دولي

فرض "السلام الاقتصادي": مؤتمر تصفية القضية الفلسطينية في المنامة

حماس تطالب الدول العربية بمقاطعة الورشة الاقتصادية في البحرين

    • "الشعبية" تُحذّر من خطورة ورشة البحرين الاقتصادية وتدعو لموقف وطني موحد

 

برشوة مالية تستعد إدارة دونالد ترامب رسمياً لشرعنة مسار "صفقة القرن" التي بدأت تنفيذها منذ عامين، والتي تعتبرها خطة للسلام في الشرق الأوسط، فيما تهدف فعلياً لتصفية القضية الفلسطينية، وذلك بعد أشهر من التمهيد لها على الأرض، ورسم خطوطها عبر ضغوط متصاعدة على الفلسطينيين، ومحاولة خنق القيادة في رام الله مالياً، هذه الرشوة ستكون التوصيف الأبرز للمؤتمر الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة والبحرين في المنامة يومي 25 و26 جوان المقبل، بهدف مناقشة الجانب الاقتصادي للخطة، أو بشكل أدق لفرض "سلام اقتصادي" ينص على تقديم بعض الأموال والاستثمارات في مقابل تخلي الفلسطينيين عن قضيتهم وأرضهم وحقوقهم الوطنية.

اختارت إدارة ترامب عبر ورشة العمل هذه التي سمّتها "من السلام إلى الازدهار"، وتُنظّم بالتعاون مع السلطات البحرينية، إطلاق صفقتها التي أعدها مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر، وبقيت طي الكتمان حتى الساعة، من الجانب الاقتصادي، لإظهار فوائد "السلام" على المنطقة، خصوصاً على الفلسطينيين، علماً أن الخطة يُتوقع أن تكون بتمويل خليجي. وبالتالي فإن ترامب وكوشنر قررا اعتماد نهج رجال الأعمال تجاه السلام، عبر محاولة "شراء طريق" للتوصل إلى الاتفاق. وستكون الحكومة الإسرائيلية ورجال أعمال إسرائيليين حاضرين في المؤتمر، ما سيمثّل نقطة تحوّل في مسار التطبيع بين إسرائيل والدول العربية. في المقابل، فإن السلطة الفلسطينية التي أكدت أنها لم تُستشر في التحضير لهذا المؤتمر، شددت على أنها لن تخضع للابتزاز ولن تقايض الحقوق الوطنية بالأموال.

ويبدو أن فريق ترامب للشرق الأوسط، بقيادة كوشنر والمبعوث الخاص للمنطقة جيسون غرينبلات، ينوي التركيز في بادئ الأمر على المنافع الاقتصادية المحتملة لـ"صفقة القرن". ونقلت شبكة "سي أن أن" عن مصدر أميركي مسؤول، قوله إن الجزء الأول من "صفقة القرن" يبدأ بالاقتصاد، مضيفاً أن الخطة ستتضمن 4 عناصر، وهي: البنية التحتية، والصناعة، والتمكين والاستثمار في الشعوب، بالإضافة إلى الإصلاحات الحكومية، وذلك من أجل خلق بيئة جاذبة للاستثمار بالمنطقة.

وذكرت وكالة "الأناضول" أن رجال أعمال فلسطينيين، ومؤسسات واتحادات اقتصادية وتجارية، تلقوا دعوات للمشاركة في أعمال المؤتمر. وأكد رجل الأعمال الفلسطيني إبراهيم برهم، تلقيه دعوة للمشاركة في الورشة، مشيراً إلى أنه لن يشارك فيها من دون قرار وطني. بينما قال بشار المصري، وهو رجل أعمال فلسطيني بارز، إنه تلقى دعوة للمشاركة في الورشة. وأضاف على صفحته الرسمية في موقع "فيسبوك": "لن أشارك في المؤتمر، ولن يشارك فيه أي ممثل عن شركاتنا أو في أي من نتائجه وتوابعه".وفي توصيف لهذا المؤتمر، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن ترامب وصهره قررا اعتماد نهج رجل أعمال تجاه السلام في الشرق الأوسط، عبر محاولة "شراء طريق" للتوصل إلى اتفاق سلام. وبحسب الصحيفة، تكمن الفكرة في تأمين التزامات مالية من دول الخليج وكذلك الجهات المانحة في أوروبا وآسيا لحث الفلسطينيين وحلفائهم على تقديم تنازلات سياسية. وأشار البيت الأبيض إلى أنه يسعى للحصول على عشرات المليارات من الدولارات، لكنه لم يحدد رقماً دقيقاً، فيما قيل للدبلوماسيين والمشرعين إن الهدف هو حوالي 68 مليار دولار للفلسطينيين ومصر والأردن ولبنان، بحسب الصحيفة.

 

    • المؤتمر يهدف فقط إلى تقديم "رشوة مالية" من العرب للفلسطينيين لإغرائهم للتنازل عن حقوقهم السياسية

 

في السياق، اعتبرت معلقة الشؤون الأميركية في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أورلي أوزلاي كاتس، أن المؤتمر يهدف فقط إلى تقديم "رشوة مالية" من العرب للفلسطينيين لإغرائهم للتنازل عن حقوقهم السياسية. وفي مقال نشره موقع "يديعوت" أمس، شددت كاتس على أن عقد مؤتمر المنامة يدل على أن "صفقة القرن لا تهدف إلى تحقيق السلام وتسوية الصراع، بل إلى محاولة دفع الفلسطينيين للتفريط بحقوقهم السياسية مقابل المال". وأضافت أن فكرة تنظيم مؤتمر المنامة تشير إلى أنه "على رأس الإدارة الأميركية أشخاص يعتقدون أنه بواسطة المال يستطيعون شراء كل شيء". وحسب أوزلاي، فإن الدفع نحو مؤتمر المنامة يعكس "فكراً كولونيالياً غربياً يقوم على افتراض مفاده بأنه في حال أمطرنا الفلسطينيين بالمال فإنهم سيصبحون أكثر خضوعاً".

من جهته، تساءل معلّق الشؤون العربية في إذاعة الجيش الإسرائيلي، جاكي حوكي، "كيف بإمكان الإدارة الأميركية أن تطرح خطتها للتسوية، في الوقت الذي تشتبك فيه سياسياً مع السلطة الفلسطينية، التي يفترض أن تكون طرفاً رئيسياً في هذه الصفقة؟".

لكن أخطر دلالات انعقاد مؤتمر المنامة تكمن في حقيقة أن الدول العربية التي ستشارك فيه، تمنح تأييداً ضمنياً للسياسات التي تطبقها إسرائيل والهادفة إلى حسم مصير الضفة الغربية عبر التمهيد لضم مناطق شاسعة منها. ويتناقض التبرير الذي تقدّمه بعض الدول العربية لتسويغ حماستها للمشاركة في المؤتمر بالحرص على "رفاهية ورخاء" الفلسطينيين في الوقت الذي صمتت فيه قيادات هذه الدول عن إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيراً أن إسرائيل ستضم التجمّعات الاستيطانية في الضفة الغربية والمستوطنات النائية إليها. ويرى معظم المراقبين في إسرائيل أن هناك توافقاً مسبقاً بين ترامب ونتنياهو، يقوم على استغلال الأخير الرفض الفلسطيني المتوقع لـ"صفقة القرن" في تبرير إصداره قراراً بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، على أن يُقدم الرئيس الأميركي لاحقاً على إصدار قرار بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على المناطق التي تم ضمها.

 

    • "الشعبية" تُحذّر من خطورة ورشة البحرين الاقتصادية وتدعو لموقف وطني موحد

 

هذا وحذرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من خطورة ما تُسمّى "الورشة الاقتصادية"، المقرر عقدها في البحرين، تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار"، والتي أُعلن أنها المرحلة الأولى من صفقة القرن، ورأت الجبهة أنّ عقد الورشة في البحرين لا يعدو كونه منصّة لإعلان الانخراط الرسمي العربي بغالبيته في تبني "صفقة القرن"، وتبني رؤية نتنياهو المدعومة أمريكيًّا لما يُسمى السلام الاقتصادي، كحلٍ للصراع العربي والفلسطيني مع الكيان الصهيوني.

دعت إلى موقفٍ فلسطينيّ موّحد يعلن رفض أيّة مشاركة رسمية أو غيرها في ورشة البحرين المسمومة، ومحاسبة من يخرج على هذا الموقف، ومقاومة أيّ نتائج تصدر عنها، كجزءٍ من مقاومتنا الشاملة "لصفقة القرن" التي تستهدف تصفية قضيتنا وحقوقنا الوطنية.

كما دعت الجبهة، رئاسة السلطة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إلى إعلان موقف واضح وصريح لا لبس فيه، برفض ومقاومة ورشة البحرين، والمبادرة بالدعوة إلى عقد اجتماع عاجل للجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية، من أجل الاتفاق على خطة موحدة، وسياسات مشتركة تتصدى لمخطط تصفية القضية على مختلف الجبهات، كما طالبت بالتحرك العاجل لقطع الطريق على أي مساعٍ لاستصدار قرارات داعمة لورشة البحرين المشبوهة، من القمتين الخليجية والعربية التي دعا إليهما العاهل السعودي نهاية هذا الشهر، وعدم السماح بأي حالٍ من الأحوال لأنّ تتبنّى القمّتان، صراحة أو مواربة صفقة القرن التصفوية.

في حين طالبت حماس، الدول العربية بعدم تلبية دعوات المشاركة، فيما سمي "ورشة عمل اقتصادية" في يونيو/حزيران المقبل في العاصمة البحرينية المنامة، ودعتها للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني بكل الوسائل والأدوات، ودعمه لمواجهة الخطة الأمريكية وإفشالها.

من نفس القسم دولي