دولي
قضية تبادل الأسرى من جديد
القلم الفلسطيني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 16 جولية 2019
عاد موضوع إعادة الجنود والمفقودين الإسرائيليين من غزة ليأخذ حيزه الضيق والمحدود أصلا في النقاش العام الإسرائيلي ليطفو على السطح من جديد، وذلك في سلسلة من التصريحات وفي سياقات مختلفة، ومن أهمها تصريحات رئيس الوزراء السابق يهود أولمرت وعائلة الجندي شاؤول آرون. فماذا يعني ذلك؟
في مقابلة له مع الصحفية نوريت كانيتي في مجلة ليبرال الصادرة اليوم 7-7 أكد يهود اولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق رفضه لإطلاق سراح أسرى أحياء مقابل جثث جنود أموات، قائلا: لقد أخطأت في السابق عندما أطلقت أحياء مقابل جثث، وعلينا أن لا نكرر الأمر، وأضاف أولمرت أن عائلة الضابط هدار جولدن قد وافقت على إقامة جنازة ودفن ابنها في قبر معروف و محدد. إذن فهو جثة وكذلك الجندي ارون، كما أشار اولمرت إلى رفضه عرضا لتحرير أسرى مقابل معلومات عن رون أراد.
ومن جهتها أشارت الصحفية نوريت كانيتي في مقابلة لها مع راديو الجيش ظهر اليوم، أن مسألة إعادة الجنود هي مسألة حساسة، وقد تقتضي الحكمة أن لا تتبنى الحكومة الإسرائيلية قرارات لجنة شمغار التي تم تعيينها لضبط سلوك الحكومة في أي صفقات تبادل مستقبلية، موضحة أن الحكومة اجتمعت مرتين لإقرار توصيات لجنة شمغار، ومن غير المعروف ما إن كانت أقرت توصيات اللجنة أم لا، علما أن معلومات صحفية وتصريحات سابقة لمسؤولين أشارت إلى عدم قيام الحكومة وحتى اللحظة بتبني توصيات اللجنة.
من جهتهم أعربت مصادر في عائلة الجندي شاؤول ارون لراديو الجيش ظهر اليوم عن رفضها لتصريحات أولمرت، وطالبت نتنياهو بالتحرك لإعادة الأبناء، وأضاف المصدر وهو أحد أفراد العائلة، بأن رئيس الوزراء نتنياهو أخبر العائلة أن الوضوح بشأن مصير الجندي شاؤول يصل إلى 90 أو 99%، مستنكرا هذا الكلام لنتنياهو قائلا: كيف يمكن أن يكون ذلك موقفا للحكومة؟!
أما زهافا شاؤول والدة الجندي اورون فعلقت وفي مقابلة لها مع راديو الجيش ظهر اليوم، قائلة ومؤكدة: إن ابنها أورون ليس جثة بأي حال من الأحوال، بل هو حيّ، مضيفة أنه "اختطف" على قيد الحياة، وبعد ذلك لا ندري ماذا حدث معه. زهافا شاؤول طالبت أن يعلم "شعب إسرائيل" أن أورون لم يكن داخل ناقلة الجند عندما انفجرت في معركة الشجاعية 2014، بل كان خارج الناقلة وقاتل حتى تم اختطافه على يد رجال حماس، وقد قامت زهافا بقراءة أجزاء من نص قرار محكمة العدل العليا بشأن ابنها قبل عدة أشهر، وهو "لا يوجد وضوح تام بكل ما يتعلق بمصير الجندي شاؤول"، متسائلة: لماذا يقولون إذن رحمه الله، وأعربت والدة الجندي عن اعتقادها أنه لا يمكن إعادة ابنها إلا من خلال تفاهمات التهدئة مع حماس في غزة.
ودّ قسم الاستخبارات في جيش الاحتلال لو استطاع أن يخفف بصورة أكبر حجم الفشل الذي واجهته قواته على أرض خانيونس أمام وحدة قسامية ترأسها الشهيد نور الدين بركة، فاعترف بوجود فشل، ولكنه حاول أن يمرر معلومة جوهرية يبني على أساسها روايته للحادث، ويقوض من جهة أخرى رواية المقاومة، ولقد لخص الجنرال عاموس جلعاد رأيه بتحقيق الاستخبارات من حيث كثرة التفاصيل قائلا: من المهم نشر الأعمال البطولية لضباط الجيش، وهذا على الأرجح هو بيت القصيد.
رواية إسرائيلية "متوازنة" تخفف الفشل بإبراز أو حتى اختلاق ما يمكن اعتباره كبطولة.لا يستخف الفلسطينيون بحجم قدرات جيش الاحتلال الهائلة ولا بكفاءة الكثير من جنوده وضباطه، فمن استخف بعدوه باء غالبا بالفشل، وفي هذا تكمن قوة رواية البطولة لدى المقاومة في مقابل ما قد يسميه الجيش بطولة أفراده، فالبطل الحقيقي هو من يواجه رغم اختلال موازين القوى ، فأين البطولة لدى جيش يمتلك ميزانية تبلغ 80 مليار شيكل في مقابل ميزانية المقاومة التي لا تتعدى الـ 1% من هذه الميزانية؟ ومن هو البطل في معركة خانيونس؟ الذي واجه وهاجم رغم امتلاكه الأسلحة الخفيفة، أم الذي هرب ولاذ بالفرار رغم امتلاكه الطائرات وكل أنواع التكنولوجيا لمواجهة وحدة صغيرة من حيث العدد من وحدات القسام؟!
دأبت "إسرائيل" على اختلاق البطولات والمقولات والروايات، وقامت وستقوم في الأيام القادمة بتوزيع أوسمة شرف على من تسميهم أبطالاً لها كالضابط ايتان الذي لاحق وطارد مقاتلي القسام داخل نفق في رفح ليستعيد منهم الجندي هادار! واليوم توقف "إسرائيل" شعبها إجلالا للضابط "ا" الذي نجح بـ"شراسته البالغة" من تصفية أربعة من مجاهدي القسام دفعة واحدة، ولكنه أصاب وقتل بالخطأ الضابط "م" في خانيونس، وهو أمر أثار تساؤلات حتى لدى بعض الصحفيين الإسرائيليين. قد تعزي "إسرائيل" نفسها برواية واحد مقابل أربعة ونقض رواية "المجاهدون قتلوا ضابطا"، ولكنه عزاء متأخر، ولن يمر على بعض الإسرائيليين وعلى كافة أبناء الشعب الفلسطيني.
الجنود ناصر