دولي

العلاقة الطردية بين الانتخابات الإسرائيلية وضم الضفة الغربية

القلم الفلسطيني

بالتزامن مع الدعوة لإجراء انتخابات إسرائيلية مبكرة، هي الثانية خلال عام واحد، من المتوقع أن تتزايد الدعوات الإسرائيلية للتسريع بضم الضفة الغربية، في ظل حملة انتخابية ستكون حامية الوطيس، واستقطاب حزبي عز نظيره.

مع العلم أن موضوع ضم الضفة الغربية كان على رأس جدول أعمال الكنيست الحادي والعشرين الذي أعلن حل نفسه قبل أيام، ويتوقع أن يدرجه اليمين الإسرائيلي، إما على أجندة حكومة تسيير الأعمال القائمة الحالية، أو أمام الكنيست الثانية والعشرين.

تزايد هذه الدعوات، واحتمال تعزيزها بقرب الإعلان عن صفقة القرن، التي قد تؤجل بفعل الأزمة الحكومية الإسرائيلية، يقابله ارتفاع مستوى التحذيرات الإسرائيلية من خطورة قرار الضفة الغربية، باعتباره سيكون الكابوس الأمني لـ"إسرائيل"، وأن الوعود الانتخابية لمعسكر اليمين ستشكل مخاطر جمة على الأمن الإسرائيلي والمشروع الصهيوني، لأن هذا الضم سيأخذ الدولة نحو تحركات تدميرية غير مسبوقة.

ينطلق الرافضون الإسرائيليون لخطوة الضم المتوقعة للضفة الغربية من فرضية أن الحدود الشرقية لـ"إسرائيل" مؤمنة ومحافظ عليها، وبالتالي فلا يكون هناك معنى لأي مطلب أو توجه بمد سيطرتها على المناطق السكنية الفلسطينية بحجة الحفاظ على أمن الدولة من المخاطر الماثلة، لاسيما إن كان الضم سيتم دون اتفاق سياسي مع الفلسطينيين.

كما أن غالبية الجمهور الإسرائيلي يعتقد جازما أن الواقع السياسي القائم يأخذهم إلى تدهور أمني يهدد الغالبية اليهودية في الدولة الواحدة والوحيدة لليهود في العالم، لكن زعماءها يهربون من هذا الاستحقاق والحسم.

ورغم أن الإسرائيليين يعرفون المعطيات السائدة التي تفيد بأنه بين الأردن والبحر المتوسط يعيش 15 مليون نسمة، نصفهم ليسوا يهودا، فإن هذا الواقع قابل للتغيير في حال قررت "إسرائيل" الاستجابة لمطالب حزبية أو وعود انتخابية بأن تعلن عن ضم الضفة الغربية إليها، مما يطرح سؤالا حول الداعي للقيام بخطوة تبدو مغامرة بموجبها يتم تنفيذ قرار أحادي بضم الضفة الغربية.

تعرب أوساط أمنية وعسكرية إسرائيلية وازنة أن ضم الضفة الغربية لـ"إسرائيل" سيسفر بالضرورة عن إشعال الأراضي الفلسطينية، وتعريض حياة الإسرائيليين للخطر، ويبعد أي إمكانية لتحقيق تسوية مستقبلية يبدو أنها تبتعد اليوم أكثر من أي وقت مضى.

كما أن أي قرار بضم الضفة الغربية سيشكل لأجهزة الأمن الإسرائيلية كابوسا تخشى أن يتحقق؛ لأنه يعني القيام برعاية شؤون 2.6 مليون فلسطيني، والمغامرة بمستقبل الدولة اليهودية، وتحويلها مع مرور الوقت إلى دولة واحدة بأقلية يهودية، ما يعني القضاء على المشروع الصهيوني الذي نجح قبل 71 عاما بإقامة دولة الاحتلال الإسرائيلي.

يبدو أن نظرية المؤامرة حول حقيقة فشل نتنياهو في تشكيل حكومته الخامسة، مما أدى لحل الكنيست 21 بعد أقل من شهر ونصف من أدائها للقسم، وتحديد موعد جديد للانتخابات في 17-9 يبدو أن هذه النظرية قد بدأت تجد لها أنصارًا في "إسرائيل"، فقد كتب أحد كبار المحللين الاقتصاديين المعتبرين في "إسرائيل" لصحيفة يديعوت احرنوت مقالا زعم فيه أن نتنياهو تعمد الفشل في تركيب الحكومة لأسبابه الخاصة. فهل يمكن أن يكون ذلك صحيحا؟ ولماذا فعل نتنياهو ذلك؟ 

قد يكون نتنياهو قد فعل ذلك، وفق نظرية المؤامرة لأحد سببين أو كليهما معا؛ الأول: وهو ما يراه سيفر بلوتسكر سالف الذكر من أن أعضاء الكنيست المنتخبين من الليكود لم يظهروا الرغبة الكافية في تمرير قانون الحصانة الذي يمنح نتنياهو القدرة على التملص من المحاكمة، لذا أراد أن يغير هذه التركيبة ويمارس المزيد من الضغوطات على بعض أعضاء الكنيست من خلال إعادة الانتخابات.

وقد يعتمد هذا التحليل على حقيقة كون الهدف المركزي لنتنياهو في هذه المرحلة هو التملص من ثلاثة لوائح اتهام تهدد حياته السياسية وتنهيها أسيرا في سجن الرملة كما أولمرت ورئيس الدولة موشيه كتساف، لكنه يتجاهل حقيقة وجود مؤسسات وقوى ولاعبين وازنين آخرين في النظام السياسي الإسرائيلي.

أما السبب الثاني أن نتنياهو أراد التملص من بعض استحقاقات الإعلان عن خطة ترمب، تلك الخطة التي يرفضها نتنياهو حقيقة الأمر، لكنه لا يجرؤ على مواجهة ترمب على الرغم من أنها تحقق له ما لم يكن يخطر له ببال، وعلى رأس ذلك قضية القدس واللاجئين والجولان، كل ذلك لا يكفي لنتنياهو لتمرير الخطة في أوساط جمهوره وأنصاره الذين يدعمون حل الابرتهايد لا حل الدولتين ولا حتى حل الحكم الذاتي المطروح. ومع أن ما سلف من موقف نتنياهو من خطة ترمب صحيح إلى درجة كبيرة، إلا أن هذا لا يكفي لأن يكون دليلا على قدرة نتنياهو ورغبته بعدم تشكيل الحكومة. 

قد يظهر تحليل المؤامرة نتنياهو رجلا ساحرا وخارقا للعادة! فهو يتحكم حتى بأصغر اللاعبين السياسيين في "إسرائيل"! فلهذا السبب على الأقل من المستبعد جدا أن يكون تحليل المؤامرة، أي تعمد نتنياهو الفشل في الانتخابات صحيحا مع وجود احتمالية ضئيلة لذلك، فالسياسة لا تعرف المستحيل.

عدنان أبو عامر

 

من نفس القسم دولي