دولي

ماذا تقول لنا استطلاعات الرأي؟

القلم الفلسطيني

أظهر أحدث استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية ـ مركز متخصص، يتميز بالحيادية والمصداقية، مقره الرئيس في مدينة رام الله ـ جملة من الحقائق التي تعكس وعي الفلسطينيين، وقدرتهم على التفكير السوي، والاستنتاج البليغ، واتخاذ القرار السليم بحب هذا وكراهية ذاك، وبتأييد مواقف هذا ورفض مواقف ذاك، ولا سيما في القضايا السياسية التي تستقطب اهتمام الجمهور، ويحدد منها موقفاً قطعياً، ينعكس على مجمل حياته وحياة أسرته.

وكي أضع القارئ في بؤرة الوعي الفلسطيني، دققت في استطلاع الرأي، وحصرت الاهتمام بالنسبة التي تزيد على 70%، وتقل عن 20%، فلاحظت الآتي:

1ـ تقول نسبة 74% إن السلطة الفلسطينية والقوى السياسية لم تقم بكل ما تستطيع لكي تمنع هدم (إسرائيل) للأبنية والمنازل في وادي الحمص قرب القدس، في حين يقول 19%: إن السلطة قامت بكل ما تستطيع.

2- يقول 76%: إن قرار محمود عباس وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة لا يقصد منه وقف المفاوضات أو المقاومة أو قطع العلاقات أو سحب الاعتراف، أو إعادة بطاقات VIP، في حين يقول 16% إن القرار جدي!

3ـ تقول نسبة تتراوح بين 8% إلى 16% إن أداء حكومة اشتية أفضل من أداء الحكومة السابقة.

4ـ يؤكد 80% وجود فساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية، ويقول 80%: إن الإجراءات المتخذة لا تعالج الفساد.

5ـ تقول أغلبية 72% في الضفة بوجود فساد في عمل القضاء والمحاكم في فلسطين، بينما تقول نسبة 29% إنه أقرب إلى النزاهة أو الاستقلال أو الحكم بحسب القانون.

6ـ تقول نسبة 72% إنها تريد إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية معاً، بينما تقول نسبة 12% إنها تريد انتخابات تشريعية فقط.

7ـ تقول نسبة 73% في قطاع غزة إنها مع استقالة محمود عباس، بينما بلغت نسبة الرضا عن محمود عباس 27%.

8ـ طالب 72% السلطة الفلسطينية برفع الإجراءات العقابية ضد القطاع مثل خصومات الرواتب أو تقليل ساعات الكهرباء. في المقابل تقول نسبة من 23% فقط إنها تؤيد العقوبات.

9ـ تقول نسبة 83%: إن صفقة القرن لن تنهي الاحتلال، بينما يقول 9% إنها ستنهي الاحتلال.

10ـ تقول نسبة 81% إنها ترفض اقتراح سفير الولايات المتحدة و(إسرائيل) بإعطاء الفلسطينيين حكماً ذاتياً فقط دون دولة مستقلة.

11ـ تقول نسبة من 72% إنها ضد الأفكار الأمريكية لحل مشكلة اللاجئين بإعطائهم مواطنة وحقوقا كاملة في دول اللجوء، بينما تقول نسبة 22% إنها مع هذه الأفكار.

12ـ تقول نسبة 74% إنه ينبغي إدانة زيارات صحفيين عرب لـ(إسرائيل) في حين تقول نسبة من 7% إنه ينبغي تشجيع هذه الزيارات.

لقد اكتفيت بالاستشهاد بالنسبة الواضحة 70% وما فوق، التي تظهر أن أغلبية الشعب الفلسطيني ضد الإجراءات العقابية بحق غزة، وضد سياسة المهادنة والتفاوض مع الإسرائيليين، وضد انتخابات التشريعي دون الرئاسة، وضد النظام الإداري المتهم بالفساد، وهذه كلها مفاصل متحركة في السياسة الفلسطينية، ولاحظت أن نسبة 20% وما أقل، هم الذين يؤيدون قرارات محمود عباس، ويلتفون حول سياسته، وفي تقديري أن هذه النسبة الفاضحة مخيفة جداً، وتحول دون موافقة السيد عباس على إجراء أي انتخابات، وهذه النسب الواضحة لاستطلاع الرأي تستحث التنظيمات الفلسطينية على فرض رؤيتها لإنهاء الانقسام رغم أنف الرافضين.

كتبت أميرة لام ورفيف جولان في ملحق يديعوت أحرنوت الجمعة 21-9، مقالاً حول رئيس الموساد الحالي يوسي كوهين، وذلك بعد أن أعلن نتنياهو أن رئيس الموساد كوهين قد يكون خليفته المحتمل، فكيف استطاع أحد أفضل مجندي الجواسيس في "إسرائيل" وفق الصحيفة وقوي الشخصية تجنيد رئيس الوزراء نتنياهو لصالحه؟

أشار المقال في يديعوت أحرنوت ونقلا عن مصدر كبير في المؤسسة الأمنية أن يوسي كوهين قدم احتراما خاصا لسارة نتنياهو زوجة رئيس الوزراء، وأشعرها أن كل ما يفعله -وذلك قبل أن يصبح رئيساً للموساد-هو من أجلها، وهذا ما ساعده كما سيتضح لاحقاً في تعيينه لأحد أهم وأخطر المناصب في "إسرائيل".

كما أشارت كاتبتا المقال أن كوهين استخدم أسلوب اختراق المقربين كي يصل إلى نتنياهو، فقد أقام علاقات حسنة ولقاءات اجتماعية مع من أدرك أنه مفتاح الطريق لنتنياهو والمدعو اورن ملتشن، فهكذا وفق المقال يجندون العملاء والوكلاء في الموساد: يتوجهون إلى المحيط كالابن المريض على سبيل المثال، وللمرأة المؤثرة في العائلة، ثم يكتشفون الثغرات ثم يخترقون. بنفس الطريقة السابقة لاحظ كوهين سارة نتنياهو مبكراً، وحرص على أن يجعلها راضية عنه باستمرار، وأن تجلس في مكان جيد ومحترم في كل سفرية.

أشار المقال إلى روايتين في طريقة اختيار يوسي كوهين وتفضيله على المرشح الأقوى (نون) والذي عرف لاحقاً بأنه نائب رئيس منظمة الموساد رام بن باراك، الأولى: تقول إن نتنياهو اتصل ب (نون) وسأله هل ستكون موالياً لي، فأجابه بن باراك، أنا موالٍ "لدولة إسرائيل"، فلم يتلق "نون" الوظيفة.

أما الرواية الثانية في وصول كوهين لرئاسة الموساد فتقول إن نتنياهو قرر فعلاً تعيين "نون" وصاغ رسالة التعيين والخطاب العام المتعلق بالأمر، لكن سارة نتنياهو-التي اعتنى بها كوهين جيدا- تدخلت لدى زوجها بنيامين وحسمت الأمر لصالح كوهين.

من المناسب الإشارة إلى أن تحقيق يديعوت أحرنوت السابق لا يتطرق إلى حالة تتعلق بدول العالم (الخامس) بل بدولة تدعي أنها تحترم معايير المهنية، وتقدم الأشخاص وفق كفاءتهم لا وفق ولائهم لشخص الرئيس، وهي بهذا وبغيره الدولة الديموقراطية الوحيدة والمزدهرة في وسط غابة من الديكتاتوريات والأنظمة الشمولية والمتخلفة في الشرق الأوسط.

فايز أبو شمالة

 

من نفس القسم دولي