دولي
توقعات إسرائيلية منخفضة لتهدئة جدية بين حماس وتل أبيب
عمد نتنياهو لاستراتيجية "إدارة الأزمة" بمواجهة غزة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 11 فيفري 2020
في ظل تهديدات القادة الإسرائيليين السياسيين والعسكريين بتوجيه ضربة عسكرية "ساحقة" لقطاع غزة ردّاً على إطلاق القذائف والبالونات المتفجرة، وصل إلى غزّة وفد أمني يمثل جهاز المخابرات المصرية بهدف العمل على إحياء جهود التهدئة بين حركة "حماس" وتل أبيب.
يقول مراقبون في إسرائيل إنه من الصعب أن يتم التوصل إلى اتفاق جدي للتهدئة تحت أي شروط عشية الانتخابات الإسرائيلية. وكتب المعلق العسكري الإسرائيلي ألون بن دافيد، في مقال نشره موقع صحيفة "معاريف" أن كلا من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير حربه نفتالي بينت غير قادرين على الالتزام بأي تعهد يحدث تحولا جديا على الواقع الاقتصادي والإنساني في قطاع غزة ضمن اتفاق تهدئة، بسبب حسابات السياسة الداخلية الإسرائيلية. وأشار بن دافيد إلى أنه "حتى لو كان نتنياهو مقتنعا بالتوصل إلى تفاهم للتهدئة يضمن حدوث تحوّل على الواقع الإنساني والاقتصادي في القطاع فهو لن يقدم على ذلك بسبب مخاوفه من ردة فعل كل من المعارضة وحلفائه في اليمين، على حد سواء، الذين يحاججون بأن تسهيلات توافق عليها إسرائيل تمثل مكافأة لحماس على إطلاق الصواريخ والبالونات الحارقة".
وفي الوقت نفسه، فإنه "على الرغم من التهديدات التي يطلقها كل من نتنياهو وبينت ووزراء آخرين بتوجيه ضربة قاصمة لغزة، فإن مثل هذه الضربة تمثل مخاطرة كبيرة بالنسبة لنتنياهو، لا سيما عشية الانتخابات التي ستنظم بعد ثلاثة أسابيع"، حسب ما ذكره المعلق الإسرائيلي.
ويشير في هذا الصدد إلى أن "إسرائيل التي لم تتمكن من حسم الحرب على غزة في العام 2014 في خمسين يوما، على الرغم من استخدامها قوة نيران أكبر من قوة النيران التي استخدمت في الحروب الأخرى باستثناء حرب 1973، كما أكد المتحدث السابق بلسان الجيش الإسرائيلي ناشمان شاي، لن يكون بوسعها خوض حرب على غزة وإنهاؤها قبل الانتخابات".
ومما يفاقم الأمور تعقيدا بالنسبة لنتنياهو تحديدا، حسب ما ذكره المصدر نفسه، حقيقة أن التجمعات الاستيطانية في جنوب إسرائيل التي تكون عادة هدف القذائف والبالونات الحارقة تضم القاعدة الصلبة لمؤيدي الليكود، حيث إن أغلبية المستوطنين هناك من أصول شرقية، لا سيما في مدن مثل: سديروت، عسقلان، نتيفوت وغيرها، مما يعني أن رئيس الحكومة الإسرائيلي مدرك لخطورة أن تتم مواصلة إطلاق القذائف والبالونات الحارقة من غزة حتى لا يتأثر الدعم الجماهيري له، وفي الوقت ذاته يخشى من أن تسهم ردة فعل عسكرية كبيرة على غزة في انفجار مواجهة تفضي إلى تعريض المزيد من القطاعات الجماهيرية الإسرائيلية لنيران المقاومة".
إلى جانب ذلك، وعلى الرغم من توقعات إسرائيلية بأن موازين القوى العسكرية تسمح لإسرائيل بشن حرب على قطاع غزة تقضي على حكم "حماس"، فإنه لا يوجد طرف ثالث يمكن أن يتولى زمام الأمور بدل "حماس"، لا سيما في ظل رفض قيادة السلطة الفلسطينية القدوم لإدارة القطاع بعد حرب تشنها إسرائيل عليه، مما يعني أن حربا واسعة يمكن أن تقود إلى تورط الاحتلال لأمد طويل في الوحل الغزاوي.
إلى ذلك، تشير "معاريف" إلى أنه وإزاء أزمة الخيارات التي يواجهها، فقد عمد نتنياهو إلى انتهاج استراتيجية "إدارة الأزمة" في مواجهة غزة، تقوم على التوصل لتفاهمات تهدئة هشة لا تضمن إحداث تحول على الواقع الإنساني والاقتصادي في القطاع وفي الوقت ذاته تحول، ما أمكن، دون انفجار مواجهات شاملة مع المقاومة في القطاع.
لكن نجاح نتنياهو، في مواصلة استراتيجية إدارة الأزمة، يتوقف بشكل أساس على الدور الذي يقوم به نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حسب الصحيفة.
وتشير في هذا السياق إلى أن نظام السيسي الذي يحتكر تقريبا مهمة التوسط بين إسرائيل و"حماس" يعي تماما أن نتنياهو غير قادر، (وأحيانا غير معني) بالتوصل لاتفاق تهدئة يفضي إلى تحول جدي على الأوضاع في القطاع، ومع ذلك تواصل القاهرة القيام بدور الوسيط. وأحيانا تغطي القاهرة على العجز الإسرائيلي عن الوفاء بمتطلبات التهدئة عبر تقديم تسهيلات مصرية، مثل إطلاق سراح أسرى غزيين من السجون المصرية، وزيادة البضائع التي يتم تصديرها من مصر إلى القطاع، وتقليص القيود على سفر قيادات التنظيمات الفلسطينية وغيرها.