دولي

تعديل "الكواشين": استهداف إسرائيلي جديد لأراضي الضفة الغربية

يتم استخدام قضية ملكية الأراضي الخاصة بالفلسطينيين لأسباب ودوافع سياسية

يجهد الاحتلال الإسرائيلي من أجل تحقيق أهدافه بالسيطرة والاستيلاء على أكثر من 60 في المائة من أراضي الضفة الغربية المحتلة لصالح الاستيطان، ويستخدم لذلك قضية ملكية الأراضي الخاصة بالفلسطينيين، وبدأ الاحتلال أخيراً بتعديل تنظيم نظام "مطالبات الكوشان" (الطابو)، مستهدفاً أراضي الضفة الغربية من الفترتين العثمانية والبريطانية، و"الكوشان" هو مستند مكتوب، عُرف في زمن الأتراك، وهو في الواقع تأكيد لملكية الأرض، وقد درج رؤساء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية في كل قضية تُرفع ضدهم، على الادّعاء أن وثائق "الكوشان" غير دقيقة، وأن تعريف الحدود التي تم تحديدها من خلال مسار بارز على الأرض، مثل الصخور الكبيرة والخشب وما إلى ذلك، ليس بالضرورة موجوداً بعد بضع سنوات ولا يشكل قياسات دقيقة، مثل الإحداثيات.

حذّر مدير دائرة الخرائط والجغرافيا في جمعية الدراسات العربية التابعة لبيت الشرق، خليل تفكجي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، من "إجراءات بدأت سلطات الاحتلال بتشريعها، للسيطرة على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك أراض بملكيات خاصة لصالح المستوطنين ولتوسيع مستوطنات الاحتلال القائمة، إذ بدأ تطبيق هذه الإجراءات وسنّ التشريعات بخصوصها بعد أن وقّع قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي أخيراً على تعديلات تشريعية تهدف إلى تنظيم نظام مطالبات الكوشان، بهدف ملاءمة تسجيلات الأراضي منذ الفترتين العثمانية والبريطانية في الضفة الغربية، بواسطة ما يعرف بالكواشين، مع تسجيل الأرض كما يجري اليوم، ليتم في نهاية الأمر الحصول على تسجيلات لحقوق الأرض التي سيتم تثبيت حدودها في خريطة دقيقة".

وأكد تفكجي أن "ما يجري حالياً هو، في الواقع، استخدام قضية ملكية الأراضي الخاصة بالفلسطينيين لأسباب ودوافع سياسية، تستهدف السيطرة والاستيلاء على أكثر من 60 في المائة من أراضي الضفة الغربية، التي كان يفترض أن تُنقل للفلسطينيين بموجب اتفاقية أوسلو، علماً أن تطبيق هذه الإجراءات بدأ أولاً بما قالوا إنها أملاك في الضفة الغربية كانت مملوكة ليهود قبل العام 1948، كما هو الحال بالنسبة لأراضٍ تقع شمال غربي القدس المحتلة الخاضعة لسيطرة الاحتلال العسكرية، التي أُقيمت عليها مستوطنة جفعات زئيف، وجرى تثبيتها كملكية يهودية". وأوضح أن "ما يجري في القدس المحتلة بهذا الخصوص يختلف عما يتم التشريع له في الضفة الغربية، فسلطات الاحتلال بدأت بتسجيل الأراضي والعقارات الخاصة بالفلسطينيين في القدس باسم الدولة عام 1996، لتقوم لاحقاً ببيعها أو تأجيرها للمستوطنين".

ووفقاً للتعديل الذي وقّعه قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، فإن هذا الإجراء ينظّم وينقل سلطة تنفيذه من إدارة تسجيل الأراضي في "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال، كما هو الحال حالياً، إلى لجنة شبه قضائية. وهو ما يعتبر نقلة نوعية غير مسبوقة على صعيد السيطرة على الأراضي الفلسطينية، وسلب الملكيات الخاصة لهذه الأراضي. ومن أجل تنظيم هذه الإجراءات ووقف مثل هذه الادعاءات التي تحول دون إحراز تقدم في تطوير الأراضي والمستوطنات، دفع نائب وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، الحاخام إيلي بن دهان، بالتعاون مع المستشار القانوني للضفة الغربية، ووزارة القضاء والإدارة المدنية والمستشار القانوني لوزارة جيش الاحتلال، من أجل صدور قرار عن قائد المنطقة الذي يسمح بالتعديلات التشريعية.

واستناداً إلى ذلك، سيتم نقل عملية توضيح "مطالبات الكوشان" إلى لجنة شبه قضائية، يكون أعضاؤها من المحامين والمحترفين في المجالات ذات الصلة. وقد شرعت اللجنة بدراسة حدود "الكوشان" من الفترات العثمانية والبريطانية (ولكن ليس من الفترة الأردنية) وفقاً للصور الجوية والبيانات الموجودة من السنوات السابقة، وتحديد المنطقة المحددة التي كتب عليها "الكوشان".

ويزعم بن دهان أنه "على مر السنين، استغلت السلطة الفلسطينية الواقع الذي فرضت فيه تعسفاً، كل مطالبة حسب الكوشان، من قِبل شخص ما، على أراض أكبر بمرات عدة من تلك الموجودة في الكوشان نفسه. وكل ذلك بسبب صعوبة العثور على التضاريس الدقيقة، الأمر الذي أخّر تطوير المستوطنات ومناطق السكن في الضفة الغربية. وبناء على ذلك، ستحدد اللجنة الجديدة حالة هذه المطالبات وستحدد حدود المنطقة بشكل قاطع، وسيكون من الممكن التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية من دون أي مطالبات فارغة".

وكان الاحتلال قد بدأ بتسجيل الأراضي التي استولى عليها المستوطنون لمنع اعتراضات فلسطينية في شهر يوليو/تموز من العام 2012، بشكل التفافي على الطابو، من أجل منع الفلسطينيين من إمكانية الاعتراض على تسجيلها.

في هذا الإطار، تمّت عملية تسجيل أراضٍ واسعة جداً، وجرت مناقشتها قبل سبع سنوات على أعلى المستويات إبان حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك بسبب حساسيتها السياسية والقضائية، فيما حظيت بدعم وبتأييد من القائم بأعمال المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، والمستشار القضائي لوزارة جيش الاحتلال، ورئيس "الإدارة المدنية"، ومستشار وزير الجيش لشؤون الاستيطان.

وبعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، تقرر وقف تسجيل الأراضي حسب القانون الأردني (الطابو) بحجة أن عدداً كبيراً من الفلسطينيين غادر الضفة الغربية، وأن الاحتلال الإسرائيلي سيكون مؤقتاً، في حين، لم يتم تسجيل الأراضي المقامة عليها المستوطنات على أسماء قاطنيها من المستوطنين، لأن هذه الأراضي تم الاستيلاء عليها لأسباب أمنية، وإقامة معسكرات للجيش ومن ثم تم تحويلها إلى المستوطنين لبناء المستوطنات. وكانت شركة "ترميم وتطوير حارة اليهود" التابعة لحكومة الاحتلال، قد طرحت قبل أربع سنوات مناقصة تطلب فيها عروض أسعار لتخمين مناطق تمهيداً للبدء بنقل ملكية بيوت سيطرت عليها ما تسمى بـ"دائرة أملاك الغائبين" عام 1968 في 9 حارات في البلدة القديمة من القدس لمستوطنين وجمعيات استيطانية.

وتقع جميع تلك الأملاك في حارات: الشرف، أو ما يعرف الآن بـ"الحي اليهودي"، الميدان، النمامرة، الجواعنيه، البشيتي، العلم، الكرد، غنيم، القرائين. فيما يسعى الاحتلال لضمها لحارة اليهود. وبموجب ذلك، تم نقل ملكية نحو 600 بيت على مساحة 130 دونماً من ملكية عربية فلسطينية، إلى ملكية مستوطنين، منحت إليهم من "دائرة أملاك الغائبين".

من نفس القسم دولي