دولي
شح الخيارات يجبر الفلسطينيين على استئناف تسلّم أموال المقاصة
الأزمة تؤثر على مداخيل المواطنين
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 08 أكتوبر 2019
استأنفت الحكومة الفلسطينية الأسبوع الحالي، تسلم أموال المقاصة من الجانب الإسرائيلي، بعد أكثر من 8 أشهر على تعليق استلامها منذ فيفري الماضي لأسباب ارتبطت بتضييقات مالية إسرائيلية بحق عوائل الشهداء والأسرى والمحررين، نهاية الأسبوع الماضي، غرّد حسين الشيخ وهو وزير الشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، أن السلطة تسلمت دفعة من أموال المقاصة الفلسطينية المعلقة لدى إسرائيل، وقال: "بقي الخلاف قائماً على رواتب عائلات الأسرى والشهداء، وإصرارنا على دفع مستحقاتهم مهما كان الثمن"، في إشارة إلى قرار فلسطيني بتسلم الأموال دون تحقيق هدف وقف الاقتطاعات.
يأتي ذلك، على الرغم من عدة تصريحات أدلى بها الرئيس محمود عباس، أكد خلالها رفضه تسلم أموال المقاصة منقوصة شيكلا واحدا، من مخصصات الأسرى وذوي الشهداء، في فبراير/شباط الماضي، صرح الرئيس عباس: "إذا لم يكن لدى السلطة أي قرش غير هذه الأموال، سأدفعها لهذه العائلات.. سأذهب إلى المؤسسات الدولية لأشتكي لعل العالم يسمعني".
واشتدت حدة الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، منذ قرار إسرائيل اقتطاع جزء من أموال الضرائب الفلسطينية، في فبراير/شباط الماضي، وأرجعت إسرائيل قرار الاقتطاع، إلى ما تقدمه السلطة من مستحقات مالية إلى أسر الشهداء والمعتقلين في السجون الإسرائيلية، وهو ما ردت عليه السلطة برفض استلام الأموال منقوصة.
واللجان المنبثقة عن برتوكول باريس الاقتصادي والتي تناقش الأمور المالية والاقتصادية المشتركة، لم تلتئم منذ مطلع الألفية الجديدة، كذلك، ذكر الرئيس الفلسطيني أن تسلم دفعة من أموال المقاصة، "يأتي بعد موافقة إسرائيلية من حيث المبدأ بتعديل بروتوكول باريس الاقتصادي"، الذي يرى الفلسطينيون أنه مجحف بحقهم.
وأبلغ المصدران في تصريحات متطابقة، مراسل "الأناضول"، أن الانتظار لجولة انتخابات إسرائيلية ثالثة متوقعة، يعني أن أزمة المقاصة قد تطول حتى الربع الأول 2020، واعتمدت الحكومة الفلسطينية في توفير سيولة مالية لفاتورة رواتب موظفيها ونفقاتها الجارية، على الإيرادات المحلية، والاقتراض من القطاع المصرفي المحلي.
وبحسب بيانات ميزانية فلسطين، بلغت الإيرادات المحلية للحكومة الفلسطينية 734 مليون دولار للفترة بين فبراير (بدء أزمة المقاصة) حتى أغسطس/آب 2019، مؤلفة من ضرائب محلية ورسوم معاملات الحكومية، بينما صعد الدين العام المستحق على الحكومة الفلسطينية بنسبة 32.1 بالمئة منذ بدء أزمة المقاصة حتى نهاية أغسطس/آب الماضي، إلى 2.94 مليار دولار.
ومن أسباب عودة الحكومة لتسلم أموال المقاصة، تجنب مزيد من الضغط على سيولة القطاع المصرفي المحلي، الذي كان أكبر ممول للحكومة طيلة شهور أزمة المقاصة.
بحسب بيانات الميزانية، نمت قروض القطاع المصرفي الفلسطيني للحكومة بنسبة 54.2 بالمئة خلال شهور أزمة المقاصة، إلى 1.818 مليار دولار، سبب آخر، تمثل في فشل مساعي الحكومة حشد تمويل عربي عبر تفعيل شبكة الأمان المالية بقيمة 100 مليون دولار، إذ لم تفض 4 مطالبات فلسطينية خلال الأزمة بتفعيل الشبكة، إلى نتائج ملموسة.
على الشارع، بدت أزمة المقاصة جلية الوضوح داخل الأسواق بسبب ضعف القوة الشرائية، بينما تباطأ نمو الودائع المصرفية والإقراض، وارتفعت وتيرة الشيكات المرتجعة، والأسبوع الماضي، أظهر مؤشر يقيس دورة الأعمال في الأسواق وتصدره سلطة النقد الفلسطينية شهريا، تراجعا خلال سبتمبر/ أيلول الماضي، مقارنة مع أرقامه في الشهر الأول لأزمة المقاصة.
وتراجع المؤشر إلى (-16.5 نقطة)، الشهر الماضي، مقارنة مع (-13.9 نقطة) في أغسطس 2019، بواقع (-13.5 نقطة) في الضفة الغربية، و(-23.4 نقطة) في قطاع غزة|، كانت القراءة سجلت 2.9 نقطة في فلسطين خلال مارس/آذار الماضي، بواقع 16.7 نقطة في الضفة الغربية، و(-29.8 نقطة) في قطاع غزة.
وليست هذه المرة الأولى التي تتسلم فيها الحكومة الفلسطينية، جزءا من أموال المقاصة، إذ حصلت في أغسطس/آب الماضي على ملياري شيكل (568 مليون دولار)، تمثل إيرادات ضريبة المحروقات، وبررت الحكومة تسلم المبلغ، بأن إيرادات المحروقات ليست ضمن اتفاق جباية أموال الضرائب، لكنها كانت تجبى وترسل مجتمعة مع الضرائب الأخرى على السلع المستوردة، ومع تسلم الحكومة مبلغ 1.5 مليار شيكل (426.1 مليون دولار)، يكون مجمل ما حصلت عليه 3.5 مليارات شيكل (قرابة مليار دولار) منذ فبراير/شباط الماضي، بينما تبلغ قيمة الاقتطاعات الإسرائيلية الشهرية، بدل مخصصات الأسرى والشهداء نحو 11.3 مليون دولار، بإجمالي 101 مليون دولار حتى نهاية سبتمبر الماضي.