محلي
نجاحات رغم الصعوبات
تجربة الاعلام الرقمي في الجنوب
- بقلم م ش
- نشر في 07 أكتوبر 2021
بدأت معالم العمل الإعلامي في المجال الرقمي تتجلى بجنوب الوطن خلال السنوات الأخيرة بفضل بروز تجارب طموحة تمكنت في رفع التحدي من خلال إنتاج محتوى هادف للجمهور يعزز الإعلام الجواري في هذه المنطقة الشاسعة من الوطن.
أكدت تلك التجارب نجاحها على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي تعترض هذه المهمة، والتي يلخصها ممارسو هذا المجال في المنافسة التي تفرضها وسائل الإعلام التقليدية وشح موارد الإشهار، فضلا عن مواجهة الإشاعة والأخبار الكاذبة المنتشرة في صفحات مواقع التواصل الإجتماعي وظروف العمل الصعبة للصحفيين الناشطين فيه.
ويجمع أغلب الممارسين للإعلام الجديد الذين اقتربت أن الصحافة الإلكترونية شكلت اليوم نقلة متميزة في تعزيز الإعلام الجواري الرقمي الذي يسعي إلى توفير مادة إعلامية هادفة ومتميزة للجمهور، تساهم في فك العزلة عن هذه المنطقة التي مازالت تعاني "ضعف" التغطية الإعلامية.
واعتبر هؤلاء الاعلاميين أن من واجبهم أيضا تجاه الوطن والمجتمع الحرص على نشر المعلومة الصحيحة والتحقق من مصادرها مع الإحاطة بكل جوانب المواضيع المطروحة، فضلا عن تجنب المسائل الشائكة والمثيرة للبلبلة حفاظا على الأمن والسلم الإجتماعي.
وأكدوا أن المرسوم التنفيذي المحدد لكيفيات ممارسة نشاط الإعلام عبر الإنترنت، قد رسم الإطار القانوني للصحافة الإلكترونية, إذ يمثل –حسب المتدخلين - إنطلاقة فعلية نحو تنظيم هذا النشاط, بما يستجيب لتطلعات الصحفيين في تكريس مبدأ حرية الرأي والتعبير، في حدود ما يسمح به القانون وأخلاقيات المهنة.
ويقود التطرق إلى تطور الصحافة الإلكترونية في جنوب الوطن، حتما للحديث عن تجربة "جنوبكم" بورقلة, إحدى أبرز المؤسسات الناشئة التي تعزز بها المشهد الإعلامي المحلي، والتي استفادت خلال الفترة الممتدة ما بين 2017 و2019 من احتضان مشتلة المؤسسات، حيث تهتم هذه المؤسسة الإعلامية التي يشرف عليها طاقم من المهنيين المتمرسين، بمرافقة صحفيين شباب على إنشاء محتوى إعلامي مبتكر وهادف، تتم صياغته وفقا لفنيات التحرير المعمول بها, وفي ظل احترام قواعد العمل الصحفي المحترف وأخلاقيات المهنة، كما أوضحت حورية عليوة مديرة مؤسسة "جنوبكم" المتخصصة في الإعلام الإلكتروني والسمعي البصري.
وتضم هذه التجربة الإعلامية الجديدة، مجموعة من الشباب المتخرجين من جامعة قاصدي مرباح بورقلة ومعاهد التكوين المهني، الذين يتطلعون إلى ممارسة الإعلام برؤية جديدة تعتمد على أفكار مبتكرة يتم من خلالها التعريف بالمنطقة، حسب ذات المتحدثة.
وأوضحت " أن المحتوى الذي يقدمه "جنوبكم" عبر صفحته الإلكترونية ووسائط التواصل الاجتماعي، يرتكز على الإعلام الجواري الذي يسلط الضوء على مختلف القضايا النابعة من الواقع المحلي، باستخدام اللغة العربية الفصحى والعامية، بالإضافة إلى المتغير الأمازيغي المحلي (الورقلية)، باعتبار أننا - كما قالت ''متواجدون في منطقة يتحدث سكانها اللغتين العربية والأمازيغية المحلية".
وأكدت في ذات السياق, أن الهدف المنشود هو التعريف بالمنطقة والتطرق لمختلف مناحي الحياة فيها, بما في ذلك عادات وتقاليد الساكنة, من خلال تقديم أعمال هادفة للجمهور عبر مقالات صحفية أو مقاطع فيديو"، وفيما يتعلق بتطور الإعلام الجديد في الجزائر، قالت عليوة أن الصحافة الرقمية قد أثبت في الآونة الأخيرة تفوقها على الصحافة الورقية، ويبرز هذا في الإنتشار اللافت لعديد الصحف والمواقع التي حظيت أيضا بمتابعة كبيرة من الجمهور، الأمر الذي ساعد - حسبها- على ظهور عناوين جديدة تتمركز جغرافيا خارج الجزائر العاصمة, وتسعى لضمان التغطية الإعلامية الوطنية.
وترى أن الصحافة الإلكترونية في الجنوب، تتميز بكونها محلية وتعنى أساسا بالإعلام الجواري الذي يندرج ضمن ديناميكية إيجابية ومتناغمة تتطور وتتحسن يوما بعد يوم، دون التجاهل أنه يتمركز في منطقة يمكن أن يقال عنها "منطقة ظل إعلاميا"، بالنظر إلى ''النقائص التي لازالت تشوب التغطية الإعلامية في جنوبنا الكبير المترامي الأطراف والمتباعد المسافات.
واعتبرت أن الأحكام التنظيمية الجديدة التي سنتها الدولة لتنظيم الإعلام الإلكتروني وبالرغم من اللغط الذي أثير حول المسألة، أدت إلى الإعتراف الكامل ولأول مرة بالعمل الصحفي الممارس عبر شبكة الإنترنت، فضلا عن إعادة إحياء الكثير من الآمال التي تصبو إلى تحسين وضعية الصحافة في الجزائر.
وأضافت عليوة "أن العامل الآخر الذي لا يقل أهمية عن سابقيه لتعزيز الصحافة الإلكترونية هو دعم الحضور المتوازن لمنصات الإعلام الرقمي عبر جميع أنحاء التراب الوطني، مما سينعكس إيجابا على أداء الإعلامي الجواري في كل منطقة من ربوع الوطن."
- الإذاعة الإلكترونية ... تجربة أخرى واعدة
لا يمكن التطرق إلى الصحافة الإلكترونية في الجنوب دون التطرق إلى تجربة "مجمع الجديد" الطموحة في إنشاء إذاعته الرقمية "الجديد أف.أم" التي تبث عبر شبكة الإنترنت. وأشار المدير العام للمجمع أحمد رزاق لبزة أن تاريخ إطلاق إذاعة الجديد الإلكترونية التي ينشطها طاقم شاب يتكون من صحفيين ومذيعين وتقنيين, يعود إلى22 فبراير 2020، وتهتم هذه المحطة الإذاعية الفتية والتي تبث برامجها عبر صفحتها على موقع "فيسبوك"، بمختلف الأخبار ذات الصلة بالحياة اليومية للمواطن على الصعيدين المحلي والوطني, بالإضافة إلى برامج ومحتويات ثقافية وفنية وغيرها، يوضح رزاق لبزة، كما تعمل على تقديم خدمة عمومية جوارية من شأنها المساهمة في ترقية التراث الذي تزخر به منطقة وادي سوف والمحافظة على الهوية الوطنيةـ كما ذكر مديرها العام.
وأشار أن إذاعة الجديد قد أبرمت سلسلة من إتفاقيات التعاون مع عديد الإذاعات الخاصة في الجمهورية التونسية على غرار, "جوهرة أف.أم" و"شمس أف.أم" و"توزر أف.أم"، وذلك ضمن المساعي الرامية إلى تعزيز الجوانب ذات الإهتمام المشترك، وبخصوص المرسوم التنفيذي المحدد لتنظيم ممارسة الإعلام الإلكتروني في الجزائر، يرى رزاق لبزة "أن هذا الأخير جاء ليعزز القانون العضوي رقم 12-05 لسنة 2012"، داعيا في هذا الشأن القائمين على القطاع إلى ضرورة العمل على توفير مناخ ملائم للإستثمار في هذا المجال، سيما من خلال تذليل الصعوبات التي يكمن أن تعترض حاملي المشاريع.
ويجمع هؤلاء المتحدثين أن انطلاقة الإعلام الإلكتروني الفعلية في ولايات الجنوب، يتوجب أن تتجسد من خلال توفير الدعم الضروري من طرف الدولةـ ووضع إطار قانوني للصحفي الناشط في هذا الميدان، علاوة على حماية الصحفيين ومنحهم التسهيلات اللازمة للوصول إلى المعلومة وتفعيل الإشهار الرقمي.