دولي
غاز الاحتلال في بيوت المصريين
رفض شعبي واسع لصفقة استيراد غاز الاحتلال
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 16 ديسمبر 2019
خلال أسبوعين فقط سيتدفق الغاز الإسرائيلي المنهوب إلى مصر، كما قال يوسي جفورا، نائب الرئيس التنفيذي لشركة ديليك دريلينغ الإسرائيلية، فقد استكملت الشركة اختبارات خط أنابيب بحري لنقل الغاز الطبيعي إلى مصر، وبالتالي ستبدأ ديليك التصدير والمبيعات التجارية للسوق المصرية بنهاية الشهر الجاري.
تصريح جفورا هو الأحدث في ملف صفقة تصدير غاز الاحتلال إلى مصر والبالغ قيمتها 15 مليار دولار ولمدة 10 سنوات، وهو ما يعني مواصلة تدفق هذا الغاز على مصر حتى العام 2030، على الرغم من توافر فوائض غاز طبيعي ضخمة لدى مصر، وامتلاك البلاد أكبر حقول لإنتاج الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط هو حقل ظهر، ومع بدء تدفق غاز الاحتلال إلى مصر ودخول الاتفاق حيز التنفيذ، فإن هذه الحدث النادر يعد الأخطر في تاريخ العلاقات بين البلدين بعد توقيع معاهدة السلام، وأكبر وأبرز تطبيع اقتصادي على الاطلاق، بل ويصفه مسؤولون إسرائيليون بأنه أهم اتفاق منذ العام 1979.
أول المستفيدين من بدء تدفق الغاز على مصر، في هذا التوقيت بالذات، هو الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعاني من مشاكل عدة، منها زيادة الفقر، وعجز الموازنة العامة، وزيادة المخاطر الجيوسياسية، وضعف الاستقرار السياسي، والتكاليف المرتفعة لثلاثة انتخابات جرت في أقل من عام وتقدر كلفتها بنحو 10 مليار شيكل، أي نحو 2.8 مليار دولار.
فصفقة تصدير الغاز لمصر ستدرّ مليارات الدولارات على خزينة الدولة لإنفاقها على التعليم والصحة، وتحقق الربح للمواطنين كما قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وثاني المستفيدين نتنياهو نفسه، الذي يواجه معركة سياسية داخلية شرسة واتهامات في قضايا فساد، فهو الذي رعى الصفقة وأشرف عليها ودعمها، وهو من وصفها بالتاريخية عقب توقيعها يوم 19 فبراير 2018، بل واعتبرها "يوم عيد لإسرائيل".
والغاز الإسرائيلي المنهوب الذي سيتدفق على مصر نهاية الشهر الجاري لن يعاد تصديره كله إلى الخارج "في إطار تحول مصر لمركز إقليمي لتداول الطاقة" كما يقول المدافعون عن الصفقة والمبررون لجريمة استيراد الغاز الذي نهبته دولة الاحتلال من حقول مصر في مياه البحر المتوسط أو من حقول الفلسطينيين الواقعة قبالة سواحل غزة، بل سيذهب جزء منه للسوق المحلية ليدخل بيوت ومصانع ومحال ومتاجر المصريين.
فوزير البترول المصري طارق الملا اعترف في منتصف أغسطس 2018 بأن مصر ستستخدم جزءاً من الغاز الإسرائيلي المستورد في السوق المحلية، كما سيتم استخدامه في المخزون الاستراتيجي لوقت الأزمات، بل أكد أن هذا "الغاز سيكفي مصر ويحل أزمات كثيرة".
والملفت في الأمر، ذلك إصرار الجانب المصري على إتمام صفقة استيراد الغاز الإسرائيلي وبسرعة، رغم اكتفاء مصر من الغاز الطبيعي وتصدير الفائض، وإعلان الحكومة المصرية عن اكتشافات جديدة في مجال الغز والنفط من وقت لآخر.
إذا كانت السلطة المصرية تصر على الصفقة رغم تأكيدها المستمر أنه لا علاقة لها بها، وأنها تخص شركة قطاع خاص، رغم أن الواقع يقول إن الشركة المستوردة مملوكة لمؤسسات في الدولة، فإن أقل ما يفعله المصريون هو مقاطعة غاز دولة الاحتلال، والحيلولة لأن هذا الغاز يكون جزءاً من طعامهم، أو أن يتحول الغاز المنهوب إلى جزء عادي من حياتهم ومعيشتهم.