دولي
صيف ساخن ينتظر القدس والأقصى: اقتحامات واستفزازات متصاعدة
هو الصاعق الذي سيفجر المنطقة برمتها إذا استمرت ممارسات المستوطنين ضده
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 05 جولية 2019
عادت القدس المحتلة إلى سابق عهدها من توتر صباحي يوشك أن يؤدي إلى انفجار الأوضاع فيها بفعل ممارسات الاحتلال ومستوطنيه وضد المسجد الأقصى باقتحاماتهم التي بات يشترك فيها المئات يومياً، بعد أن كان العشرات فقط يشاركون فيها من غلاة المتطرفين من مستوطني الضفة الغربية ومن رؤساء الجمعيات الاستيطانية والحاخامات وحتى وزراء وأعضاء الكنيست الإسرائيلي، وسط تحذيرات من التصعيد في الأقصى في صيف هذا العام الذي قد يكون صيفاً ساخناً بحق القدس والأقصى.
يوم الأحد 9 يونيو/حزيران الماضي، كان قرابة خمسمائة مستوطن يشاركون في اقتحامات لباحات الأقصى ويقيمون احتفالات صاخبة بعد مغادرتهم تلك الساحات احتفاء بمناسبة "عيد نزول التوراة" عند اليهود، فيما سجل يوم الأحد 2 يونيو، أوسع تلك الاقتحامات في يوم واحد. وتزامن ذلك مع تصعيد في ممارسات الاحتلال ضد حراس الأقصى، كان آخرها اعتقال الحارس مهند إدريس الذي تصدّى لأفراد من شرطة الاحتلال كانوا يحاولون اقتحام مصلى الرحمة بأحذيتهم، قبل أن يُعتقل ويُعتدى عليه بوحشية، ويُعرض عليه الإبعاد عن الأقصى لمدة خمسة عشر يوماً، الأمر الذي رفضه فمُدد اعتقاله وعُرض على محكمة احتلالية مددت اعتقاله هي الأخرى، إلى أن قررت محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس المحتلة إطلاق سراحه من دون شروط.
وما رافق الفترة الماضية والحالية من اقتحامات المستوطنين، هو التغوّل الواسع في هذه الاقتحامات والمزيد من الاستهداف لحراس الأقصى، بحسب مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني، الذي قال في حديث لـ"العربي الجديد": "لا يكاد يمر يوم من دون أن يُعتقل حارس ويُعتدى عليه ويبعد عن الأقصى، في حين نرى إصراراً غريباً من قِبل شرطة الاحتلال على تدنيس مصلياتنا باقتحامها بأحذيتهم، وهو ما شاهدناه في أحداث الثامن والعشرين من رمضان (2 يونيو) حين اقتحموا المصلى القبلي وأطلقوا الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، فأصابوا العشرات من المصلين".
ولا يخفي رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ عكرمة صبري، وكذلك رئيس مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس، الشيخ عبد العظيم سلهب، مخاوفهما مما يخطط له المستوطنون وسلطات الاحتلال من استهداف للأقصى وتغيير الوضع القائم فيه. ورأى صبري في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الرد على هذا التغوّل هو بتكثيف الرباط في الأقصى والتواجد الدائم في ساحاته خاصة في فترتي اقتحاماته اليومية الصباحية وعند الظهيرة.
أما سلهب، فدعا الأمتين العربية والإسلامية إلى تحمّل مسؤولياتهما تجاه حماية الأقصى، مؤكداً وجود أخطار تواجهه في هذه المرحلة. وقال لـ"العربي الجديد": "ما يحدث أمر خطير جداً وغير مسبوق، وقد حذرنا من تداعياته، وأكدنا أننا سندافع عن الأقصى مهما بلغت التضحيات".
وتشير معطيات دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس إلى أن أكثر من 40 حارساً من حراسها وسدنتها تعرضوا للاعتقال والإبعاد عن الأقصى منذ مطلع هذا العام، بعضهم اعتُقل أكثر من مرة وأُبعد أكثر من مرة أيضاً، بينهم مسؤولون كبار من مسؤولي الأوقاف. من جهته، قال مدير نادي الأسير الفلسطيني في القدس ناصر قوس، لـ"العربي الجديد"، إن "الاعتقالات الاحترازية التي نُفذت منذ مطلع هذا العام وحتى الآن، طاولت أكثر من 200 ناشط، بعضهم اعتُقل أكثر من مرة، وكان آخر هذه الاعتقالات عشية 28 رمضان الماضي الذي تزامن مع احتفالاتهم باحتلال القدس".
مقابل ذلك، تبدي جماعات استيطانية متطرفة إصراراً على مواصلة اقتحاماتها للأقصى، وتطمح أن تضاعف أعداد مستوطنيها إلى أكثر من أربعين ألفاً هذا العام، علماً بأن العام الماضي سجل اقتحام 36 ألفاً من المستوطنين. وتشير مواقع لجماعة "اتحاد منظمات الهيكل" إلى جهود مكثفة تبذلها تلك الجماعات لتوسيع دائرة الاقتحامات للأقصى، وضم عناصر جديدة إليها في صفوف الطلبة الجامعيين وطلاب المعاهد التلمودية، بالتزامن مع تكثيف عمليات الاستيلاء على عقارات في محيط الأقصى، وتنشر إعلانات تطلب من أتباعها التبرع للاستيلاء على مزيد من العقارات في البلدة القديمة من القدس وفي بلدة سلوان جنوب الأقصى، إذ تشكّل الأخيرة الامتداد الطبيعي للبلدة القديمة من جهتها الجنوبية.
على المستوى الرسمي الفلسطيني، يرى مسؤولون فلسطينيون أن مدينة القدس باتت في هذه المرحلة على صفيح ساخن، وأن صيفاً حاراً ينتظرها بفعل إجراءات الاحتلال وممارساته فيها، وفق القيادي في حركة "فتح" حاتم عبد القادر، الذي أشار في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن المسجد الأقصى هو الصاعق الكبير الذي سيفجر المنطقة برمتها إذا استمرت ممارسات المستوطنين ضده.
ويتفق مع هذا الرأي محافظ القدس عدنان غيث، الذي قال لـ"العربي الجديد" إن "القدس بكل ما فيها من بشر وحجر ومقدسات تتعرض في هذه المرحلة لأخطر ممارسات التهويد والأسرلة". وشدد غيث على أن الوضع شديد الخطورة، "ونحن لن تتخلى عن واجبنا في الدفاع عنها. ولعل مئات الآلاف الذين ملأوا ساحات الأقصى وازدحمت بهم ساحاته خير دليل إلى ما نذهب إليه، وهي رسالة وصلت للمحتل ويدرك مغزاها أكثر من أي وقت مضى".