دولي
مخطط إسرائيلي لتحويل القدس مدينة عالمية
الأقصى بين خطر الاقتحامات والتهويد وانشغال المسلمين عنه بالسياسة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 14 سبتمبر 2013
كشفت مصادر إعلامية عبرية النقاب عن مخطط أعده طاقم إسرائيلي يدعى فريق "القدس المبنية"، يهدف لتحويل مدينة القدس خلال الأعوام المقبلة إلى مدينة مركزية في العالم.
وقالت صحيفة "معاريف" العبرية إن المدعوان يورام غينسبرغ (55 عاماً)، المعروف بخططه الهادفة لتهويد القدس، و"يهودا عتصيون" الذي خطط لتفجير قبة الصخرة قديماً، هما من أشرفا على الخطة ودعماها.
وينص المخطط، بحسب الصحيفة، على أن تصبح القدس مدينة عظيمة في منطقة مساحتها ألف كيلومتر، مشابهة لباريس ولندن في الوقت الحالي، مع ثلاثة ملايين مواطناً يسكنون فيها، وعشرة ملايين زائر في أوقات الذروة، وأبعد من ذلك أنه سيكون في مركزها "المعبد اليهودي المقدس العظيم" مكان القبة الذهبية الحالية (قبة الصخرة).
وأوضحت الصحيفة أن "القدس قد تمتد إلى مدن فلسطينية مجاورة مثل رام الله وبيت لحم التي ستخلى من العرب بالكامل، وسيركز المخطط على أن القدس ستكون هي المدينة المركزية في "إسرائيل" وليست تل أبيب".
كما سيصبح الحجاج –وفق المخطط- يتوافدون إلى الهيكل المزعوم بأعداد كبيرة، في طقوس ومراسم وطنية تقام في كل عيد، ويستخدمون القطار للوصول إليها، وتصبح القدس وساحاتها عاصمة "إسرائيل".
ويتضمن المخطط، "هدم وتدمير كل الآثار القديمة والأسوار العثمانية في القدس، من أجل خلق قدس جديدة مبنية على الطريقة الحديثة، والقضاء على التمييز بين المدينة القديمة والجديدة، ويهدف هذا أيضاً لإيجاد حل جذري للبلدة القديمة".
وقدم المخطط مختصين ومهندسين تابعين لشركات التخطيط الكبيرة في "إسرائيل"، وعملوا على تقديم الاستشارات في مجال المواصلات والنقل، لنقل ملايين الأشخاص من القدس وإليها من خلال قطار خلال مدة قصيرة.
وعن المساجد الإسلامية في المدينة، يتحدث المخطط بأنه سيحاول توفير المدينة الخاصة بالإسرائيليين ولا يرغبون بأن يكون فيها ديانات أخرى أو مساجد و كنائس، وربما يتم إخلاء أماكنها بالكامل.
وتقول "معاريف": إنه في حال عقد العرب اتفاق سلام أو معاهدة مع "إسرائيل"، وأرادوا أن يسكنوا في القدس، فإنهم سيكونون أقلية دون أهمية "وسيعيش الإسرائيليون بجانب العرب بسلام جنباً إلى جنب، وسيكون بينهم الإخاء والتفاهم والاتفاق".
ونقلت الصحيفة عن يورام غينسبرغ، أحد أصحاب المخطط والمشرفين عليه، قوله إن "رؤية العرب والمسلمين في إقامة الخلافة الإسلامية فشلت، فهذه رؤيتنا ومن حقنا أن نطبقها، ولا يمكن القول إن هذه الخطة غير شرعية وخطة الخلافة الإسلامية شرعية، كما أن مصدر السلطة هنا هو الله والتوراة والكتب المقدسة التي تؤكد على يهودية القدس" بحسب قوله.
المسجد الأقصى هو واحد من أكثر المعالم قدسية عند المسلمين، حيث يعتبر أولى القبلتين فى الإسلام، ويقع المسجد الأقصى داخل البلدة القديمة لمدينة القدس، كما يقدس اليهود أيضا نفس المكان ويطلقون اسم "جبل الهيكل" على ساحات المسجد الأقصى نسبة لهيكل النبى سليمان المفترض، وتحاول العديد من المنظمات اليهودية المتطرفة التذرع بهذه الحجة لبناء الهيكل حسب معتقدها.
واستغلت إسرائيل المشاكل السياسية التى تجتاح حاليا كبرى الدول العربية، وانشغالها بتأمين الجبهة الداخلية لها، بممارسات خطيرة لتهويد القدس، واستباحة المسجد على يد يهود متطرفين وبتشجيع من الحكومة الإسرائيلية على الاستمرار فى اقتحام المسجد، بما ينذر بانتفاضة جديدة للأقصى.
يوسف مخيمر، رئيس هيئة المرابطين بالمسجد الأقصى الشريف، يقول إنه فى الآونة الأخيرة تصاعدت الدعوات الإسرائيلية لتشجيع المستوطنين اليهود المتعصبين لدخول واقتحام المسجد، بل أيضا تشجيعهم على ممارسة شعائرهم الدينية. وأضاف أن إسرائيل بدأت ذلك بالتقسيم الزمنى، حيث حددت ساعات الصباح لدخول اليهود، ومنع المسلمين من أداء فريضة الصلاة خلال تواجد المستوطنين بالمسجد الأقصى.
وأكد "مخيمر" أن معركة اليهود فى الفترة الحالية تتركز فى حربها مع المرابطين بالمسجد الأقصى، حيث تقوم بالضغط عليهم عن طريق زيادة عدد الاعتقالات اليومية لهم، ومنعهم من دخول المسجد، ونوه إلى أن إسرائيل تدرس منذ فترة تضاؤل ردود الأفعال العربية والعالمية نتيجة اقتحامها للمسجد بصورة متكررة، مما شجعها فى الفترة الأخيرة على تكرار اقتحام المسجد خلال فترات زمنية صغيرة، استعدادا لدخول المسجد، لوضع حجر الأساس للهيكل المزعوم.
من جانبه، قال عماد الديجانى، أحد مرابطى بيت المقدس، إن استغلال بعض الفصائل الإسلامية التى تنتمى لجماعة أو حزب سياسى لقضية الأقصى برفع لافتات تؤيد الحزب أو الجماعة خلال اقتحامات اليهود للمسجد، ووجود أعداد كبيرة من المرابطين كنوع من استغلال الموقف، والمتاجرة به إعلاميا لقضية خاصة، عمل على إضعاف الموقف الإسلامى أمام اليهود.
وأوضح "الديجانى" أن تكرار تلك المحاولات شجع اليهود على اقتحام المسجد، حيث إن إسرائيل تدرس جيدا ردود الأفعال الإسلامية نتيجة اقتحامها للمسجد، مما بين لليهود أن المسلمين فى العالم الإسلامى، وخاصة فى المنطقة، منشغلون حاليا عن الأقصى بقضايا سياسية بحتة.
من جانبه، حذر الشيخ محمد حسين، المفتى العام للقدس والديار الفلسطينية وخطيب المسجد الأقصى، مما وصفه بـالدعوات الخطيرة والمتزايدة لاقتحام المسجد الأقصى والسيطرة عليه، والتى كان آخرها دعوة مفوض شرطة الاحتلال المدعو يوحنان دانينو، والتى ادعى فيها حق اليهود بدخول الأقصى والصلاة فيه باعتباره من ساحات الهيكل المزعوم.
كما اعتبرت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات اقتحام مجموعة من الحاخامات اليهود لباحات المسجد الأقصى المبارك بالزى الخاص بالهيكل، وتنظيم حصة تدريبية على عبادات الهيكل بحماية معززة من شرطة الاحتلال الإسرائيلى، ورفقة عشرات من المستوطنين المتطرفين، سابقة خطيرة من نوعها تمهد به إسرائيل لقيام الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد المبارك.
ووصفت الهيئة السلامية المسيحية، فى بيان لها، صمت المجتمع الدولى بمؤسساته ومنظماته المختلفة، بأن له دورًا فى تمادى سلطات الاحتلال بانتهاك حرمة المسجد الأقصى، والاعتداء اليومى عليه باقتحامه وتدنيسه، حيث تكررت المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تهويد الحرم القدسى الشريف، وسلخه عن هويته الإسلامية لتحقيق الحلم اليهودى بإقامة الهيكل المزعوم.
من جانبه، قال الأمين العام للهيئة الدكتور حنا عيسى إن هذا الاقتحام النوعى يحمل فى طياته رسالة خطيرة فحواها أن المسجد الأقصى المبارك لليهود وحدهم ومركز لهيكلهم المزعوم، وهى رسالة مفادها أن اليهود باتوا أقرب مما نتصور لبلوغ غايتهم المنشودة بتهويد المسجد والسيطرة الكاملة عليه، وتحويله لكنيس يهودى بحت، تفتح بواباته أمام اليهود والمتطرفين دون عائق أو مانع.
وقال النائب العربى فى الكنيست مسعود غنايم إن الاعتداءات الأخيرة والمتكررة على المصلين والمرابطين فى المسجد الأقصى، ومحاصرته من قبل قوات الأمن الإسرائيلية لمنع المصلين من الوصول إليه، وممارسة حقهم الشرعى والطبيعى بالصلاة والمرابطة فيه، تدل على أن هناك فى الحكومة الإسرائيلية وصناع القرار فى الدولة من يعتقد أنه يستطيع فرض واقع جديد يسلب من خلاله حق العرب والمسلمين فى القدس والأقصى، ويحقق أحلام وأوهام التيارات والمنظمات اليهودية المتطرفة التى تريد إما هدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل، أو بالمرحلة الأولى تقسيمه زمنيا ومكانيا، كما حدث فى الحرم الإبراهيمى فى مدينة الخليل.
وأضاف أن الأوضاع غير المستقرة، والفوضى التى عمت المنطقة العربية، شجعت الحكومة الإسرائيلية والمنظمات والحركات العنصرية على محاولة تغيير الأمر الواقع فى الحرم القدسى الشريف، ومصادرة حق المسلمين فيه أو مقاسمتهم هذا الحق، ويرونها فرصة قد لا تعوض.
وأكد النائب "غنايم" أن المسجد الأقصى حق للعرب والمسلمين، ولن يسقط هذا الحق مهما طال الزمن، ومهما كانت الظروف التى يمر بها العالم العربى والإسلامى، مؤكدا أن منع المصلين ومحاصرة الأقصى على يد قوات الأمن الإسرائيلية هى سياسة عنصرية تتعارض مع حق الإنسان فى العبادة وفى المحافظة على مقدساته.
إ: عبد القادر. د