محلي

هل تنجح "التعبئة" لوقف "آفة" التبذير؟

جمعيات، أئمة ومؤسسات في الميدان لتحسيس المواطنين

يتضاعف حجم التبذير عند الجزائريين خلال الأسبوع الأول من رمضان وهو ما دفع  جمعيات حماية المستهلك ومنظمات المجتمع المدني وحتي الائمة وجمعيات خيرية هذه الفترة لاطلاق حملات تحسيسية لحث  المواطنين على وقف سلوك التبذير  وتدعو هذه الجمعيات والفعاليات الجزائريين لتبي سلوك استهلاكي متوازن يساهم في وقف الاستنزاف الذي تتعرض له ميزانياتهم  خاصة في ظل الغلاء الذي تشده الأسواق وازمات الندرة التي عادت للواجهة.

وقد بدأت أولى مظاهر التبذير تسجل عند الاسر الجزائرية مع أولى أيام رمضان فحمي الشراء التي أصابت أغلب الجزائريين والمبالغة في اقتناء كل ما تعرضه الأسواق يعتبر مظهر من مظاهر التبذير حيث ينتهي بالكثير من المنتجات التي يقتنيها الجزائريون من الأسواق بضعف ثمنها خلال الأسبوع الأول من رمضان في "المفرغات العمومية" و"مكبات النفايات"  وعليه وكما جرت العادة كل سنة فقد باشرت جمعيات حماية المستهلك وعدد من الفاعليين في المجتمع المدني من بينهم الأئمة في إطلاق عمليات التحسيس لحث الجزائريين على تجنب سلوك التبذير خاصة في هذه الظروف التي تعيشها الأسواق وكذا تدهور القدرة الشرائية لعموم المواطنين وازمات الندرة التي عادت للواجهة وهو ما يجعل أثار التبذير "مضاعفة"

  • حريز: التبذير في رمضان أكثر ما يستنزف ميزانية الأسر

وفي هذا الصدد أطلقت  الفدرالية الجزائرية لحماية المستهلك أكبر قافلة  تحسيسية لمحاربة التبذير،  تجوب عددا من ولايات الوطن الكبرى، مثل العاصمة، وهران، قسنطينة وتيزي وزو، تتزامن مع الشهر الفضيل، بالنظر إلى تفشي الظاهرة التي تحولت إلى عادة سيئة، وحسب رئيس الجمعية، زكي حريز فبمناسبة استقبال الشهر الفضيل، فقد قررت الجمعية، مناقشة مختلف الظواهر السلبية التي تنتشر خلال شهر الصيام، وتم الإجماع على التخطيط لمحاربة أكبر آفة يواجهها المستهلك الجزائري وهي التبذير، مشيرا إلى أن الغاية من الحملة هو تغيير العقلية الجزائرية التي تتجه، ما إن يحل رمضان، إلى الحديث فقط عن الاستهلاك، الأمر الذي يعكسه ارتفاع معدل الاستهلاك في هذا الشهر، وينتج عنه كتحصيل حاصل، زيادة في التبذير، ولعل أحسن مثال على ذلك ـ يقول ـ "رمي الخبز بكميات كبيرة، وهو ما يعكس ضعف ثقافة الاستهلاك في مجتمعنا". وقال رئيس الجمعية أنه تم تسطير برنامج عملي يتمحور حول "المعادلة التي تمكّن العائلات من تحقيق الاقتصاد وتجنبها التبذير، والتي مفادها توكيل مهمة الشراء في رمضان لشخص واحد، لأن المعروف في جل العائلات أن الأغلبية تشتري ما تعتقد أنه ضروري، الأمر الذي ينتج عنه توفر مواد غذائية تزيد عن الحاجة، واعتبر حريز ان مفتاح تجنب التبذير في رمضان هو التخطيط الجيد للميزانية الذي يكون بتفويض شخص واحد في الأسرة بمهمة الإنفاق، موضحا أن ربات البيوت مطالبات أيضا بالتحلي بنوع من الوعي الاستهلاكي من خلال تبني قاعدة الاقتصاد، وعدم الدخول في متاهة الحصص التلفزيونية التي تركز على الطبخ وتعتبر بالنسبة لجمعية حماية المستهلك "المسؤول عن إفساد العادات الغذائية، لأنها تروج لأكل غير صحي وغير اقتصادي، يدفع بربات البيوت إلى الرغبة في التجريب، الأمر الذي يجعلها عرضة للتبذير". مؤكدا أن العمل التحسيسي للجمعية  حول محاربة التبذير، لن يقتصر على تنشيط الحملة التحسيسية فقط، بل يمتد أيضا إلى التوعية بمختلف وسائل الإعلام، لتمكين أكبر شريحة من الاستفادة، داعيا في السياق، الائمة إلى المشاركة بقوة في الحملة باعتبار ان التبذير هو سلوك منهي عليه حتى دينيا.

  • مديريات التجارة تطلق حملات وقوافل تحسيسية

من جهته تعتزم مديرية التجارة لولاية الجزائر تنظيم حملات تحسيسية لحماية المستهلك ومحاربة التبذير الغذائي،  وتهدف هذه الحملات التحسيسية التي ستتم عبر فضاءات تجارية وساحات  عمومية بمبادرة من مديرية التجارة وبالتنسيق مع مديرية الصحة و السكان و  مديرية الشؤون الدينية و مصالح الحماية المدنية إلى جانب عدة جمعيات محلية  لحماية المستهلك و بالتنسيق مع الاتحاد العام للتجار و الحرفيين الجزائريين، حسب مصدر من المديرية،  إلى تحسيس المواطنين ب"تصحيح عادات الاستهلاك و إتباع عادات جيدة لمكافحة  تبذير الأغذية"  حيث تندرج هذه النشاطات التحسيسية التي تتزامن وشهر رمضان الكريم ضمن البرنامج المسطر من قبل المديرية في مجال التوعية بالمخاطر والتحسيس بالأثار السلبية للتبذير.

  • الأئمة لـ"التحسيس" عبر المنابر ..

من جهته اكد رئيس تنسيقية الأئمة جلول حجيمي انخراط الائمة في العمل التحسيسي لمحاربة التبذير واللهفة في رمضان مشيرا ان الإمام سيؤدي دوره لوعظ الجزائريين بأهمية السلوك الاستهلاكي المعتدل  وقال حجيمي  في تصريح لـ"الرائد" أن "اللهفة" تلازم الكثير من الجزائريين، خاصة في مثل هذا الشهر الفضيل رغم الحملات التحسيسية التي تقوم بها مختلف المؤسسات التعليمية إلى جانب المساجد وغيرها من المؤسسات الأخرى، مضيفا أن الظاهرة تزداد من سنة لأخرى حتى بالنسبة لميسوري الدخل، والدليل، حسبه ما يحمله عمال النظافة من أمام المنازل وهو ما يوحي بالمبالغة في الإسراف والتبذير، وقال حجيمي أن الشهر الكريم بات يصحبه التبذير والإسراف في كثير من الأحيان‏، وهو ما يعتبره الشَرع من الذنوب والآثام التي ذمها اللّه في كتابه العزيز ونهانا عنها نهيًا مباشرًا صريحًا، لما يسببانه من عدم تقدير واحترام لنِعَم اللّه وإهدارها هباء ودون جدوى، وإنفاق المال في غير طاعة وفيما يخالف الشريعة الإسلامية معتبرا بأن "اللهفة" ليست السبب الوحيد في تفاقم ظاهرة التبذير والإسراف خلال شهر رمضان بل هناك أسباب أخرى على غرار عدم التحكم في ميزانية البيت وغياب الثقافة الاستهلاكية لدى المواطن الجزائري رغم أن الدين الإسلامي حذر من مغبة التبذير في النعم وبالأخص نعمة الخبز، واستدل بنصوص من الكتاب، لتوضيح موقف الشريعة الإسلامية من سلوك التبذير والتشديد على أهمية التعامل معها بحذر شديد.

من نفس القسم محلي