دولي

عن أي تقشف تتحدث حكومة اشتية؟!

علاوات للوزراء وترقيات خارج القانون

منذ أشهر أعلنت السلطة أنها تعاني من أزمة مالية خانقة وشديدة، جراء أزمة المقاصة، وشرعت بصرف رواتب غير كاملة لموظفيها في الضفة وغزة (يجدر ذكره أنه في غزة تصرف الرواتب بنسب تتراوح تقترب من 50% منذ عامين في إطار العقوبات) إلا أن وثائق تم كشفها حول زيادات للوزراء ورئيس الحكومة أثارات ضجة وطرحت أسئلة كثيرة عن حقيقة التقشف.

أعلن محمد اشتية رئيس حكومة رام الله التابعة لفتح، سلسلة إجراءات تقشفية لمواجهة ما أسماها أزمة مالية خانقة لم يسبق لها مثيل، إلا أن ما كشفته بعض الوثائق، وحديث لبعض المسؤولين والوزراء، أثبت أن الأمور تسير عكس ذلك، ويطرح تساؤلات على من يسري التقشف إن كانت على المواطنين والطبقات الدنيا والشرائح المهمشة.

 

    • وثائق وزيادات!

 

فقد أثارت وثائق تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حول رفع الحكومة برام الله التابعة لـ"فتح"، رواتب الوزراء إلى 5 آلاف دولار انتقادات واسعة للحكومة التي تتحدث عن أزمات اقتصادية، في حين أقرت الحكومة بصحة الوثائق معلنة أن الزيادة مقرّة من حكومة رامي الحمد الله.

وأظهرت الوثائق وهي عبارة عن مراسلات بين الحكومة وهيئة التقاعد رفع رواتب الوزراء من 3 آلاف دولار إلى 5 آلاف دولار، ورئيسها من 4 إلى 6 آلاف دولار.

وجاء القرار المؤرخ في 21 مايو الجاري متناقضا مع إعلان الحكومة الحالية وسابقتها عن خطط للتقشف بعد انخفاض الدعم الدولي، وما تبع ذلك من أزمة اقتطاع سلطات الاحتلال أموال المقاصة، والذي ترتب عليه دفع رواتب مقلصة للموظفين في القطاع العمومي.

وقال الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا: "الحكومة في رام الله تقرر مواجهة الأزمة المالية وصفقة القرن برفع راتب رئيس الحكومة من 4000 دولار إلى 6000 دولار، وكذلك رواتب الوزراء ورؤساء الهيئات ومن بحكمهم... عمار يا بلد".

 

    • حكومة اشتية تقر وتتهرب!

 

وأقرت حكومة اشتية بصحة الوثائق، ولكنها ادعت أن الزيادة مقرة من حكومة رامي الحمد الله.وقال الأمين العام لمجلس الوزراء أمجد غانم: إن الوثائق المسربة التي نشرتها بعض المواقع هي مراسلات داخلية بين هيئة التقاعد والأمانة العامة لمجلس الوزراء بخصوص معاملات الرواتب التقاعدية للوزراء السابقين، وأوضح أن الحكومة السابقة أصدرت قرارًا منذ عامين برفع رواتب الوزراء وعملت به، ولكنه لم يؤطر لدى هيئة التقاعد ما استدعى الهيئة لتوثيق ذلك، وهذا ما عكسه الكتاب الموقع من رئيس هيئة التقاعد.

وادعى غانم أن الحكومة لم تتخذ أيّ إجراء جديد لرفع رواتب وزراء الحكومة الحالية ولم تطالب بذلك، إذ أبقي الوضع على ما هو عليه من الحكومة السابقة.وأشار إلى أن رواتب الوزراء الحاليين ينطبق عليها ما ينطبق على جميع الموظفين الحكوميين من النسب وإجراءات الخصم.

 

    • وزير سابق يتحدث عن مخالفة

 

كما كشف وزير التنمية الاجتماعية الأسبق شوقي العيسة أن الحكومة السابقة (حكومة الحمد الله)، ارتكبت مخالفة صارخة للقانون الساري المفعول، بما يتعلق بزيادة رواتب الوزراء دون الحصول على قرار من رئيس السلطة محمود عباس.وكتب الوزير السابق العيسة في منشور له عبر صفحته على "فيس بوك"، "عندما كنت في الحكومة كان بعض الوزراء كثيرا ما يطالبون بذلك خارج الاجتماعات، وفي أحد الأيام تحدث معي ثلاثة وزراء طالبين دعمي لرفع الرواتب وأن أطرح الموضوع في الجلسة، قلت لهم إنني ضد مطالبهم بقوة، ومن العيب الحديث في هذا الموضوع في ظل الظروف التي نعيشها".وتابع "بعد ذلك تفاجأت في بداية إحدى الجلسات الرسمية بأحد الوزراء يطلب من رئيس الحكومة، إضافة بند على جدول الأعمال حول رفع رواتب الوزراء، وقال إنه يتحدث باسم الوزراء باستثناء شوقي العيسة".

وقال العيسة "يومها والحق يقال، قال رئيس الحكومة أنا مع شوقي ضد رفع الرواتب، وانتهى الموضوع دون نقاش".وأضاف "بعد تركي للحكومة قيل لي إن رئيس الحكومة غيّر رأيه وصدر قرار بزيادة الرواتب، وحين استفسرت عن قانونية القرار قيل إن الرئيس أصدر قرارا بقانون بخصوص ذلك".

وأشار إلى أنه بخصوص ما سرب من كتب متبادلة بين رئيس هيئة التقاعد وأمين عام مجلس الوزراء ودائرة الشؤون القانونية في مجلس الوزراء، "يتبين أنه لم يصدر عن الرئيس قرار بقانون لتعديل قانون الرواتب".وقال العيسة "بذلك يكون قرار الحكومة السابقة مخالف للقانون وارتكاب مخالفة صارخة للقانون".

 

    • الحمد الله يتنصل

 

وفي السياق، قال رئيس الوزراء السابق رامي الحمد الله، إن رئيس السلطة محمود عباس "وافق" على زيادة رواتب وزراء حكومته، وذلك بصرف بدل غلاء معيشة، عقب اتهامات له بصرف تلك الزيادة دون إقرارها من عباس.وأوضح الحمد الله في منشور على حسابه في فيسبوك أن مجلس الوزراء –في عهده- "لم يصدر أية قرارات بخصوص أية زيادة لوزراء حكومته أو لنفسه".

إلا أنه استدرك بالقول: "الذي حدث هو أن عددًا من الوزراء عام 2017 توجهوا إلى فخامة الرئيس (عباس) بطلب زيادة على رواتبهم بدل غلاء معيشة ووافق على ذلك".ولفت الحمد الله إلى أن تلك الزيادة "واردة في قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لعام 2004".

وجه عضو المجلس الثوري لحركة فتح بسام زكارنة رسالة إلى رئيس حكومة رام الله محمد اشتية، على خلفية وثائق رفع رواتب الوزراء التي أثارت ضجة كبيرة جدًّا في سياق أزمة مالية تمر بها السلطة الفلسطينية.

وقال زكارنة في الرسالة تداولتها مواقع إخبارية فلسطينية "أنت قلت إن القانون فوق الجميع... ونحن نثق بك.... وندعم هذه السياسة.... وأشكرك وحكومتك بعدم التسرع باتخاذ قرار لاعتماد رواتب الوزراء السابقين وتقاعدهم التي تمت وحسب رسالة رئيس هيئة التأمين والمعاشات دون قانون معتمد من السيد الرئيس.... وقمت بتحويله للمستشار القانوني، وهذا إجراء سليم .!!".

وتابع في الرسالة: "ونقول لدولتكم: القرار مخالف للقانون.. القرار مخالف لسياسات الوطن المعلنه وتعليمات الرئيس بالتقشف.. القرار يسيء لكم ولحكومتكم إذا حصلتم على نفس المبالغ.!".وأكمل قائلا: أنتم الآن المرجع اعتماد الخلل أو الموافقة عليه ستتحملون أنتم وزره. القرار يشمل 11 شخصا آخر غير الحكومة السابقة ممن هم رؤساء دوائر بدرجة وزير.... منهم رؤساء دوائر دورهم المفروض رقابي على تطبيق القانون!!!

ومضى يقول زكارنة في رسالته: "هل تعلم دكتور محمد أنه معتمد ومثبت سعر صرف الدولار للوزراء 4 شيكل مختلفًا عن سعر صرف السوق!!!".وتساءل: "هل تعلم أن الصرف تم بأثر رجعي لمدة سنتين تقريبا حصل كل وزير على 48 ألف دولار في ظل عجزنا عن دفع رواتب الموظفين!؟!؟".كما تساءل: "هل تعلم أن المبالغ التي صرفت لا يوجد لها بند في قانون الموازنه العامة!!!!! وهذا الأخطر".

وتساءل أيضا: "هل تعلم أنه من تاريخ ٢٠١٩/١/٢٩ عندما استقالت الحكومة تم تعيين وترقيات مئات الموظفين، وهذاااا ممنوع لحكومة تسيّر الأعمال، وغير قانوني.. لدينا أسماء!!، وصرفت لهم رواتب وترقيات دون اعتمادكم!!!!!".كما قال: نطلب وكلنا ثقة بكم .... وأن القانون لديكم فوق الجميع.... إلغاء القرار فيما يتعلق بالوزراء، وإلغاء كل القرارات غير القانونية بعد تاريخ ٢٠١٩/١/٢٩... في ظل حالة التقشف التي نعيشها، وتشكيل لجنة لحصر كل المخالفات والمحاسبة وفق القانون. وإذا كان هناك فساد تحويل الملف لمكافحة الفساد.

 

    • بالدولار وبسعر أعلى من السوق!

 

كما قال النائب في المجلس التشريعي عزمي الشعيبي، إن الحكومة السابقة قامت خلال السنتين الأخيرتين برفع سقف راتب الوزير ورئيس الوزراء وتحديد سعر صرف الدولار لهم بشكل أكبر مما هو متداول في السوق، دون سند دستوري وقانوني".وأوضح الشعيبي، أنه خلال العامين الأخيرين جرى طرح مشروع قانون لتعديل قانون هيئة التقاعد وفي إطار هذه العملية تم إدخال مواد تتعلق برواتب الوزراء بخلاف القانون والدستور، في شكل من أشكال التحايل، بالرغم من ان هناك قانون خاص بالرواتب.

ولفت الشعيبي إلى ان الحكومة تراجعت عن هذه المواد بعد احتجاج مؤسسات المجتمع المدني لكنها عملت بشكل سري ودون إعلام أحد على زيادة رواتب الوزراء ورئيس الوزراء باتفاق داخلي بين رئيس الحكومة ووزير المالية.وبين الشعيبي أن تثبيت سعر صرف الدولار على 4.2 لرواتب اعضاء الحكومة، هومخالف للقانون.

بدوره، قال يوسف الزمر المحاسب العام السابق للسلطة، إن رواتب الوزراء وفق القانون بعملة الدولار، ولكنها عند الصرف تصرف بالشيكل الاسرائيلي ومن هنا جاءت مسألة تثبيت سعر الصرف بقيمة 4.2 منذ اللحظة الأولى التي طبق فيها القانون، علما أن القانون الذي تخضع لها رواتب الوزراء واعضاء التشريعي والمحافظين مختلف عن قانون الخدمة المدنية الذي يشمل نص حول غلاء المعيشة، مضيفا أن سعر التثبيت هو أعلى سعر يمكن أن يصل له الدولار، وفق قوله.

من نفس القسم دولي