دولي
ضحايا البحث الأمني... فلسطينيون في مرمى التمييز السياسي للسلطة
إجراء السلامة الأمنية ينتهك القانون الأساسي الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 سبتمبر 2019
فوجئت الناشطة والمعلمة الفلسطينية رجاء لحلوح، بحرمان نجلها عرسان من منحة دراسية عن طريق الإدارة العامة للشرطة الفلسطينية، لدراسة العلوم الشرطية والقانون، رغم حصوله على معدل 98.3% في الثانوية العامة، خلال العام الدراسي 2017 – 2018، وبعد متابعة المشكلة مع الإدارة العامة للشرطة، جاء ردهم الشفوي "ابنك محروم من المنحة بسبب البحث الأمني" كما تقول الأم التي رفضت اليأس، وقدمت أوراق ابنها إلى جامعة الاستقلال الحكومية المختصة في مجال العلوم الأمنية والعسكرية والشرطية، وبالفعل جاء اسم عرسان الثاني ضمن المقبولين، وتم قبوله بعد تجاوز الفحوصات المطلوبة والمقابلة، وبدأ دوامه لكن بعد ثلاثة أسابيع، تم استدعاء عرسان، وإبلاغه بأنه مفصول بسبب نتائج "البحث الأمني".
تفاقمت آثار ما يسمى بإجراء البحث الأمني أو السلامة الأمنية منذ عام 2007 عقب الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، إذ تقوم أجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية بالتحري حول النشاط والانتماء السياسي لمن يتقدمون للعمل في الوظائف والخدمات العامة وغيرها من الخدمات الحياتية العادية، واستهدف الإجراء منتسبي حركة حماس في بدايته، لكنه امتد ليشمل أشخاصا من جهات سياسية أخرى وناشطين نقابيين، ما أدي إلى المنع من السفر عبر المعابر بدون أمر قضائي أو لأسباب سياسية، ومنع إصدار جوازات سفر، والفصل التعسفي من الوظيفة العامة، وانتهاك التنافس النزيه في الوظائف، وفق ما وثقته مُعدة التحقيق مع 7 فلسطينيين تعرّضوا لتلك الانتهاكات، وهو ما يؤكده تقرير "وضع حقوق الإنسان في فلسطين" الصادر عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في 30 مايو/أيار 2019، والذي أشار إلى تلقّي الهيئة 12 شكوى بالفصل التعسفي من الوظيفة العامة في الضفة الغربية من دون التزام بالمعايير القانونية لتوقيف أو فصل أو عزل الموظف العام خلال العام الماضي، إضافة إلى 19 شكوى حول انتهاك التنافس النزيه في الوظائف نتيجة الانتماء السياسي أو الواسطة والمحسوبية خلال عامي 2017 و2018.
كما تلقت الهيئة، خلال الأعوام الثلاثة السابقة، 91 شكوى تتعلق بانتهاكات منع من السفر أو التنقل أو إصدار جوازات سفر، ضد وزارة الداخلية بالضفة والمخابرات العامة والأمن الوقائي، وفقا لما جاء في تقاريرها السنوية وبحسب ما أوضحه المحامي موسى أبو دهيم مدير دائرة التحقيقات والشكاوى في الهيئة، والذي لفت إلى أن هذه الشكاوى كلها مصنفة ضمن الانتهاكات الناتجة عن إجراء "البحث الأمني".
وتعمل العديد من المؤسسات الحقوقية على رصد آثار البحث الأمني المتفشية، ومن بينها مؤسسة الحق التي رصدت 12 شكوى لمواطنين حرموا من الخدمات بناء على إجراء السلامة الأمنية خلال الفترة من عام 2016 وحتى عام 2018، وتراوح آثار الإجراء بين الحرمان من الخدمات، والنقل من العمل بشكل تعسفي، والامتناع عن منح تراخيص للشركات، والحرمان من الوظائف العمومية، وتعطيل الحصول على أوراق رسمية للتقديم لعمل، ما يغلق أبواب الحياة والعمل في وجه من يعانون من ذلك الإجراء، ومن بينهم الصحافية منال (اسم مستعار بناء على طلبها) والتي تقدمت لوظائف عدة في مؤسسات إعلامية، لكنها رفضت بناء على الخلفية السياسية لها، تحت دعاوى "قلة خبرة وعدم كفاءة" كما تقول، مضيفة أنها تقدمت لعمل داعية في مسجد، لكن وزارة الأوقاف الفلسطينية رفضتها.