دولي

تشكيك إسرائيلي في جدوى "ورشة البحرين"

ستدعو خطة "الاقتصاد أولاً" إلى إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصاديات الفلسطينيين

شكك تقدير موقف نشره مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، التابع لجامعة تل أبيب، في فرص نجاح ورشة البحرين، وما وصفه بـ"مبدأ السلام الاقتصادي" في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، ولفت المركز إلى أن دراسة للاتفاقيات التي عقدتها إسرائيل مع مصر ومنظمة التحرير الفلسطينية (إعلان أوسلو) تبين أن الجانب الاقتصادي، على أهميته، ظل هامشياً مقابل المطالب الوطنية والمطالب باسترجاع الأراضي التي احتلتها إسرائيل.

الورقة قالت أن الاتفاقيات الاقتصادية في هذا السياق جاءت مكملة فقط للاتفاقيات السياسية، ولذلك وعلى الرغم من الرغبة الأميركية في أن تطرح أولاً أجندة اقتصادية للشرق الأوسط، يبقى نجاح الخطة التي ستعرض في مؤتمر المنامة مرتبطاً بشكل وثيق بالشق السياسي لـ"صفقة القرن" الذي لم يطرح بعد.

واستعادت الورقة تصريحاً لجاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الشهر الماضي، قال فيه إن تحقيق تقدم في الجانب الاقتصادي لن يتم إلا إذا كان مقروناً برؤى سياسية، وإذا تم حل الأسس السياسية للصراع.

وخلصت الورقة إلى القول إنه "على الرغم من أن الاستعداد لرصد استثمارات هائلة في الضفة والقطاع قد يشكل جزءاً من عملية تهدف لخلق مناخ مريح للدفع نحو تحقيق الأهداف السياسية، في السياق الإسرائيلي الفلسطيني، إلا أنه على ضوء الفجوات السياسية والإقليمية بين إسرائيل والفلسطينيين، وأيضاً في إثر مستوى الأداء المتدني للجانب الفلسطيني ونظامه عموماً (بما في ذلك حالة الانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية)، هناك حاجة لخطة سياسية خلاقة ومجزية للفلسطينيين، والشواهد التاريخية تعلمنا أنه لا يمكن اعتبار ورشة البحرين والاستثمارات المستقبلية المخطط لها مفتاحاً لحل الصراع طويل الأمد".

 

    • رفض واسع لخطة كوشنر الاقتصادية: "خدعة" لتصفية القضية الفلسطينية

 

تلقى خطة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتصفية القضية الفلسطينية والمعروفة بـ"صفقة القرن"، وأولى مراحلها، خطة "السلام من أجل الازدهار"، كما يصفها معدوها والتي ستعرض استثمارات بقيمة 50 مليار دولار أميركي في مؤتمر البحرين، على فلسطين والدول العربية المجاورة، رفضاً واسعاً فلسطينياً وعربياً.

وأكدت قيادات فلسطينية ورجال أعمال وخبراء اقتصاد في تعقيبهم على تفاصيل الخطة الأميركية المتعلقة بالجانب الاقتصادي من "صفقة القرن"، أنها خدعة كبرى للتغطية على تصفية القضية الفلسطينية برمتها، وأنها ليست خطة لتحسين حياة الفلسطينيين، داعين لرفضها.

وشدد نائب رئيس حركة فتح محمود العالول في تصريحات لـ"العربي الجديد"، على هامش فعالية محلية، تعقيباً على ما كشفه البيت الأبيض عن الجزء الاقتصادي من صفة القرن، المتمثل باستثمار 50 مليار دولار بالاقتصاد الفلسطينيي والأردني والمصري، على أن ذلك يؤكد بوضوح أن العالم كله يسير باتجاه، والشعب الفلسطيني بكل أطيافه يقف معا، مؤكدا في الاتجاه المعاكس، رفضه لصفقة العار، "نحن متمسكون بحقنا ومتماسكون في مواجهة التحديات".

وأكد العالول على أن تلك المشاريع واهية، "يتحدثون عن شيء لا قيمة له، عن شيء فاشل سلفا، وسنفشله بوحدتنا وانسجامنا وبقدرتنا عن الصمود التي أذهلت الجميع".

من جهة أخرى، أكد العالول أن لدى القيادة الفلسطينية مؤشرات كثيرة على الفشل المسبق لورشة المنامة التي دعت إليها الولايات المتحدة الأميركية في البحرين يومي 25 و26 من الشهر الجاري، والتي تتعلق بالشق الاقتصادي من "صفقة القرن".

 

    • ستدعو خطة "الاقتصاد أولاً"، إلى إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصاديات الفلسطينيين والدول العربية المجاورة

 

وقال: "إن المعلومات المتوفرة لدى القيادة الفلسطينية بأن تمثيل المشاركة العربية، وتحديدا من الأردن ومصر الشقيقتين، إضافة لمعظم الدول العربية لن يكون على مستوى عال أبدا، أي ليس على مستوى الرؤساء، بل ليس على مستوى رؤساء الحكومات أيضا، وهذا يدلل دون أدنى شك على الموقف العربي الداعم للموقف الفلسطيني الرافض للورشة ومخرجاتها".

وتابع: "نقدر تماما الضغوطات الهائلة التي تتعرض لها بعض الدول الشقيقة، لكننا نأمل منها رغم هذا أن تقاطع اللقاء، لأن مخرجاته ستكون هزيلة، وفاقدة للشرعية المطلوبة".

وكانت مصر قد أكدت بشكل رسمي مشاركتها في مؤتمر البحرين، وإرسالها وفدا برئاسة نائب وزير الاقتصاد، أما الخارجية الأردنية، فقالت: "إن نائب وزير الاقتصاد الأردني سيترأس الوفد الرسمي الذي سيشارك بمؤتمر البحرين".

من جانبه، يؤكد الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، في تصريحات له، أن ما نشر من تفاصيل حول الخطة الاقتصادية التي ستقدم إلى ورشة البحرين والتي يروج لها كوسيلة لتحسين معيشة الفلسطينيين تؤكد أن الخطة ليست سوى خدعة كبرى للتغطية على تصفية القضية الفلسطينية برمتها، والجميع يعلم أنه ما من بديل اقتصادي أو غير اقتصادي لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، لافتا إلى أنه من المهم تحليل حقيقة الأرقام التي تم إيرادها وتضخيمها، و كذلك فهم المغزى السياسي الحقيقي للمشاريع التي ذكرت.

وشدد البرغوثي على أن هذه خطة ليست لتحسين حياة الفلسطينيين أو معيشتهم أو حل مشاكلهم الاقتصادية، بل خطة لتدمير مستقبلهم الوطني وقدرتهم على البقاء في وطنهم فلسطين، وهي تمس بمصالح الفلسطينيين والشعوب العربية، وتسعى لدق إسفين بين الفلسطينيين والعرب، ولذلك يجب على الفلسطينيين والعرب رفضها جملة وتفصيلا.

وأوضح البرغوثي أنه يوجد ستة نقاط تتضمن الحقائق الرئيسية التي تكشف جوهر الخداع في الخطة المطروحة؛ "رقم خمسين مليار دولار الذي ذكر هو لمدة عشر سنوات أي بمعدل خمسة مليارات سنويا فقط، رقم خمسين مليارا كما ذكر كوشنر يحتوي أفخاخا خطرة فنصف المبلغ المذكور حسب تصريحات كوشنر، أي خمسة وعشرون مليار دولار سيكون قروضا بفوائد وليس منحا، وهذه قروض ستثقل كاهل الفلسطينيين إن نفذت الخطة بمزيد من الديون التي ترهقهم أصلا".

وتابع: "بالإضافة إلى ذلك، فإن 11 مليار دولار من المبلغ المذكور ستكون من رأس المال الخاص الذي سيسعى للربح وليس لدعم الاقتصاد الفلسطيني، ومن المشكوك فيه أصلا أن يمكن جمع هذا المبلغ، بينما أربعة وأربعون في المائة أي حوالي نصف الخمسين مليارا ( 28 مليارا) لن تعطى للفلسطينيين بل ستصرف في الدول العربية المجاورة (مصر والأردن ولبنان) بهدف توطين اللاجئين وتصفية حقوقهم الوطنية في العودة، ولإنهاء وجود وكالة الغوث الدولية، وهي في الواقع محاولة لسلب التبرعات التي تقدم حاليا لوكالة الغوث لدعم اللاجئين الفلسطينيين وتحويلها إلى أموال في خطة كوشنر لتصفية حقوق اللاجئين بعد تدمير وكالة الغوث وخدماتها الصحية والتعليمية".

ويؤكد البرغوثي أنه بالتالي، فإن المنح المقترحة للفلسطينيين لن تتجاوز ثمانية مليارات دولار لعشر سنوات، أي بمعدل 800 مليون سنويا وهو ما تدفعه في المعدل الدول العربية والأوروبية للسلطة الفلسطينية حاليا، أي أن المساعدات الموعودة هي نفس المساعدات الموجودة ولكن سيتم تقييدها، وكذلك جعلها مشروطة بتنازل الفلسطينيين عن القدس وعن حقهم في دولة وعن فلسطين بكاملها بقبولهم لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية لإسرائيل.

ويشير إلى أن ما طرحه كوشنر من مشاريع مقترحة لغزة موجه لفصل غزة بالكامل عن فلسطين، ولربطها بالكامل بجزيرة سيناء المصرية وهذا يستدعي يقظة فلسطينية ومصرية إزاء محاولات تحويل غزة إلى مشكلة مصرية وفصلها بالكامل عن فلسطين.

ويتابع: مصدر معظم الأموال المذكورة الدول العربية، ولكن إن كانت الدول العربية تنوي دعم فلسطين فلماذا تحتاج أن تجعل دعمها مشروطا بتنازل الفلسطينيين عن حقوقهم الوطنية بما في ذلك حقهم في القدس وحقهم في دولة، وحق اللاجئين في العودة، ولماذا تحتاج الدول العربية أن توجه مساعداتها عبر الولايات المتحدة وإسرائيل".

ويعقب الكاتب المختص بالاقتصاد، جعفر صدقة، على الخطة الأميركية في حسابه على موقع "فيسبوك"، قائلا: "القاسم المشترك بين الخطة الاقتصادية لتطوير الاقتصاد الفلسطيني مع ما سبقها من خطط على مدى العقدين الماضيين، أنها تخلو من المضمون السياسي، وتنطلق من فرضية المطلوب لتطوير الاقتصاد الفلسطيني هو الأموال وأداء مختلف للسلطة الفلسطينية، فيما تتجنب بصفاقة العنوان الأساسي وهو إنهاء الاحتلال، وبذلك سيكون الفشل مصير الخطة الأميركية الجديدة كسابقاتها وآخرها خطة كيري".

ويشير إلى أن "أبرز ما في الخطة الاقتصادية الأميركية التي تدعو لإنشاء صندوق بـ50 مليار دولار أن الولايات المتحدة (ستدرس المساهمة) في الصندوق، يا أخي طالما دقيت على صدرك زتلك أكمن دولار. بس ردة عين بلكي قبضنا الموضوع بشوية جد إما صارلك سنتين ثلاث معبي الدنيا صياح وزرعتلنا البحر طحينة وهلا جاي تقولنا (ستدرس)"؟

إلى ذلك، تقول سيدة الأعمال الفلسطينية نانسي صادق في تعقيب لها، على حسابها في "فيسبوك"، "المرحلة القادمة للقطاع الخاص! السلام الاقتصادي والنمو الاقتصادي وصناديق الاستثمار كلها عناوين رنانة للشق الاقتصادي من صفقة القرن وهي لا تختلف كثيرا عن مبادرات وخطط سابقة حملت عناوين مختلفة لكن فحواها واحد! أذكر خطة RAND وخطط الرباعية ومؤتمرات السلام الاقتصادي المشتركة في البحر الميت".

وتابعت: "القطاع الخاص الفلسطيني (الناشئ) سيكون الأداة لتعزيز سيطرة القطاع الخاص الإسرائيلي (المتطور) وفي تمرير سياسات إحلالية. لا عجب من تقديم قروض للسلطة من قبل بعض ممثلي القطاع الخاص والذين ارتبطت أسماؤهم بالمبادرات السابقة".

من نفس القسم دولي