دولي

الفلسطينيون في انتظار الانتخابات: تحقيق الوحدة أم انقسام إضافي؟

الذهاب للانتخابات العامة لن يكون مضمون النتائج لجهة تحقيق الوحدة الوطنية

    • المطلوب هو إجراء الانتخابات الشاملة الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني

 

يتجه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، إلى إصدار مرسوم رئاسي يحدد موعد الانتخابات العامة في الأراضي الفلسطينية، عقب عودته من الولايات المتحدة، وفق ما أعلن في كلمته على منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الخميس الماضي، وقال عباس إنه سيدعو فور عودته إلى رام الله لانتخابات عامة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، وتعهد بأنّ يُحمّل من يعترض عليها المسؤولية، في إشارة إلى حركة "حماس" التي سارعت إلى إعلان قبول تحكيم الفلسطينيين وتجديد الشرعيات.

أكدت مصادر في الرئاسة الفلسطينية لـ"العربي الجديد"، أنّ عباس جاد جداً هذه المرة في الدعوة لانتخابات، غير أنها لفتت إلى غموض يكتنف الإعلان حتى الآن وفي انتظار موقف عباس نفسه حين يجتمع مع القيادة. وأشارت المصادر إلى عدم معرفة أركان القيادة الفلسطينية حتى الآن بنوايا عباس تجاه الانتخابات العامة، خصوصاً أنه تعهد في وقت سابق بإجراء انتخابات للمجلس التشريعي (الذي تحظى حماس بأغلبية مقاعده ويُعطله الرئيس) ورفض إجراء انتخابات رئاسية، وهو ما أعلنت "حماس" والفصائل الأخرى رفضه أيضاً.

غير أنّ الذهاب للانتخابات العامة، لن يكون مضمون النتائج لجهة تحقيق الوحدة الوطنية، خصوصاً أنّها ستجري في أجواء مشحونة وانقسام سياسي وجغرافي، وإذا ما تمت المصالحة قبل الانتخابات فإنها ستكون أقيمت بأجواء أفضل، ومخرجات لن تدفع أحداً للتشكيك بها.

وإذا ما دعا عباس إلى انتخابات تشريعية فقط، ورفض الرئاسية، فإن "حماس" والفصائل الأخرى لن توافق عليها، وهي التي تدعو لتجديد كل الشرعيات بعد نحو 13 عاماً على آخر انتخابات شهدتها الأراضي الفلسطينية. وقال المتحدث باسم حركة "حماس"، حازم قاسم لـ"العربي الجديد"، إنّ حركته أعلنت عقب إعلان عباس على منصة الأمم المتحدة استعدادها للذهاب إلى الانتخابات، موضحاً أنّ موقف حركته السريع دليل وضوحها ورغبتها وجديتها. وأضاف قاسم أنّ الانتخابات هي الطريقة المثلى لتجديد الشرعيات، والشعب الفلسطيني هو مصدر الشرعيات والسلطات، مؤكداً أنّ "حماس" مع هذا الخيار في كل وقت، مبيناً أنّه من أجل هذا الأمر قالت الحركة إنه يجب أنّ يتم الإعلان عن الانتخابات ضمن توافق وطني كامل بطريقة تجعل من الانتخابات تمثيلاً للإرادة الشعبية الفلسطينية.

ولفت قاسم إلى أنّ حركته والفصائل أبلغت رئيس لجنة الانتخابات المركزية في زيارته الأخيرة إلى قطاع غزة أنّ المطلوب انتخابات تشريعية ورئاسية، وأنّ مفهوم الانتخابات العامة هو أنّ تقام الانتخابات التشريعية والرئاسية في الوقت نفسه. وأضاف أنّ هناك توافقاً فلسطينياً على أن يتم إجراء انتخابات للمجلس الوطني تفرز منه مؤسسات منظمة التحرير المختلفة، مجلس مركزي ولجنة تنفيذية وغيرها.

أما عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، طلال أبو ظريفة، فأكدّ لـ"العربي الجديد" أنّ إعادة بناء الوضع الداخلي الفلسطيني عبر إجراء الانتخابات هو خطوة ضرورية ومهمة ويجب أن تكون شاملة وفي إطار التوافق الفلسطيني بما يضمن مشاركة الجميع. وأضاف أنّ المطلوب هو إجراء الانتخابات الشاملة الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني على قاعدة التمثيل النسبي الكامل لتحقيق الشراكة الوطنية، مشيراً إلى أن مبادرة الفصائل الفلسطينية الثمانية للمصالحة تضمّنت الدعوة للانتخابات العامة الشاملة.

ودعا أبو ظريفة عباس إلى الدعوة العاجلة والفورية لعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية بما يمكّن من بحث الملفات المختلفة التي تتعلق بالشأن الداخلي خصوصاً تشكيل حكومة وحدة وطنية وإجراء الانتخابات الشاملة. وشدد على ضرورة إجراء الانتخابات العامة والشاملة على أساس التوافق الوطني المشترك بين مختلف القوى والفصائل الفلسطينية من أجل إنهاء الانقسام الداخلي وتحقيق الوحدة في ضوء محاولات الاحتلال تصفية القضية.

من جهته، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في غزة، حسام الدجني، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أهمية تجديد الشرعيات عبر الذهاب للانتخابات العامة، غير أنه لفت إلى أنّ المطلوب قبل الذهاب للانتخابات، تشكيل حكومة وحدة وطنية وتهيئة المناخ وتوحيد القوانين الانتخابية والقضاء، وبعد ذلك تكون الانتخابات مدخلا.

ونبّه الدجني إلى أنّ الانتخابات من دون ذلك ستكون على قاعدة المُغالبة، ولن يسلم أي طرف للآخر في حال فوزه، وستتعمّق أزمة النظام السياسي الفلسطيني، موضحاً أنه من أجل الخروج من هذه النقاط، فإنّ ما قدّمته الفصائل الثمانية من مبادرة للمصالحة وإنهاء الانقسام يرتقي إلى درجة يمكن البناء عليها في تحقيق المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية والذهاب للانتخابات. ولفت الدجني كذلك إلى أنّ تجزئة الانتخابات بمعنى أنّ يبدأ الرئيس بإعلان انتخابات تشريعية ومن ثم رئاسية ومجلس وطني، لن تكون حلاً ولن توافق عليه "حماس" تحديداً، مؤكداً أهمية أنّ تكون الانتخابات بتوافق وطني لجعلها مخرجاً رسمياً لأزمة النظام السياسي.

من نفس القسم دولي