دولي
بعد زيادة رواتب الوزراء "خلسة" .. من يحمي المال العام؟
أقلية تستحوذ على 70 بالمائة من فاتورة الرواتب
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 09 جوان 2019
قال مراقبون اقتصاديون وقانونيون: إن تكرار التجاوزات المالية في مؤسسات السلطة وأجهزتها يتطلب موقفًا حازمًا حمايةً للمال العام، مطالبين بتفعيل دور الديوان العام للرقابة المالية والإدارية ومؤسسة مكافحة الفساد ومؤسسات المجتمع المدني، مؤكدين أهمية مراجعة شاملة لهيكل الرواتب على مستوى الوزارات والمؤسسات العامة بما يحقق الإنصاف للجميع.
حديثهم يأتي في أعقاب اتهامات جديدة وجهت إلى حكومة رامي الحمد الله السابقة بتجاوزات مالية في وقت تعاني فيه السلطة أزمة مالية انعكست على رواتب عشرات آلاف الموظفين العموميين.
وكانت وسائل إعلام نقلت عن مصدر أن حكومة الحمد الله صرفت زيادات على رواتب الوزراء بقيمة 2000 دولار شهريًّا بسرية تامة، دون أي اعتماد من الجهات المختصة داخل وخارج وزارة المالية، وقال المصدر: إن كل وزير سابق تقاضى (100) ألف دولار عن كل الفترة من تاريخ حلف اليمين في التعديل الثاني في ديسمبر/ كانون الأول 2015 (خمسون شهرًا) مضروبًا بـ( 2000) دولار إضافة إلى (10) آلاف دولار بدل إيجار بيت عن كل سنة.
كما تبين أيضًا أن (28) وزيرًا منهم (11) يرأسون دوائر مثل ديوان الرقابة المالية والإدارية قبضوا مبلغ (110) آلاف دولار لكل واحد منهم، غير رواتبهم التي بلغت خلال المدّة نفسها (150000) دولار لكل وزير.
ويتبين مما ذكر أن كل وزير سابق حصل فقط من تاريخ كانون الأول 2015 بين رواتب فعلية وزيادة غير قانونية على (260) ألف دولار سنويًّا، وهذا لا يشمل البدلات الأخرى من وقود وهاتف وبدل سفريات، وبين المصدر أن رواتب الوزراء تصرف بالشيكل مع ثبات سعر الدولار بأعلى قيمة ممكن أن يصلها (4.2) شيكل أي بزيادة تقريبًا (500) دولار شهريًّا عن السعر الرسمي في السوق، بمعنى أن كل وزير زاد راتبه فعليًّا (2500) دولار.
وبيّن الاختصاصي الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم، أن عدم فعالية النظام الرقابي المالي الداخلي المتبع في مؤسسات السلطة يسمح بوجود فساد مالي وإداري، وبين عبد الكريم أن البيئة السياسية الفلسطينية لو تعطى مساحة من الحرية والديمقراطية في التعبير، لظهر كم كبير من التجاوزات المالية.
وعبر عن استهجانه للسلوك التناقضي المتبع في أجهزة السلطة، حيث إنه في الوقت الذي تتحدث فيه حكومات السلطة عن أزمات مالية، وتراجع الدعم الدولي، واتباعها سياسية تقشف، ترتكب تجاوزات مالية.
ويرى عبد الكريم أن نشر التجاوزات المذكورة آنفًا "إن صحت" قد تكون تصفية حسابات بين الحكومة السابقة وأفراد أو جماعات تضررت، مؤكدًا أنه كان الأجدر أن يكشف عن تلك التجاوزات حين كانت الحكومة على رأس عملها.
بدوره قال الاختصاصي الاقتصادي سمير الدقران: إن الفساد ليس بجديد في أجهزة السلطة، فهو قائم، سواء داخل حكومة الحمد الله أو قبلها، كما أن حكومة محمد اشتية هي وجه آخر لغيرها، وبيّن الدقران أن الكشف عن تلك التجاوزات قد يكون مقدمة لمرحلة جديدة للفساد بأسلوب جديد، مبينًا أن تقارير مؤسسة أمان تؤكد أن السلطة تضرب عرض الحائط بالقوانين وتتجاوزها.
من جانبه قال المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) عمار دويك: إن هناك خللًا واضحًا على المستويين الأفقي والعمودي في هيكل الرواتب العامة للسلطة، وأوضح دويك في منشور على حسابه في فيسبوك أن هناك فجوة كبيرة على المستوى العمودي في سلم الرواتب بين الفئات العليا والفئات الأقل.
وبين أن 30% من موظفي السلطة يتقاضون 70% من فاتورة الرواتب، والعكس صحيح (أي 70% من موظفي السلطة يحصلون على ما لا يتجاوز 30% من فاتورة الرواتب).
أما على المستوى الأفقي -وفق دويك- لا توجد عدالة في الرواتب بين مؤسسات السلطة المختلفة؛ ففي حين أن رواتب بعض المؤسسات الرسمية تعدُّ أعلى من القطاع الخاص، وتنافس المؤسسات الدولية، يجد أقرانهم في الوزارات والمؤسسات الأخرى الذين يقومون بوظائف مماثلة، أن رواتبهم تتآكل ولا تلبي الحد الأدنى من العيش الكريم لهم ولأسرهم.
وأضاف: "على سبيل المثال، يتقاضى موظف إداري في إحدى المؤسسات العامة راتبا يصل نحو 1800 دولار شهريًّا في حين أن نظيره الذي يقوم بذات العمل في الوزرات يتقاضى 1800 شيكل".
ولفت دويك إلى أن سلم الرواتب في بعض الوظائف (مثل: القضاة والوزراء) لم تتم مراجعتها بما يواكب التضخم وغلاء المعيشة منذ أكثر من 15 سنة، وشدد على أن ذلك يتطلب مراجعة شاملة لهيكل الرواتب على مستوى الوزارات والمؤسسات العامة بما يحقق الإنصاف للجميع.