمان تثير لعاب مافيا السرقة في هذه النوع من الإجرام، ولكن في كل الحالات لا يمكن لشخص واحد إزالة ذلك الغطاء وربما تطلب الأمر شخصين أو ثلاثة للقيام بذلك مع اعتبار وجود مفتاح خاص لفتح أغطية فوهات المجاري، غير أن من السهل جدا توفير المفتاح الذي يبدو سلسا للغاية حيث لا تتطلب العملية سوى حركة دائرية بسيطة لبضع ثوان، دون أن يحدث ذلك ضجيجا داخل تجويف المفتاح لتتم بعدها إزالة الغطاء وهذا يعتبر من العوامل المساعدة على تفشي الظاهرة.

الظاهرة عكرت حياة وأمن المواطن

ومن خلال الواقع، يبدو أن السلطات المختصة تقنيا وفنيا ببلديات ولاية تلمسان 53، لم تتمكن حتى الآن من وضع حد نهائي لظاهرة سرقة هذه الأغطية، والتي البعض منها لم يمر طويلا على وضعها في إطار مشروع تأهيل هذه المدن وكذا أحيائها لا سيما تلك التي تعج بحركة تجارية وأخرى بها أسواق، إلى درجة أن عددا من هذه البالوعات لا يعمر سوى بضع ساعات بعد تنصيبها، حيث تشن هذه الشبكات المتخصصة والمحترفة، عمليات واسعة للسطو على تجهيزات حيوية مخصصة للمنشآت العامة وتراقب أيضا عمليات وضعها من طرف الفرق التقنية، والتي تختار على وجه الخصوص أغطية بالوعات الصرف الصحي والماء الشروب وأيضا الكهرباء والهاتف، فضلا عن الأسلاك النحاسية التي تمر عبر مسار البالوعات والتي يتم نهبها هي الأخرى ما يطرح أيضا تبعات ومشاكل نتيجة قطع الكهرباء وخدمات الهاتف عن آلاف السكان. ولا يقف هاجس السلطات المحلية وباقي الشركاء عند إشكالية القضاء على الظاهرة التي تمتد تبعاتها أيضا إلى ابعد من ذلك حيث أن مشاكل متعددة تنجم نتيجة هذه الوضعية ما جعل معظم الممرات تشكل خطرا على الراجلين ومستعملي الطريق ليلا، وتهدد حياة الأطفال من اللعب خوفا من السقوط بداخلها، كما أنها تهدد الأنشطة التجارية لباقي المحلات ونشاط مختلف المؤسسات سواء الإدارية أو الاقتصادية.

المافيا تنفذ عمليات ليلا وباحترافية كبيرة

تستغل مافيا سرقة النفايات الحديدية الوقت المناسب، لا سيما انعدام الإنارة العمومية في بعض الأزقة لسرقة العديد من أغطية البالوعات من مختلف المسالك ومن ثم تنفيذ عملياتها الإجرامية، حيث يعمد اللصوص إلى اقتلاع الأغطية الحديدية من مكانها خاصة بالنسبة لتلك الموجودة في مواقع خلفية، أو تلك الأحياء التي لا زالت في طور التهيئة، وذلك بغرض بيعها والانتفاع من ثمنها، ما يجعل عدد الشوارع والأزقة تبدو خالية تماما من هذه التجهيزات الهامة والحيوية التي تتحول إلى حفر تصطاد المارة والسيارات، كما تعتمد شبكات السرقة إلى انتهاج مخططات خبيثة لذلك تبدأ بتموقع عناصر منها في زوايا الأزقة لحراسة وترقب أي حركة سيارة شرطة أو مجموعة أمنية، قبل توجيه الإنذار للصوص الأصدقاء في الشبكة لبداية الشروع في تنفيذ العملية عند تأمين المنطقة، من أي حركة لعناصر الشرطة، وفي حال وقوع أمر من هذا النوع تكون إشارات من بعد أو رنة هاتف نقال كافية لإشعار المجموعة بالخطر قبل أن تفر، وأحيانا جعلت منها احترافيتها وكأنهم يجولون الشوارع دون أي مشكل، وفي حالات نجاح العصابة في عمليات السرقة وبعد الانتهاء من ذلك، سرعان ما تأتي السيارة المعنية بنقل المسروقات لتحملها بسرعة ودقة متناهيتين وتخبأ بشكل احترافي داخلها وتغطى بمواد أخرى قد تكون بضاعة مواد غذائية أو مواد بناء أخرى عادية.

 

الفيضانات تتسبب في مشاكل أخرى

ومن بين أهم المشاكل أيضا، تعرض هذه المناطق للفيضانات خلال فصل الشتاء نتيجة النفايات والأتربة والسيول الجارفة والتي قد تملأ البالوعات ومجاري الصرف بالمياه القذرة، التي تتحول إلى حفر تصطاد المارة والسيارات وبرك من المياه يصعب ويستحيل تحديد عمقها والتي لن يسلم منها أي كائن حي، وكانت الفيضانات التي شهدتها تلمسان منتصف الأسبوع الماضي دليلا على ذلك وكانت ساعة واحدة من الزمن كافية لتحدث هذه الأخطار وأكدت معطيات أنه تم اكتشاف عدة أماكن دون بالوعات على مستوى ستة دوائر من إقليم الولاية، تسببت الأتربة في سد المجاري تحت الأرض ومن ثم فيضان السيول إلى السطح لتشكل بركا بارتفاع عشرات السنتيمترات تسببت في عدة حوادث، وقد شكل هذا الفعل والوضع استياء لدى مستعملي الطرقات المتضررة، وحتى لدى السكان المجاورين لها، بسبب ما عاشوه من أخطار بشكل يومي لا سيما الشتاء، ما أدى ببعض المواطنين إلى اللجوء إلى حلول مؤقتة من خلال وضع أحجار عجلات مطاطية أو أشياء أخرى لا سيما قطع حجرية، من أجل تنبيه مستعملي هذه المحاور الطرقية بوجود حفرة، حتى لا يقعوا في فخ غياب الأغطية الواقية للمجاري، ورغم حسن النية في ذلك إلا أن وضع عجلة أو كتلة صخرية للتنبيه بوجود حفرة

 يعتبر أيضا خطرا على أمن المارة لا سيما في الليل، في انتظار ما هو أفضل من حلول.

 

من نفس القسم محلي