دولي

توجس إسرائيلي محدود من اشتعال الأوضاع في الأراضي المحتلة

حكومة الاحتلال لا تلقي بالاً لتهديد عباس بوقف التنسيق وإلغاء اتفاقيات أوسلو

حرص وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان، مؤخرا، على نفي قيام السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، رداً على تصريحات فلسطينية، من مسؤولين أمنيين في السلطة، لوسائل الإعلام الإسرائيلية، بشأن تقليص التنسيق الأمني مع الاحتلال، ووصف هذه التصريحات والإعلانات الفلسطينية بأنها كلام معسول، أو وفق التعبير العبري الذي استخدمه "ضريبة كلامية"، مضيفاً أن السلطة الفلسطينية، ولا سيما رئيسها محمود عباس، تدرك أن بقاءها في الحكم مرهون ببقاء التنسيق الأمني.

 

وجاءت تصريحات أردان، التي أرفقها بتهديدات مكررة لمواجهة "الإرهاب الفلسطيني"، بعد أن بدا أن العمليات الثلاث الأخيرة بين ليل الأربعاء والخميس الماضي، وشملت إطلاق نار على جندي في القدس المحتلة وعملية دهس لجنود إسرائيليين، بالإضافة إلى محاولة طعن جندي إسرائيلي، والمواجهات في جنين، توحي بأن الرد الشعبي الفلسطيني على "صفقة القرن" (الخطة الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية) سيتمثل في اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، ومواجهات مع قوات الاحتلال تغذيها أيضاً حركة "حماس"، من خلال التشجيع على مثل هذه العمليات في الضفة الغربية المحتلة، وفق ادعاءات إسرائيلية، وتكثيف إطلاق البالونات المفخخة باتجاه دولة الاحتلال.

واعتبر عدد من المعلقين في الصحف الإسرائيلية، أن سلسلة هذه العمليات تشكل مؤشراً خطيراً إلى تحوّل مقلق للغاية، وفق التعبير الذي استخدمه محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان. ولفت فيشمان، في هذا السياق، إلى أن قيادة جيش الاحتلال والأجهزة الأمنية، ممثلة بجهاز المخابرات العامة، سارعت إلى عقد مداولات مكثفة غداة إعلان خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية وتداعيات إعلان الخطة ميدانياً. وقاد هذه المداولات كل من رئيس أركان الجيش الجنرال أفيف كوخافي، ورئيس جهاز الشاباك نداف أرغمان، مع ميل إلى الاعتقاد بأن الرد الفلسطيني العام لن يتجه نحو مواجهات شعبية عارمة، من دون إسقاط احتمال أن تقوم جهات فلسطينية بتصعيد يقود في نهاية المطاف إلى اشتعال الأوضاع لدرجة تخرج عن السيطرة.

ويبدو الاحتلال حذراً جداً في هذا السياق مع "اتفاق المشاركين في المداولات، على أن سقوط قتلى فلسطينيين سيكون وقود الانتفاضة المقبلة". ووفقاً لهذا التقرير فإن المخاوف الإسرائيلية، من اندلاع انتفاضة ثالثة، دفعت المؤسسة العسكرية والأمنية إلى اتخاذ القرار بدفع تعزيزات من القوات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، وبشكل خاص في مدينة القدس ومحيط البلدة القديمة، مع اتّباع سياسة مشددة في منع المصلين الفلسطينيين من الجليل والمثلث من الوصول إلى المسجد الأقصى بحافلات منظمة، وهو ما تم فعلاً في القدس، وبدرجة لا تقل أيضاً في تقييد حركة الفلسطينيين في الخليل ومحافظتها في وصول المصلين للحرم الإبراهيمي.

ووفقاً لتقديرات إسرائيلية، فإن خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد إعلان الخطة، وخطابه أمام مؤتمر وزراء الخارجية في القاهرة، ظل ضبابياً. ومع ذلك أشار فيشمان إلى أن حكومة الاحتلال لا تلقي بالاً لتهديد الرئيس الفلسطيني بوقف التنسيق الأمني وإلغاء اتفاقيات أوسلو، وبالتالي فإن الاحتلال يراهن على عدم اتخاذ موقف، كمؤشر لاستبعاد وقف التنسيق الأمني، وبالتالي مواصلة السلطة وظيفتها في ضبط حركة الاحتجاج والمقاومة في الضفة الغربية المحتلة ومدنها.

في المقابل، فقد اعتبر أن هناك مؤشرات لتصعيد في الأراضي المحتلة، خصوصاً بعد إعلان خطة ترامب، وتواتر التصريحات الإسرائيلية بشأن ضم غور الأردن وفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية، وهو ما أعلن الوزير جلعاد أردان أنه سيتم بعد الانتخابات، كاشفاً أنه أوعز للجهات المختصة في وزارة الأمن الداخلي بالاستعداد لتبعات إقرار الضم، وما يترتب على ذلك بالنسبة لتعامل وزارة الأمن الداخلي مع المستوطنات وهي تحت السيادة، وانتقال التعامل معها من المستوى العسكري، عبر جهاز الإدارة المدنية والجيش، إلى الوزارات الإسرائيلية بشكل مباشر.

من جهته، ربط محلل الشؤون العسكرية في "هآرتس" عاموس هرئيل، بين العمليات في القدس و"غوش عتصيون" وبين الأزمات الداخلية لـ"حماس" في قطاع غزة، وحقيقة تنازل الحركة مؤقتاً عن مسيرات العودة في سياق اتصالات التهدئة، وبين الواقع الجديد الذي سيفرض على الحركة خطاً متشدداً بالذات ضد "صفقة القرن"، وفي سياق المواقف المعلنة لسلطة عباس، معتبراً أن الحركة لا تريد أن تظهر كمن يسعى لتسوية ومصالحة مع إسرائيل مقابل تسهيلات في الوقت الذي يبرز فيها محمود عباس موقفاً رافضاً للصفقة. في المقابل، أشار هرئيل إلى أن سياسة حكومة الاحتلال تحت حكم بنيامين نتنياهو، في السنوات الأخيرة، وخصوصاً في العامين الماضيين، قامت على محاولة احتواء التصعيد الآتي من غزة، على الرغم من تصريحاته المتكررة بشأن شن عدوان عسكري، وتهديده أحياناً بأنه سيكون واسع النطاق.

من نفس القسم دولي