محلي

التجارة الموازية تتوسّع على حساب "الاقتصاد الوطني"..!

باتت تعمق من فوضى القطاع التجاري بالجزائر

توسعت التجارة الموازية خلال الأشهر الأخيرة بشكل ملفت، حيث زحفت طاولات التجار غير الشرعيين على مواقع جديدة في أحياء وبلديات بالعاصمة ومدن أخرى، في حين تفشل كل مرة مساعي السلطات المحلية والأمنية في "ملاحقة" التجار الموازين عبر عدد من المواقع بسبب إصرار هؤلاء على ممارسة هذا النشاط غير الشرعي والذي يعمّق حتما من فوضى القطاع التجاري في الجزائر ويغذّي الاقتصاد الموازي الذي تسعى الحكومة القضاء عليه.

وقد تراجعت جهود وزارة التجارة ووازرة الداخلية ومختلف الأجهزة الأمنية في محاربة التجارة الموازية الفترة الأخيرة حيث لم تسجل الأشهر الماضية أي حملات للقضاء على الطاولات الموازية والتي عادت بقوة لتحتل أماكن واسعة من الشوارع والطرقات وفي نقاط لم تكن موجودة بها من قبل  بينما انتعشت العديد من الأنشطة التجارية والخدماتية الموازية  على حساب الأنشطة النظامية الرسمية وهو ما يعني أن قرارات منع التجارة الموازية يبقي تطبيقها ضعيف على أرض الواقع.

  • هذه العوامل فاقمت ظاهرة التجارة الموازية مؤخرا  

والملاحظ أن العودة القوية للتجارة الموازية  الفترة الأخيرة جاء متزامنا مع  الازمة الصحة حيث يري مراقبون ان هذه الازمة فتحت المجال امام بروز أنشطة تجارية موازية جديدة لم تكن من قبل منتشرة بالشكل الحالي معتبرين ان تجار نظاميون وخلال هذه الفترة توجهوا نحو التجارة الموازية لتعويض خسائرهم. من جانب آخر فإن ارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب خاصة من الشباب غير المتعلّم ساهم بشكل مباشر في تفاقم الظاهرة وبات أغلب الشباب يلجئون لهذا النشاط بحثا عن دخل يومي ينقذهم من شبح البطالة. بالمقابل فان تدهور القدرة الشرائية للجزائريين الأشهر الأخيرة شجع التجارة الموازية أكثر كون الأسعار التي تتداول في الأسواق تعتبر اقل من الأسواق النظامية رغم ان هذه القاعدة لم تعد  مثبتة على أرض الواقع فالعديد من التجار الموازيين باتوا يفرضون أسعار أعلى من المحلات التجارية غير ان الاعتقاد ان الأسواق الموازية هي أسواق "الزوالية" جعل الاقبال على  هذه الأخيرة يتضاعف.

  • لهذا السبب.. القضاء على الأسواق الموازية لا يمثل أولوية حاليا!

بالمقابل ومن الناحية الاقتصادية تعتبر التجارة الموازية مظهر من مظاهر الاقتصاد الموازي الذي يؤرق السلطات وتسعى الجزائر إلى إيجاد حل له غير ان التجار الفوضويين يعدون الحلقة الاخيرة من السلسلة التي يقف وراءها مستوردون ومنتجون ورجال أعمال وتجار جملة، ورغم ان التجارة الموازية تعتبر خطر على القطاع التجاري في الجزائر والاقتصاد الوطني ككل الا ان خبراء يرون  لها فوائد اجتماعية بما انها تسمح لعشرات الالاف من الاسر من كسب قوتهم وتمتص نسب بطالة لم يتمكن القطاع العمومي والخاص على امتصاصها، لتبقى الظاهرة لا تشكل أولوية حاليا بالنسبة للسلطات العمومية التي تهدف للقضاء على الاقتصاد الموازي من خلال تقليل الكتلة النقدية المتداولة خارج البنوك كمرحلة أولى وأيضا القضاء على السوق الموازية للعملة.

حريز: السوق الموازية خطر الصحة العمومية والاقتصاد الوطني

وعن أسباب توسع التجارة الموازية الفترة الأخيرة، أكد رئيس فدرالية حماية المستهلك زكي حريز، أن ذلك راجع لأسباب عديد منها تقاعس المصالح المعنية عن القضاء على الظاهرة وتراجع حملات تطهير الاحياء من طاولات التجار الموازيين وهو ما جعل هذه الأخيرة تحتل حتى مداخل العمارات في بعض التجمعات السكنية خاصة الأحياء الجديدة المسلمة حديثا، وقال حريز في السياق ذاته ، إن تدهور القدرة الشرائية يعتبر أيضا عامل يشجع على استفحال التجارة الموازية، بالإضافة على نقص الأسواق الجوارية خاصة في الأحياء الجديدة معتبرا أن عدم توفير بدائل للمستهلكين يدفع هؤلاء للجوء إلى  التجار غير الشرعيين لتلبية حاجياتهم اليومية، وأضاف حريز أن التجارة الموازية ليست حكرا على الجزائر فقط بل موجودة في كل دول العالم بنسب متفاوتة غير أنها للأسف في الجزائر تغلبت على القطاع الرسمي بنسب تجاوزت 50 إلى 60 بالمائة.

وقد أرجع حريز صعوبة القضاء على هذه الظاهرة المتجددة منذ سنوات إلى عوامل  متعددة منها  اجتماعية تتمثل في  صعوبة توفير مناصب شغل للشباب الذي ينشط في هذه التجارة  مضيفا أن القضاء على التجارة الموازية يتطلب شجاعة لإيجاد البدائل، خاصة في مثل هذه الظروف، وأردف المتحدث أن التجارة الموازية خطر على الصحة العمومية خاصة مع بيع منتجات استهلاكية سريعة التلف كما أنها لا تحفظ حقوق المستهلك الذي يصبح معرضا للاحتيال في كل وقت دون تمكنه من ضمان حقوقه كما أنه حسب حريز تعتبر خطر على الاقتصاد الوطني حيث تساهم في توسع الاقتصادي الموازي الذي يكبد الخزينة العمومية سنويا خسائر بالملايير.

من نفس القسم محلي