دولي
الانتخابات الصهيونية: 100 يوم للخروج من المأزق الانتخابي
تبدو احتمالات تشكيل نتنياهو وغانتس لحكومة ضئيلة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 22 سبتمبر 2019
بدأ الرئيس الإسرائيلي رؤبين ريفلين، بموافقة مسبقة من رئيس لجنة الانتخابات المركزية، لقاءاته التشاورية مع رؤساء الكتل البرلمانية لمختلف الأحزاب، لتحديد هوية المرشح الذي سيُمنح أول مهلة لمحاولة تشكيل حكومة جديدة، في ظل انعدام توفر 61 عضواً مسانداً لتكليف أي من الخصمين الرئيسيين، بنيامين نتنياهو، والجنرال بني غانتس، بتولي هذه المهمة.
يتلخص العامل الرئيسي لحالة السياسة الإسرائيلية الداخلية وجر إسرائيل إلى معركتين انتخابيتين خلال أقل من ستة أشهر، مع احتمالات الذهاب إلى انتخابات ثالثة، بمساعي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للتخلص والفرار، إذا أمكنه ذلك، من وجه القضاء الإسرائيلي، وما ينتظره في أروقة المحاكم، بفعل ملفات الفساد التي تلاحقه، وتوصية النيابة العامة بتقديم لوائح اتهام رسمية ضده. فنتنياهو الذي استطاع أن يتخطى، في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، أزمة استقالة أفيغدور ليبرمان من حكومته، على خلفية اتفاق التهدئة مع حركة "حماس" في حينه، اضطر بعد شهر تقريباً إلى إلزام رؤساء الائتلاف الحكومي في حكومته بالقبول بحل الحكومة والذهاب إلى انتخابات في إبريل/نيسان الماضي، أملاً في العودة بأغلبية كبيرة، تمكّنه من تعديل قانون الحصانة الحالي، وإدخال بند يمنح رئيس الحكومة حصانة تامة من أي مساءلة جنائية ما دام يشغل منصبه الرسمي.
خاضت إسرائيل بناء على ذلك معركة انتخابية ثانية في عام واحد، للمرة الأولى منذ إقامتها على أنقاض الشعب الفلسطيني. وكانت كسابقتها معركة مشبعة بالتحريض العنصري والفاشي ضد العرب، وتحريض دموي إلى حد التلميح بالخيانة ضد منافسي نتنياهو في حزب "كاحول لفان". لكن نتائج الانتخابات جاءت مغايرة للتي سبقتها، ولم تحقق غاية نتنياهو المعلنة بالحصول على 61 مقعداً من دون ليبرمان، بل بدا أنها تشير إلى فقدان نتنياهو "سحره وجاذبيته"، حتى عند ناخبيه في قلب اليمين. ففيما حصل حزبه في انتخابات إبريل الماضي على أكثر من مليون ومائة وأربعين ألف صوت متقدّماً على خصمه الرئيسي "كاحول لفان" بأربعة عشر ألف صوت على الأقل، فقد انقلبت الآية في انتخابات الثلاثاء الماضي، ليتقدّم حزب "كاحول لفان" على نتنياهو بـ37 ألفاً ومائة وخمسة وستين صوتاً، تُرجمت أيضاً بتراجع عدد مقاعد "الليكود" من 35 مقعداً إلى 31 مقعداً، علماً بأن "الليكود" خاض الانتخابات بعد دمج حزب "كولانو" في صفوفه (أي كتلة برلمانية من 39 مقعداً). كما تراجع حجم الكتلة المؤيدة لنتنياهو من 60 مقعداً في انتخابات إبريل إلى 55 مقعداً في انتخابات الثلاثاء الماضي.
هذه النتائج مع التوزيع الباقي للمقاعد، زادت من مأزق نتنياهو الشخصي والسياسي، لأنها تأتي أيضاً بعد أن استنفد كل حجج وذرائع تمديد التحقيقات، وتأجيل لجان الاستماع له، إذ من المقرر أن تبدأ هذه الجلسات رسمياً في الثاني من أكتوبر المقبل، وهو ما يجعل من موقف نتنياهو التفاوضي ضعيفاً جداً، لدرجة كشف وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس، أنه في ظل تعنّت كل من ليبرمان وغانتس في عدم التفاوض مع "الليكود" لتشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن نتنياهو و"الليكود" يفضّلان ألا يكلف رئيس الدولة نتنياهو كخيار أول، لتشكيل الحكومة، وأن يمنح التكليف بداية لغانتس، أملاً بأن يبدد الأخير، في ظل افتقاره هو الآخر لأغلبية 61 صوتاً، المهلة الرسمية الأولى والثانية، وبالتالي إعادة الكرة لرئيس الدولة لتكليف نتنياهو، وهو ما قد يمكّنه من الضغط على "كاحول لفان" للدخول في حكومة بقيادته، في المرحلة الأولى، ملوّحاً في حال الرفض بخيار الذهاب إلى انتخابات ثالثة.
كل هذه السيناريوهات، وأخرى قد لا تخطر على بال أحد، قد تُخرج إسرائيل من أزمتها الحالية. من بين هذه السيناريوهات، هو ما لمّح إليه عدد من المحللين، بينهم ناحوم برنيع، في "يديعوت أحرونوت"، بأن يقرر نتنياهو قبول ما عرضه عليه محاميه السابق يعقوف نئمان، أي التوصل إلى صفقة مع المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية والنيابة العامة، يعتزل فيها نتنياهو السياسة مقابل عدم محاكمته، وبالتالي فتح الأبواب من جديد أمام السياسة الإسرائيلية وإخراجها من أزمتها الحالية.