دولي

مسوغات الدعوات لإعادة صياغة نظرية الأمن الإسرائيلية

خلاف حول أهداف استراتيجية الأمن القومي

    • اعتبرت الدراسة أن أحد العوامل الداخلية التي تهدده هي تعاظم حدة التصدعات في المجتمع

 

طغت في الآونة الأخيرة دعوات في تل أبيب لإعادة صياغة استراتيجية الأمن القومي، على اعتبار أن طابع التهديدات التي تتعرض لها إسرائيل ونمط التحولات التي تشهدها بيئتها الداخلية والإقليمية والدولية يفرضان إحداث تغيير على هذه الاستراتيجية التي صاغها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول دافيد بن غوريون، مطلع خمسينيات القرن الماضي.

تجمع هذه الدعوات التي تطلقها قيادات عسكرية في الخدمة النظامية والاحتياط ومراكز تفكير على أن نظرية الأمن القومي التي بلورها بن غوريون، والتي تحكم الاستراتيجية الهجومية والدفاعية لإسرائيل حتى الآن لا تستجيب للتحول على مركبات القوة العسكرية التي يملكها "الأعداء"، لا سيما الترسانة الصاروخية.

فحسب نظرية "بن غوريون"، فإنه يتوجب على إسرائيل عدم السماح باندلاع الحرب على أرضها مطلقاً، في حين أن امتلاك "العدو" صواريخ دقيقة ذات قوة تدميرية كبيرة يجعل الجبهة الداخلية الإسرائيلية ساحة للمواجهة.

لكن النخب العسكرية الإسرائيلية تختلف في تقديرها أهداف استراتيجية الأمن القومي المقترحة، فحسب دراسة أعدها كل من رئيس هيئة أركان الجيش السابق الجنرال غادي إيزنكوت والعقيد المتقاعد غابي سيبوني، وصدرت، أخيراً، عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، فإنّ ما يفاقم خطورة التهديد الصاروخي حقيقة أن الأغلبية الساحقة من التجمعات الديموغرافية والمرافق الاقتصادية والاستراتيجية الحساسة تتركز في السهل الساحلي، الذي يمثل قطاعاً جغرافياً محدوداً وضيقاً، مما يزيد من خطورة نتائج الهجمات الصاروخية على الجبهة الداخلية.

ولفتت الدراسة إلى أن هذا التهديد لا يسهم فقط في التأثير على نمط الحياة في إسرائيل ولا يضر فقط بالمرافق الحيوية، بل إنه يهدد قدرة الجيش على تجنيد قوات الاحتياط ونقلها إلى الجبهات، وحذّرت من أن أحد التحولات التي توجب على إسرائيل إعادة النظر في استراتيجيتها للأمن القومي يتمثل في سعي قوى "معادية" للحصول على سلاح الدمار الشامل، لا سيما إيران التي تبدي حرصاً على الحصول على السلاح النووي، فضلاً عن سعيها لتوسيع نفوذها في محيط إسرائيل.

وأشارت الدراسة إلى أن استراتيجية الأمن القومي يتوجب أن توفر ضمانات لتأمين خطوط التجارة الإسرائيلية، لا سيما في حوض البحر المتوسط، التي يمكن أن تتعرض لعدد كبير من مصادر التهديد، واعتبرت الدراسة أن أحد العوامل الداخلية التي تهدد الأمن القومي الإسرائيلي تتمثل في تعاظم حدة التصدعات في المجتمع على خلفية مظاهر الاستقطاب الإيديولوجي والسياسي والإثني، محذرةً من أن هذه التصدعات تمثل تحدياً كبيراً لإسرائيل، على الرغم من تطورها التقني العلمي ومنعتها الاقتصادية.

وبخلاف نظرية الأمن القومي، التي تمت صياغتها في خمسينيات القرن الماضي، فإن كلاً من إيزنكوت وسيبوني يعتبران أن المركب الدفاعي هو المركب الأساسي الذي يوجب تضمينه في الاستراتيجية الجديدة، بحيث يضمن هذا المركب تأمين بقاء إسرائيل كدولة وإحباط التهديدات التي تتعرض لها، مشيرين إلى أن الإجراءات الدفاعية تهدف إلى منع اندلاع حروب أو على الأقل تأجيلها أطول فترة ممكنة، وتشير الدراسة إلى أن تبني سياسات هجومية يجب أن تكون المركب الثاني في أهميته، مبينةً أن هذا المركب يمكن تنفيذه في إطار استراتيجية "المواجهة بين الحروب"، والمتمثلة في المبادرة بشن هجمات بهدف المس بمراكز القوة العسكرية لدى العدو، لتقليص قدرته على الصمود في حال اندلعت حرب شاملة.

من نفس القسم دولي