دولي

الضفة على أبواب هبّة شاملة

القلم الفلسطيني

تصريحات السفير الأمريكي ديفيد فريدمان في دويلة الكيان، بأن من حق «إسرائيل» ضمّ أراضٍ إليها من «يهودا والسامرة» (الضفة الغربية)، إضافة إلى أن سياسة الضم الممنهجة تعني تطهيراً عرقيًّا، لأن «إسرائيل» ستتخلص من فلسطينيي هذه المناطق، وهذا يشكل سبباً مهماً للمقاومة.

لقد بلغ عدد الكنس التي بنتها «إسرائيل» في شرقي القدس حتى الآن 20 كنيساً. من جانب آخر صادقت ما تسمى بمحكمة العدل العليا «الإسرائيلية» على صفقة، اشترت في إطارها جمعية «عطیرت كوهانیم» الاستيطانية ثلاثة مبان من الكنیسة الیونانیة الأرثوذكسیة في الحي المسیحي بالقدس. أيضاً تؤكد منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقريرها للعام 2019: «مواصلة «إسرائيل» فرض قيود صارمة وتمييزية على حقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية وتقييد حركة الأشخاص والبضائع منها وإليها، وتسهيل النقل غير القانوني ل«الإسرائيليين» إلى المستوطنات، واستخدام القوة الفتاكة المفرطة في ردها على مظاهرات الفلسطينيين المطالبين بحقوقهم. كما أورد التقرير عدد الشهداء الذين قتلتهم قوات الاحتلال، وكثيرون منهم لم يكونوا يشكلون خطراً عليها، وعدد البيوت التي هدمتها «إسرائيل» خلال العام الماضي، وأوردت قسماً خاصاً عن عذابات الفلسطينيين في القطاع بفعل الحصار، كل هذه الأسباب تشكل أيضاً أسباباً لارتفاع منسوب المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية.

هذه الأوضاع المتفاقمة، إضافة إلى المحاولات الجارية على قدم وساق لتصفية القضية الفلسطينية من خلال ما يسمى ب«صفقة القرن» تشكّل أرضية خصبة لهبّة شعبية شاملة.

في مايو/أيار الماضي، استشهد 36 فلسطينيًّا، بينهم 3 شهداء من الضفة الغربية. كذلك ارتقى 10 أسرى بعد اعتقالهم على يد جيش الاحتلال في السجون الصهيونية، حيث تمارس أقسى وأشرس أنواع التعذيب النفسي والجسدي وسياسة العزل الانفرادي والاقتحامات الليلية والتفتيشات العارية ومنع الزيارات، وسياسة الإهمال الطبي المتعمّد. وغير ذلك من الانتهاكات الفاشية. بالمقابل باتت الاعتقالات في صفوف الفلسطينيين في الضفة مشهداً يوميًّا، أصبحت معه سياسة ثابتة، المتغير الوحيد فيها مدى كثافتها واتساع نطاقها. والاحتلال يظن أنه بلجوئه إلى الاعتقالات قادر على إفراغ الساحة من المقاومين على درب كسر شوكة الفلسطينيين.

لقد اعتقل جيش الاحتلال في مختلف مناطق الضفة الغربية خلال مايو/أيار، 303 فلسطينيين من الضفة، بينهم 39 طفلاً و6 سيدات. وقبل عشرة أيام تفجر الصدام دمويا بين جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني مع قوة عسكرية «إسرائيلية» جنوبي نابلس. وقد تصدرت مدينة القدس قائمة المحافظات التي نفذ فيها الاحتلال حملات اعتقال واسعة، حيث بلغ عدد المعتقلين المقدسيين 74 معتقلاً، عدا عن اعتقال الاحتلال ل 23 شابا من الضفة الغربية خلال اعتكافهم في المسجد الأقصى في العشر الأواخر من شهر رمضان، مع استمرار عمليات الطعن، وآخرها طعن مستوطنين اثنين بالقرب من باب العمود في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك.

من ناحية أخرى، حذر الرئيس السابق لأركان الجيش الصهيوني الجنرال غادي آيزنكوت الولايات المتحدة من تفجر الأوضاع في الضفة الغربية قبل أو بعد نشر ما يسمى ب«صفقة القرن». وذكرت القناة 13 الصهيونية (خاصة) أن تحذير آيزنكوت جاء خلال جلسة مغلقة في البيت الأبيض قبل أسبوعين، بمشاركة شخصيات «إسرائيلية» وأمريكية بينها المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات. إذ أوصى آيزنكوت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بوضع احتمال تفجر الأوضاع بالضفة الغربية في الاعتبار على ضوء اعتزامها نشر بنود الصفقة خلال الأسابيع المقبلة. من جانبه، أشار المسؤول السابق في شعبة الاستخبارات العسكرية «الإسرائيلية» والرئيس الحالي لقسم الدراسات الفلسطينية في مركز «موشيه دايان» في جامعة "تل أبيب" (ميخائيل ميلشطاين) من أن جهات «إسرائيلية» مختلفة تحذر منذ قرابة عقد من تغيير استراتيجي سلبي يتوقع حدوثه في الحلبة الفلسطينية عامة، وفي الضفة الغربية خاصة. وفي مركز هذا التحذير توجد سيناريوهات رعب حول انتفاضة ثالثة وموجات (عنف) وتفكك السلطة الفلسطينية. وأشار (ميلشطاين) في دراسته إلى أن «الهدوء النسبي في الضفة ليس دليلاً على تبدد الهوية والتطلعات القومية للفلسطينيين، وإنما يشكل انعكاساً لصياغة جديدة للغايات الجماعية ملائمة للتغيرات في البعد الجيواستراتيجي، والتحولات الحاصلة في صورة المجتمع الفلسطيني».

نعم، رغم كل طرق القتل الوحشية وغيرها من الفظائع «الإسرائيلية»، يتوقع «الخبراء الأعداء» أن شعبنا الفلسطيني سيواصل المقاومة، وأن الضفة الغربية تتكامل مع القطاع والمنطقة المحتلة عام 1948، فكل فلسطين هي ساحة للمقاومة.

فايز رشيد

 

من نفس القسم دولي