محلي

سكان الشاليهات يهددهم خطر "الأميونت"

عنابة

 

 

أعربت المئات من العائلات التي لا تزال تقطن بالسكنات الجاهزة أو ما يطلق عليها بـ"الشاليهات" بالعديد من بلديات ولاية عنابة عن استنكارها لصمت السلطات المحلية والمنتخبين على حد سواء اتجاه وضعيتهم التي بلغت حدا لا يطاق، فبالرغم من الوعود المختلفة القاضية أحيانا باقتراب ترحيلهم إلى سكنات اجتماعية وأخرى بتمليكهم للأرضية الموجودة عليها مساكنهم الجاهزة تمهيدا لبنائها إلا أن دار لقمان لا تزال على حالها والمخاطر تزداد يوما بعد يوم فالمئات من العائلات القاطنة بالبيوت الجاهزة على مستوى بلديتي البوني وسيدي عمار يدقون ناقوس الخطر بشأن

 الوضعية الراهنة التي يعيشون فيها داخل مساكن تشكل خطرا كبيرا على حياتهم جراء احتواء جدرانها على مادة "الأميونت"، ما جعلها تطالب الحكومة بتعميم قرار تفكيك الشاليهات ليشمل ولاية عنابة على غرار العاصمة وبومرداس وقسنطينة، مطالبين السلطات المحلية بضرورة التدخل الفوري والعاجل لترحيلها إلى سكنات اجتماعية جديدة.

سكان هذه البيوت أكدوا بأن السكنات التي يقطنونها حاليا كانت قد منحت لهم بصفة مؤقتة، على اعتبار أنهم كانوا من ضحايا فيضانات سنة 81 و87 والتي ضربت آنذاك أحياء "أوزاس"، و"11 ديسمبر 1960"، وشارع إفريقيا بالسهل الغربي، وهي الكارثة الطبيعية التي جعلت والي الولاية في تلك الفترة يقرر ترحيل العائلات المنكوبة إلى سكنات جاهزة ببلديتي البوني وسيدي عمار، وهو القرار الذي كان قد أتخذ بصفة استثنائية، مع تقديم وعود للعائلات بترحيلها إلى سكنات اجتماعية بمدينة عنابة. وأضاف المتحدثون بأن السبب الرئيسي الذي دفعت إلى التحرك على جناح السرعة يتمثل في المواد السامة والقاتلة التي تحتويها جدران البيوت الجاهزة، خاصة مادة ''الأميونت''، التي تتسبب في الإصابة بمرض السرطان، لا سيما بعد تعرض جدران هذه البنايات إلى الاهتراء والخراب، فضلا عن كون أهل الاختصاص أكدوا في العديد من الزيارات الميدانية التي قادتهم إلى هذه البنايات بأن البيوت الجاهزة لا تتعدى مدة صلاحية إيوائها سوى 10 سنوات كأقصى تقدير، وهي المدة الزمنية التي تجاوزتها بكثير السكنات الجاهزة المتواجدة بمنطقة 312 مسكن ببوخضرة بالبوني، ومنطقة بوشارب إسماعيل وحجر الديس بسيدي عمار، والتي تأوي في مجملها أزيد من 1100عائلة. كما طالب سكان البيوت الجاهزة بحي بوخضرة ببلدية البوني السلطات المحلية بترحيلهم إلى سكنات اجتماعية بالحصص المنجزة بمحاذاة القطب الجامعي الجديد، مؤكدين بأن السلطات المحلية مطالبة بإبعاد الخطر المحدق بأكثر من 300 عائلة تقطن منذ أزيد من 27 سنة بالشاليهات التي منحت للعائلات في فيضانات 1987 ما تسبب في تسجيل الكثير من الأمراض كالربو والحساسية والسرطان بسبب وجود مادة الأميونت. وما زاد الطين بلة، فيضان الوادي القريب من الحي مع حلول كل فصل شتاء، ناهيك عن التسربات الكثيرة لقنوات الصرف الصحي وشبكات المياه الصالحة للشرب.

كما جددت نحو 250 عائلة تقطن سكنات جاهزة ببلدية سيدي عمار مطلبها القاضي بضرورة تدخل السلطات المحلية لولاية عنابة من أجل إدراجها ضمن قوائم المستفيدين سكنات اجتماعية جديدة في إطار برنامج القضاء على السكن القصديري والهش، مرجعة سبب ذلك إلى الخطر الكبير الذي تشكله مادة "الأميونت" على حياة السكان، لأن الإقامة في السكنات الجاهزة كانت بصفة مؤقتة، لكن العائلات المعنية وجدت نفسها مجبرة على قضاء ما لا قيل عن 30 سنة في هذه البنايات، ما دفعها إلى المطالبة بالترحيل إلى سكنات اجتماعية جديدة. وأكد ممثلون عن العائلات بأن إقامتهم في بنايات جاهزة كانت على خلفية الفيضانات التي كانت قد اجتاحت ولاية عنابة في منتصف ثمانينيات الألفية الماضية، لأنهم كانوا من ضحايا الفيضانات التي خلفت مئات العائلات المنكوبة، خاصة بشارع إفريقيا، حي 11 ديسمبر وحي أوزاس والسهل الغربي، فلم تجد السلطات المحلية من حل في تلك الفترة سوى استغلال سكنات جاهزة تابعة لبعض الشركات الأجنبية ببلديتي سيدي عمار والبوني، موضحين بأن عملية الترحيل كان قد قابلها تلقي وعود من السلطات الولائية تقضي بترحيل جميع العائلات المتضررة إلى سكنات اجتماعية جديدة في فترة زمنية لا تتعدى 4 سنوات، لكن تلك الوعود لم تجد طريقها إلى التجسيد على أرض الواقع، رغم استفادة الولاية من مشاريع سكنية معتبرة.

وأشار ممثلو العائلات إلى أن تحركهم في هذه الفترة للمطالبة بالترحيل كان بمثابة رد فعل عفوي على المعاناة الكبيرة التي أصبحوا يعيشون فيها، لأن جدران السكنات الجاهزة تآكلت، ومادة "الأميونت" أصبحت تهدد حياة المواطنين، لأن الجدران الجاهزة تحتوي في تركيبتها على بعض المواد السامة التي من شأنها أن تشكل خطرا كبيرا على حياة السكان، موضحين بأنهم كانوا قد وجهوا العديد من نداءات الاستغاثة للمطالبة بالترحيل في السنوات الفارطة، إلا أن السلطات المحلية كلفت لجانا تقنية بمعاينة وضعية السكنات، دون اتخاذ إجراءات من شأنها وضع حد لمعاناة مئات العائلات، ولو أن تقارير لجان المعاينة ـ حسب ممثلي السكان ـ كانت قد حددت مدة صلاحية السكنات الجاهزة بـ 10 سنوات، إلا أن العائلات التي كانت قد رحلت بصفة مؤقتة إلى السكنات الجاهزة بسيدي عمار تقضي أزيد من 30 سنة في الشاليهات، ما جعلها تلح على ضرورة إدراجها ضمن قوائم العائلات المعنية بالترحيل في إطار القضاء على السكن الهش، لأن البنايات الجاهزة أصبحت هشة وجدرانها تآكلت كلية.

السكان يطالبون بترحيلهم في أقرب وقت

من جهة أخرى أكد السكان بأن مصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري لولاية عنابة كانت قد قامت بإحصاء جميع العائلات المقيمة في الشاليهات المتواجدة بمنطقة بوخضرة وحي بوشارب إسماعيل ببلدية البوني وكذا حي حجار الديس، وذلك في إطار خارطة الطريق التي وضعتها لتفكيك كل الشاليهات وترحيل قاطنيها إلى سكنات اجتماعية جديدة، لكن الملفات بقيت قيد الدراسة على مستوى الدوائر، لأن كل العائلات كانت قد أوعدت ملفاتها لطلب السكن الاجتماعي، غير أن السلطات المحلية ارتأت تخصيص حصة لقاطني السكنات الجاهزة بسيدي عمار والبوني، في الوقت الذي أكد فيه عضو من المجلس البلدي بأن السلطات الولائية قررت تخصيص حصة لهذه العائلات في الشطر الثاني من البرنامج الموجه لبلدية سيدي عمار في إطار محاربة السكنات القصديرية وبين هذا وذلك الكل يعلم بأن ساعة الفرج لا زالت بعيدة.

كما كشف عدد من سكان البيوت الجاهزة بكل من حي بوخضرة وبوشارب إسماعيل بحجر الديس ببلدية أن أكثر من 200 ملف طلب تنازل عن السكنات الجاهزة بالحيين المذكورين تم إيداعها على مستوى لجنة التنازل بمصالح دائرة البوني، بغرض تسوية هذا الملف واستفادة السكان على وثائق التنازل لصالحهم. وحسب المصادر ذاتها فقد قامت الدائرة سنة 2011 بتكليف مكتب دراسات للإشراف على هذه العملية، مؤكدين في هذا السياق بأن السلطات المعنية بمتابعة هذا الملف كانت قد أبلغتهم في وقت سابق بأنه تمت الموافقة على إدماج هذه السكنات ضمن عملية التنازل طبقا للقانون المعمول به، مستبعدين لجوء الدولة لترحيلهم على غرار العاصمة وقسنطينة.

وفي مراسلة مؤرخة في 4 أفريل 2008 بتوقيع رئيس دائرة البوني السابق طلب الأخير من السكان الاتصال بمكتب التنازل عن أملاك الدولة لمصالح الدائرة لتبليغهم بالإجراءات المتخذة في قضية التنازل عن السكنات لفائدتهم. 

وفي مراسلة ثانية بتاريخ 19 ديسمبر 2006 من قبل مديرية أملاك الدولة بعنابة أشارت الأخيرة في ردها عن استفسار لجمعية آفاق لحي بوشارب إسماعيل عن الإجراءات المتبعة للاستفادة من التنازل عن السكنات المشغولة وفق المرسوم التنفيذي رقم 03 / 269 المؤرخ في 7 أوت 2003، أكدت أنه يمكن لهم الترشيح لاكتساب هذه العقارات في إطار هذه العملية للذي يثبت صفة شاغل شرعي حائز على سند قانوني ومستوفى لكل الالتزامات الكرائية لغاية تاريخ طلب الشراء الذي يودع لدى أمانة لجنة التنازل عن الأملاك التابعة للدولة وديوان الترقية والتسيير العقاري بدائرة البوني.

كما أظهر محضر اجتماع بتاريخ 18 فيفري 2009 بين رئيس الدائرة الأسبق وممثل عن مديرية أملاك الدولة وديوان الترقية والتسيير العقاري وممثلين عن المحافظة العقارية ومديرية مسح الأراضي ومديرية البناء والتعمير لولاية عنابة، لدراسة عملية التسوية العقارية لحي 778 مسكن بناء جاهز ببوشارب إسماعيل، وحي 312 ببوخضرة، بأن الأرضية المقام عليها غير معنية بقانون استرجاع أراضي الدولة المؤممة كونه عقار مأهول أي مشغول بسكنات، لذا فإن عملية التمليك لا تواجه أي صعوبات، كما أنه وبعد الاضطلاع على مخطط يبين الوضعية الأولية تم تحديد عقاري لكل الوحدات

 السكنية، حيث سيتم من خلال هذا المخطط تعيين الأرضيات التي ستكون محل الدراسة من طرف لجنة الدائرة بعد خضوعها لعملية التقييم من طرف مديرية أملاك الدولة، بعد إرسال مصالح ديوان الترقية والتسيير العقاري إلى مصالح مديرية أملاك الدولة قائمة اسمية مرفوقة بنسخة من مخطط وضعية تلك السكنات، إضافة إلى تعيين مساحة الوعاء العقاري لكل شاغل، وتقوم اللجنة بعده بإتباع الإجراءات بصفة عادية، مع ملاحظة أنه يعني بهده القائمة الحالية للشغالين. وحسب مضمون المحضر المذكور فقد سجل خلال الاجتماع تقييم مخطط كلي لحي 778 مسكن ببوشارب إسماعيل، بالإضافة إلى قائمة اسمية للشاغلين من طرف ديوان الترقية والتسيير العقاري إلى مصالح دائرة البوني.

وقد كشفت مصادر محلية أن السلطات الولائية تستعد للشروع في إحصاء الشاليهات الموزعة ببلديات الولاية تمهيدا لتفكيكها وترحيل ساكنيها إلى سكنات اجتماعية ضمن الحصة السكنية التي ستمنحها وزارة السكن والعمران للولاية بناء على أوامر حكومية من أجل استغلال المساحات المنجزة عليها واستغلال كافة المساحات الشاغرة عبر مختلف بلديات الولاية لإنجاز حصة عنابة من برنامج المليون وحدة سكنية في طبعته الثانية، وأكدت أن المساحات الخاصة بهذه الشاليهات سيتم استرجاعها عقب الانتهاء من التفكيك لاستغلالها في إنجاز مشاريع التنمية المحلية وإنجاز سكنات أخرى تدخل في إطار البرنامج الخماسي الحالي 2010/2014.

 

من نفس القسم محلي