دولي

أدوات قديمة لمشروع وطني فلسطيني جديد!

ارتفاع وتيرة الصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني على حساب الصراع مع الاحتلال

تتكرّر الدعوات فلسطينياً من قوى سياسية وشخصيات لتجاوز الواقع الفلسطيني البائس، والخروج من المأزق الذي تعاني منه القضية الفلسطينية انطلاقاً من إنهاء الانقسام. وتنطلق هذه الدعوات من اعتبار أن القوى التي توجه إليها قادرة على تجاوز الأوضاع الحالية، وإحداث انعطاف تاريخي، وإعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني، وإيجاد الوسائل الملائمة لاستمرار الصراع مع إسرائيل، وإعطاء هذا الصراع أبعاده وقيمه الحقيقية بين جلاد وضحية، وبين محتل ومحتل.

بالتأكيد، ينطلق كثيرون من مطلقي هذه الدعوات من أمنياتٍ ومصالح وطنية فلسطينية، محاولين المساهمة في إخراج الواقع الفلسطيني من أمراضه ومآزقه التي باتت مستعصية، كما تنطلق الدعوات من النيات الطيبة لمطلقيها. ولكن كما تقول الحكمة الشهيرة "طريق جهنم معبد بالنيات الحسنة"، وهذه النيات، على سذاجتها، لم ولن تؤثر على واقع الحال الفلسطيني القائم، لأن الدعوات نفسها تكرّرها القوى التي انغمست، وما زالت منغمسةً، في الانقسام ومسؤولة عنه. ومن الواضح اليوم، بعد أكثر من ثلاثة عشر عاماً على الانقسام، أنه رتب لكثيرين على طرفيه مصالح، ومصالح كبرى، وبات أصحابها متضرّرين من انتهاء الانقسام في حال تم حل الخلافات الفلسطينية ـ الفلسطينية على هذا الصعيد.

تعيش القوى السياسية الفلسطينية اليوم على تاريخها الماضي، فكما شكلت اتفاقات أوسلو انعطافاً حادّاً في المشروع الوطني الفلسطيني، حيث منح الاتفاق فتات سلطة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي مقدمتها حركة فتح على جزءٍ من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، حلا انتقاليا يؤسس لحل دائم يأتي في ما بعد، لم يأتِ ولن يأتي في ظل الوقائع الحالية. كما أن حركة حماس المعارضة للاتفاق لم ترَ نفسها خارج أطر السلطة المنبثقة عن "أوسلو" لوقت طويل، وسرعان ما شاركت في الانتخابات الثانية للمجلس التشريعي الفلسطيني، لتجد نفسها ليس شريكاً في هذه السلطة عبر التمثيل في المجلس التشريعي فحسب، بل ولتحصل على الأغلبية في المجلس أيضاً، ما أعطاها الحق في تشكيل الحكومة الفلسطينية بعد انتخابات العام 2006. بذلك لم تصبح شريكاً في السلطة التشريعية فحسب، بل وجدت نفسها شريكاً في السلطة التنفيذية أيضاً، أو بتعبير أدق وجدت نفسها جزءاً من سلطة الحكم الذاتي الإداري التي طالما عارضتها.

باتت القوى الفلسطينية القائمة تنتمي إلى الماضي، وهي عبء على الحاضر والمستقبل الفلسطينيين، وبات من الضروري رحيلها، وأصبح على الفلسطينيين إنتاج قواهم السياسية القادرة على حمل قضيتهم في صراعهم المرير مع المحتل.

من نفس القسم دولي